lundi 26 décembre 2011

في الألقاب

يتداول التونسيون على صفحات الفيسبوك لقبا لوزير الخارجية الجديد وهو"بوشلاكة" أي "أبو شلاكة". ويبدو أنه لقبه فعلاً. يفعلون ذلك منابزة، وهو أمر غير مقبول في نظري، مهما كانت درجة الاعتراض على توزير الرجل... برأيي، إن أول من جعل  هذا اللقب مستهدفا هو رئيس الوزراء الذي أسقطه فلم يذكره، وكأنه معرّة لحامله، عندما سمّى في المجلس التأسيسي لوزارة الخارجية، فاكتفى بذكر اسم الوزير واسم أبيه رفيق بن عبد السلام فحسب... وما كان على رئيس الوزراء أن يفعل ذلك وﻻ للسيد رفيق أن يوافقه عليه، لأن المرء ﻻ يختار عائلته وﻻ لقبه. ووزير الخارجية بينه وبين لقبه عشرة 47 سنة، فكيف يتنكر له بسبب الوزارة ويتخلّى عنه، والحال أن ما يشين المرء ليس لقبا ورثه وإنما أفعاله

  فلنتحدث قليلاً عن الشلاكة، وهي نوع من النعال الخفيفة كثير التداول في كل أصقاع العالم بما في ذلك تونس. في تونس، أغلب أنواع الشلائك، شلايك بالتونسي، هي محلية الصنع ومنها النسائي ومنها الرجالي. وتلبس الشلاكة في البيت وخارج البيت وﻻ تلبس في المناسبات الرسمية. وهي تحمل إضافة إلى معناها الأصلي معنى مصاحبا سلبيا، وهو انعدام القيمة بسبب بخس ثمنها وكثرة ما تجرجر على الأرض. ويُقال: فلان شلاكة، أي ما يصلح لشيء، أو شلّكه أي حطّ من قدره. ورأيت الشلاكة تنتعل كثيرا في المشرق وفي دول الخليج ينتعلها العامّة وينتعلها الملوك، رأيتها في أقدام ملوك وأمراء مثل ملك السعودية وأمراء قطر والإمارات في مناسبات رسمية. ويبدو أن للشلاكة في أقدام هؤﻻء شأن آخر

ويروى عن الرئيس الحبيب بورقيبة أنه ألقى خطابا في بدايات الاستقلال دعا فيه التونسيين الذين تدل  ألقابهم  على عيب، أو تمثل حرجا بالنسبة إليهم، إلى استبدالها بالقاب ألطف منها. فتحولت ألقاب مثل "المذبوح" إلى "الممدوح"، ولقب "الدبّ" إلى "الأدب"  و"المعوّج" إلى "المقدود" والقائمة تطول... ويبدو أن عائلة بوشلاكة على خلاف سليلها لم تستنكف من لقبها وتمسكت به وهذا يحسب لها... ومما يروى من أخبار طريفة من فترة تحسين الألقاب أن أحدهم توجه إلى دار البلدية للغرض، فقال للعون: أريد ان أغير اسمي. فقال العون : وما اسمك؟ قال: الحطّاب بن حلّوفة. وأسرّ العون في نفسه أن "حلّوفة" ﻻ تصلح في اسم رجل، وقال له : معك حق. فما الاسم الجديد الذي تريده لنفسك؟ قال: سمير بن حلوفة، يا سيدي

ومما قرات عن الألقاب أن لبنانيا لقبه "خرابة" كان شديد السخط على هذا اللقب كثيرالتبرم منه أمام أصدقائه... وفرقت الأيام بين الأصدقاء ... بعد سنين التقاه أحدهم في أمريكا وقد تزوّج امرأة أمريكية، وزاره في بيته، وكان له طفل صغير سمع أمه  الأمريكية تناديه: "كيري". فابتسم الصديق وقال لها: اسم أمريكي جميل. فقالت الأم: إنه اسم الدلع  من اسمه الحقيقي اللبناني "خرابة"، ونطقت الخاء كافا بلكنتها الأمريكية. اسم هذا الطفل الصغير كاملاً "خرابة خرابة". هكذا من الناس من يتمسكون بأسمائهم وبألقابهم ﻻ يريدون لها، مهما كانت، إخفاء وﻻ بدﻻ. ولله في خلقه شؤون

هذا الخلط ﻻ يحدث في الديمقراطيات

حان الوقت ليفهم الممسكون الجدد بمقاليد الحكم في تونس أن الفصل بين الدولة والحزب الحاكم  ضرورة... نرى الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة الذي أفرز أغلبية في الحكومة التونسية في كل محضر يحضر ... بأي صفة أخذ الكلمة في تظاهرات ذكرى اندﻻع الثورة في سيدي بوزيد مع المسؤولين الرسميين: رئيس الجمهورية  ورئيس المجلس التأسيسي ورئيس الحكومة؟؟؟ ... وبأي صفة حضر مراسم أداء الحكومة لليمين في القصر الجمهوري ؟؟؟ تمّ له ذلك دون غيره من رؤساء الأحزاب الآخرين. أجزم أن تنقله إلى هاتين التظاهرتين كان على نفقة الحكومة في سيارة حكومية... هذا الخلط ﻻ يحدث أبدا في الديمقراطيات... إن كانت  النهضة تريد تكريم رئيسها فلتفعل ذلك بطرق أخرى، وﻻ تفرضه على الشعب مع الحكومة في كل ظهور لها. هذه ممارسات ذات معنى، توحي بأننا ربما نحن في هذه الطور من تاريخنا قد استبدلنا في الحكم عائلة بعائلة. وقد يؤكد هذا تسمية صهر الغنوشي وزيرا للخارجية رغم ما نشر حوله من وثائق تثبت تمثيله لدولة قطر وتباحثه باسمها في اجتماع لحلف النيتو بتركيا، ورغم ما صدر منه، في حوار له باللغة الإنقليزية نشر على مجلة إماراتية، من قلة اعتداد بالجنسية التونسية حيث قدم نفسه على أنه إنقليزي من أصل تونسي... وإن إصرار حمادي الجبالي، رئيس الحكومة الحالي وأمين عام حركة النهضة سابقا، على التمسك بالسيد رفيق بن عبد السلام في هذا المنصب وكأنه الكفاءة الوحيدة لتونس في هذا المجال، برأيي، ما هو إﻻ ترضية لرئيس حزبه راشد الغنوشي...  ولتتذكر الحكومة أن مهمتها ترضية الشعب وخدمة مصالحه وليس ترضية شخص أوحزب، ولتدرأ عن نفسها الشبهات إذا أرادت أن تحظى بثقة الشعب بكل أطيافه 

samedi 17 décembre 2011

حكومة كسر الخواطر

المطلع على تشكيلة الحكومة التونسية المقترحة ما بعد الثورة  يدرك بيسر أن الحقائب وزعت لجبر خواطر سجناء النهضة السياسيين ومن كان منهم مهجّرا، أو من يحمل في نفسه، من الخارجين عليها، عتبا.  هذا التأليف الحكومي كما رشح، شخصيات وعددا وتوزيعا، ﻻ يدل على نزوع  حزب  حركة النهضة للطمأنة والاعتدال. وقد كسر خواطر التونسيين، وجعلهم متوجسين، وعلى مستقبل تونس ومشروع مجتمعها المدني خائفين... ونُقدّر أن  كوادرها، الذين  لم ينالوا كتابة دولة أو وزارة أو مركز استشارة، سيلتحقون بركب التعيينات بما خُوّل لرئيس الحكومة من صلاحية التعيين في الإدارة
وأقول: إن رجوع الداء الذي عانت منه تونس منذ استقلالها، الحزب الواحد واللون الواحد، متأكد ووارد... وعليه، فليتحمل نواب الشعب في المجلس الوطني التأسيسي مسؤوليتهم، أي وﻻءهم للشعب، هذا الذي أكدوه بالقسم، عند عرض هذه الحكومة للتزكية . فالفرصة مازالت سانحة. وليُثبت ممثلو حزب التكتل وحزب المؤتمر، على الأقل، أنهم يحتكمون لضمائرهم النقية، ﻻ للاصطفافات العمياء الحزبية... وهذا ما لم يفعلوه، مع الأسف، على امتداد المداوﻻت التأسيسية للتنظيم المؤقت للسلط العمومية. وهم بذلك قد تركوا في نفوس المتابعين للشأن السياسي انطباعات سلبية، قد تؤثر  حتى في قاعدتهم الشعبية  

mercredi 14 décembre 2011

في الخطاب الرئاسي الأول

ألقي السيد المنصف المرزوقي، خطابه الرئاسي الأول بعد أداء القسم تحت قبة المجلس الوطني التأسيسي.  وكان خطابا فيه وعود كثيرة، منها ما يتجاوز حدود ما منح له من الصلاحية، في إطار الدستور الصغير المؤقت المنظم للسلط العمومية... وهو في غمرة حماسته المعهودة في حديثه عن الحقوق والحريات، وعد بحق ليس موضوع إجماع،  حقّ النقاب للمنقبات... فكان ملكيّا أكثر من الملك، مجاوزا حتى تفاعل حركة النهضة في هذا الشأن، بل والسلفيين الذين يرون في تنقب المرأة شططا في الدين، باعتبار أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، لم يدع المرأة إلى تغطية وجهها، أو إلى أن تتلثم... ولقد كان موقف حركة النهضة من  قضية النقاب، التي تخص ما يقارب المائة تونسية، يدل على حنكة وإيجابية، إذ ورد على لسان السيد سمير ديلو أن هذه الأمر يمكن أن يكون موضوع حوار وطني

رغم اعتقادي أن هناك ما هو أجدر بالتركيز عليه وأوكد للحوار بخصوصه من مشاكل تؤثر بصفة يوميّة في حياة التونسي، يمكن أن ينعت الموقف النهضوي، مقارنة بموقف الرئيس، بالمنطقي، لأن المسألة في نهاية الأمر تمسّ، في الجمهورية الثانية، مشروع المجتمع المدني...  وأقول إن مثل هذا التصريحات المتسرعة لأعلى هرم في السلطة، رئيس الجمهورية، يمكن أن تفتح الشهيّة، شهيّة مواطنين تونسيين آخرين تجمعهم خصوصية، وهم أكثر من المنقبات كثافة عددية، ليطالبوا بامتيازات استثنائية، وبعضهم بدأ ذلك بصفة فعلية... وعليه، ينبغي أن تنتصر السلطة التنفيذية المؤقتة، برأسيها: رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، إلى مشروع مجتمع مدني جامع في إطار اللحمة والوسطية. فتجنب البلاد  بذلك مخاطر  الفئوية الغير أصيلة،  الحادثة على مجتمعنا بعد الثورة التونسية الأثيلة... وعلى كل مسؤول، برأيي، أن يتروى في ما يقوله، ويدرس أبعاده،  فيدير لسانه في فمه قبل أن يتكلم ويدير، لأن "الزلقة ببعير"،  يمكن أن تلقي بظﻻلها على مستقبل تونس والمصير

dimanche 11 décembre 2011

في قضية النقاب

رأيت بعض القنوات التلفزية ذات الوﻻء، قديما وحديثا، للراية البنفسجية قد ركزت على دعوات الطالبات المنتقبات، تستدعيهن للمناقشات . وكان بالإمكان ربط الاتصال معهن سمعيا، لأن الأصل في وسائل الاتصال التلفزية استعمال البصر، فندقق بنعمة النظر، والحال أن المدعوات ﻻ نرى منهن إﻻ شكل  كتلات . ولقد هالني حرج المتدخلين،  بل وأقول خوفهم من إبداء رأيهم بصراحة وشفافية، فلم أر وأسمع إﻻ  مواقف رمادية، من قبيل هذه حرية شخصية، وﻻ تطرح بعمق المشكلة التعليمية.. وأقول ﻻ ينبغي ان نفتح باب التطرف في الدين ، ووضع النقاب شكل من أشكاله بشهادة المختصين، حتى ﻻ تصبح تونس بالتدريج دولة طالبانية

  مسألة النقاب في الكلية يقدم لها مناصروه حلوﻻ غير عقلانية. وقضية التواصل البيداغوجي ليست بدعة بهلوانية، بل هي حقيقة مؤكدة باختبارات تجريبية . أما التاكد من هوية الممتحنة فهي من مشموﻻت الأستاذ بالذات، وﻻ يجوز بأية حال أن يفوض في الأمر غيره، ولو كانت أمه. والإداريات لهن  المسؤوليات الإدارية ولسن طرفا في العملية التعليمية... فلا ينبغي حشرهن فيما ليس من اختصاصهن...ثم إن عملية مراقبة الامتحانات ﻻ تتوقف عند التأكد من هوية الممتحنين والممتحنات، بل هي عملية متواصلة على مدار ما يستغرقه الامتحان من ساعات ... وﻻ أفشي سرا أن حاﻻت الغش عند المتحجبات، في السنوات الماضية، بسماعات الهواتف النقالة تحت الحجاب كانت ﻻفته ... ويشهد أساتذة الكليات بهذه الظاهرة . أما المنتقبة، فبإمكانها في ستر خيمتها أن تفعل ما تشاء،  ولو شك الأستاذ المراقب في أمرها، ماعساه يفعل؟ يُعدّ تحرشا لو طلب منها كشف المستور، وقد تتلف وثيقة الغش فتأكلها أمام عينيه  في اللحظة والفور. فإذا هو، في موقفه ذاك، مدحور مقهور

التمدرس بالنقاب بدعة في مجتمعنا التونسي ليس لها ما يبررها. وليس أقدس في الأواصر الاجتماعية من العلاقة بين المدرس وطلبته من الجنسين. هذه العلاقة التي يقول فيها إخوان الصفاء في رسائلهم:" اعلم أيّها الأخ [أو الأخت ]، أن المعلم والأستاذ أب لنفسك كما أن والدك أب لجسدك وكان سببا لوجوده، وذلك أن والدك أعطاك صورة جسدانية ومعلمك أعطاك صورة روحانية. "..إن المعلم يستهدف الفكر والروح، فلماذا تحشر المنتقبة الجسد في هذه الرابطة النقية؟ لماذا تلقي عليها بظﻻل سوء النية؟...وأقول إن الأصل في فصل التدريس أنه إضافة إلى كونه فضاء طلب العلوم هو فضاء لسمو الخلق وسلامة السرائر وحسن النوايا ، ومن ﻻ يرى أن  مفهوم القسم هذا يعنيه، فهو ليس أهلاً ليكون من ذويه... وأختم قولي بأن النقاب بدعة لو وجدت منفذا لتُمكّن نفسها في المجتمع، فستكون البدعة الأولى ولن تكون آخر البدع

samedi 10 décembre 2011

قصر قرطاج ... دار العجايب

القصر الرئاسي التونسي بقرطاج عرف وسيعرف من الأحداث ما يشبه الأساطير، بما يؤهله عن جدارة أن ينعت بدار العجايب. أول من سكنه الزعيم الحبيب بورقيبة، و كان الشعب في زمانه يعتبره عجيبة وقع التنبؤ بها كما يروي أجدادنا في قولهم : يطلع دنفير ( دلفين ) من مستير ( المنستير ) فيه الدول تحير، يفخرون بالنابغة الذي دوّخ الاستعمار الفرنسي وتحصل على استقلال تونس،على حد اعتقادهم. بقي في الحكم 30 سنة لم يتخذ لنفسه بيتا وﻻ ماﻻ ...الرئيس الثاني، بن علي، هو كذلك عجيبة من عجائب الدهر، لم يعرف له مثيل ﻻ في الشرق وﻻ في الغرب، جاهل ليس له حتى شهادة الباكلوريا، تسلل إلى الرئاسة تحت جنح الظلام وبقي فيها 23 سنة ، جمع بين السلطة وتجارة المخدرات والمسكرات وسرقة ونهب أموال الشعب والمقدرات... الرئيس الثالث كذلك عجيبة من عجائب الحظ، لم يعرف له تميز في حياته السياسية، ورغم ذلك انتهى رئيسا للجمهورية... الرئيس الرابع عجيبة،  قبل بأن يكون رئيسا منزوع الصلاحيات في إطار ما دار بين أطراف الترويكا من مشارورات.  وقد بُث له شريط على الفيسبوك وهو يتقبل، قبل الحين، التهاني على رئاسة آلت إليه، بالتعبير التونسي، هناني بناني(انقر هنا)... هذا، وقد هاجم قيادي من حزبه الأقلية في المجلس التأسيسي واتهمها بالعمالة والتآمر، لأنها دافعت بزائد من الحماسة علي منصب الرئاسة، تريد أن تحميه من تغول الرأس الثاني في السلطة التنفيذية. وباستماتتها في النقاشات حسنت ما كان للرئيس من صلاحيات . والعجب أن  الرئيس الرابع المرتقب صفق طويلاً استحسانا للهجوم ، فصحّ فيه المثل التونسي الذي يقول " جا يعاون فيه على قبر بوه هربلو بالفأس"... السيد المنصف المرزوقي الرئيس الرابع بالتوافقات والتحالفات أمره عجيب، إذ  أصبح، بسبب تصريحاته ومواقفه من الفاعلين السياسيين الآخرين باستثناء حركة النهضة حليفته، كالتبيب لم يترك لنفسه حبيب... ويبقى أكبر العجب، بين القصور، هذا القصر الجمهوري...عجب عجب، في نظام جمهوري، أنه لم يدخله رئيس من قبل الشعب منتخب

mardi 29 novembre 2011

النهضة جسم قوي ، ولكنه كسيح

كثر اللغط، هذه الأيام، بخصوص عمل لجنتي المجلس التأسيسي، وكثرت التسريبات. وأظن أنّ ما رشح من تسريبات خطيرة ﻻ أساس له من الصحّة. تسريبات تتحدّث عن أمور غير منطقية، من قبيل رئيس جمهورية بدون صلاحيات، أو حكومة تزكّى ب50+1، وتُقال من ثلثي نواب المجلس التاسيسي، بما يجعل تمريرها ميسورا ويجعل إقالتها أمرا مستحيلا. فحركة النهضة التي ستشكل الحكومة متحصلة، وحدها، على أكثر من  ثلث المقاعد، والنواب المنتمون إليها على درجة عالية من الانضباط، فيصير بذلك جمع الثلثين  للإقالة ضرب من الخيال 

صحيح أن حركة النهضة فازت فوزا باهرا في  انتخابات المجلس التأسيسي، وجعلها ذلك جسما قويا داخله، لكن هذا الجسم يبقى كسيحا، ﻻ يستطيع الحركة بمفرده، لذلك استنجدت بعكازين. هذان العكازان هما الحزبان اللذان دخلا معها في تحالف: حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وعلى رأسه السيد المنصف المرزوقي، وحزب التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات الذي يقوده السيد مصطفى بن جعفر. هذان الحزبان لم يتحصّلا مجتمعين  حتى على ثلثي ما تحصّلت عليه النهضة من المقاعد داخل قبة المجلس التأسيسي. لكنهما ضروريان، كلاهما، لكي تكون في السلطة. انطﻻقا من هذا الاعتبار ينبغي أن تؤسس كل مفاوضات بين أحزاب التحالف الثلاثة، وأن يبنى كل موقف للحزبين المتحالفين مع النهضة في كل مفاوضات داخل المجلس الـتاسيسي

  من المطمئنات، في فترات التوجّس وانتظار نتائج عمل اللجنتين، ماسمعته من خطاب ورد على لسان  رئيس المجلس التأسيسي، الدكتور مصطفى بن جعفر، في لقاء تلفزي له على القناة الوطنية، دعا فيه أن يكون وﻻء النائب في المجلس التأسيسي للشعب التونسي الذي انتخبه ممثلاً له، وليس للحزب الذي ينتمي إليه. فهو يرفض الاصطفاف الحزبي الأعمى، ويدعو إلى تغليب المصلحة الوطنية على  المصلحة الحزبية...  شخصيّا، أعتبر أن وجود السيد مصطفى بن جعفر، الحقوقي والحداثي، في هذا التحالف، بقطع النظر عن الموقف من وجوده فيه أصلاً، هو صمام أمان سيحمي البلاد من جشع حركة النهضة وسعيها إلى التغوّل. أما حزب المؤتمر من أجل الجمهورية فلا يمكن التعويل عليه كثيرا في هذا المضمار، لما لحركة النهضة عليه من أفضال يعرفها القاصي والداني

lundi 21 novembre 2011

الرئيس الرابع ، حب الرئاسة في قلبه مثل الطابع

رئيس تونس الأول، الزعيم الحبيب بورقيبة، باني الدولة التونسية الحديثة، قد عد من عظماء القرن العشرين...ﻻ يختلف اثنان من التونسيين على رصيده النضالي ضد الاستعمار، وكذلك، والحق يقال، على انحرافه بالجمهورية إلى حكم شمولي قمعي... واعتراف التونسيين بالرئيس الأول ، رغم كل شيء، زعيما وطنيا، ﻻ يتحول... والله والله ما ننساه...   الرئيس الثاني، لسان حال التونسي يقول فيه : قهره في قلبي باق على طول زماني ... التاريخ سينساه، ولكن القضاء ما ينبغي أن ينساه ... أما الرئيس الثالث ، فنحن التوانسة في شأنه ما نتخالف... بالنكتة اللطيفة ما نفتأ نذكره، وﻻ ننساه... هل يكون السيد المنصف المرزوقي الرئيس الرابع، فلهفته على منصب الرئاسة، في قلبه مثل الطابع، وسمت خطابه ومواقفه، ومواقف أعضاء المؤتمر من أجل الجمهورية... " لن نتنازل عن منصب الرئاسة" هذا ما يقولونه

منذ أن وطئت قدماه أرض تونس بعد هجرة قسرية، أعلن السيد منصف المرزوقي  نفسه مرشحا لمنصب الرئاسة... وقد كشفت مواقفه وتصريحاته وحتى مشاركاته في الحوارات التلفزية للتونسيين أن هذا الرجل، وإن كان يملك تاريخا نضاليا، غير صالح لكي يكون رئيسا لتونس، ولو وقتيّا... فهو كما وصف نفسه بصدق متسرّع ، بالتونسية خفيف، ﻻ يضبط لسانه، وينسى ما قال، وﻻ بد له من تسجيل صوتي حتى يتذكر ما قاله... وهو عصبي... متهور في الحوار، وغير دبلوماسي ، ﻻ يراعي مشاعر التونسيين في تصريحاته:  جاهر بكرهه للمزود، وهي آلة نفخ موسيقية تونسية شعبية رائجة ، وبالمهنة التي ﻻ يريد أن يمتهنها، رجل شرطة... حتى طريقته في الكلام ، ﻻ تدل على رصانة... وقد سببت تصريحاته في مرات عديدة إحراجا لزملائه.. وأراه شخصيا في حزبه ، في أسرة المؤتمر من أجل الجمهورية، كفتى مدلل يحك رجلاً على رجل، يريد أن يكون رئيسا، وهم مغلوبون على أمرهم، من فرط حبهم له، يعملون ما في وسعهم ليحققوا رغبته ، وبأيّ ثمن

الأجدر بالمسؤولين في هذا الحزب أن يصارحوا بعضهم البعض، ويصارحوا رئيسهم بما يقول فيه المحللون عن حق... يفعلون ذلك لمصلحة الحزب ولمصلحته هو ولمصلحة الوطن، حتي ﻻ ينطبق عليهم وعليه قول الهارب: غلطوني... أما إذا كانوا ﻻ يرون عيوبه لأن: عين الرضى عن كل عيب كليلة، فتلك هي الطامة الكبرى... ﻻ أريد أن أخوض في الأسباب النفسية التي جعلت السيد المنصف المرزوقي مهووسا بالرئاسة، وجعلت تمسكه بها مرضيا. وأكتفي بالإشارة إلى أن طببيعة العلاقة الصدامية بينه وبين المخلوع قد تساهم بقدر كبير في تفسير هذا الهوس...شريحة كبيرة من المجتمع التونسي تقدّر له نضاﻻته، وتشفق بصدق عليه وعلى الشعب التونسي من تولّيه هذه الخطة، لأن عيوبه كثيرة كما ورد على لسانه، وهي ﻻ تخفى على أحد

vendredi 11 novembre 2011

كياسة ... أم صفاقة؟؟؟

امراة متحررة سافرة شعرها مصبوغ صبغة عصرية فاقعة، تحمل قناعة سياسية واضحة، مرشحة  للمجلس التأسيسي عن حركة النهضة، التي أصبحت، فيما بعد، بالأغلبية فائزة.  تلك هي المرأة الصيدلانية، التي تسوّق بها حركة النهضة وجهها المتسامح، بما هي ناشطة في صفوفها غير ملتزمة بالحجاب. بث لها شريط  فيديو على الفيسبوك يصوّرها في بيت فاره ، ثم في الطريق تمارس الدعاية لحركة النهضة، ثم في مركز الانتخاب. السيدة سعاد عبد الرحيم، أرادت  الحصول على معاملة خصوصية، ولم تلتزم بانتظار دورها في الصف لأداء واجبها الانتخابي. ورغم احتجاج أحد المصطفين على تجاوزها له ولبقية المواطنين وعملها على الدخول طواّلي، هي لم تكترث له. وكأنه لم يقل شيئا، وداست على حقّه وعلى حقوق الجميع ودخلت مكتب الاقتراع. لكن المسؤولة فيه نهرتها شرّ نهرة، وأمرتها أن تلتزم كغيرها بالدور.  بيد أن  للسيدة سعاد عبد الرحيم، أكثر من سهم في جعبتها، حيث طلبت من إحدى النهضويات، على ما يبدو، وكانت في رأس الصفّ أن تبادلها مكانها، حتى تتمكّن هي من الاقتراع قبل الجميع... ممارسات سعاد عبد الرحيم، بعد ثورة الكرامة والقيم الأصيلة والأخلاق النبيلة، ذكّرتني بممارسات العهد البائد،  حيث كان التجمّعي والتجمّعية من حزب بن علي المخلوع  يعتقدان أنهما من جنس على رأسه ريشة، هو أفضل من الجميع، ووقته أثمن من وقت الجميع، ويقضي حاجته قبل الجميع، ولو كره الكارهون. والذي صدمني  في الشريط، أنها فعلت ذلك وهي تعرف أنّهم بصدد تصويرها. ﻻ شك أنها تعتقد أنّ ما فعلته ضرب من الذكاء والكياسة. يالها من صفاقة...!!! هكذا نكاية في الجميع، ورغم أنف الجميع، بالمداورة تنتخب قبل الجميع... عندما أرى هكذا ممارسات، من شخصيات يستعدّون لتحمل مسؤوليات، أخشى على تونس.... أخشى على دار لقمان  

samedi 29 octobre 2011

حتى يكون للضمانات معنى


أسمع وأقرأ  تبادل الاتهامات، وحتّى التجريحات بعد نتائج الانتخابات، من سخونة المرحلة، وحماوة المعركة. وفي الحقيقة، أغلب التونسيين،  ﻻ يشعرون بالاستقرار والطمأنينة. وهم في حاجة إلى ضمانات ملموسة، صلبة من صخر، وليس"وعودا تكتب على الحوت وترمى في البحر"، خاصة بعد أن طفت على السطح ممارسات، ما كان يعرفها المجتمع، تمسّ الحريّات، من قبيل مضايقة مجموعة من الطلبة، ﻷستاذة محاضرة، لأنها سافرة .  فمسؤولية حركة النهضة الفائزة، ليست، فقط، تقديم ضمانات قولية للمتوجّسين، بل مسؤوليتها، في أسرع وقت، ضبط المتنمّرين. وقدرتها على تحقيق ذلك على المحكّ... كم يشعر الكثيرون اليوم بالمرارة... لأنّ شريحة من المجتمع يبدو تديّنها، في مظهرها، كانت تعاني من الاضطهاد، زمن حكم الهارب للبلاد، وتعيش في الظلّ، وتخاف من الظلّ... وبعد الثورة، ثورة تونس الحريّة، ها هي مجموعات منها، تمارس ما مورس عليها من الاضطهاد، تريد أن تفرض، على الشريحة الأخرى من المجتمع أنماطا سلوكية، بالعنف عنف البلطجيّة. حركة النهضة الآن، تليّن الخطاب، وتهدأ الخواطر، وتلطف الكلمات... ولكن، لن يكون لوعودها معنى وﻻ للضمانات، ما دام مجتمعنا ﻻ يعيش ضماناتها واقعا، ومازال مسرحا للتجاوزات، وللاعتداء على الحريات 

jeudi 27 octobre 2011

لمرحلة وليدة ... تقاليد جديدة

أهلاً وسهلاً ومرحبا، في أرض تونس المجيدة، بالديمقراطيّة الحميدة... فلنرس، احتفاء بها من الآن، وفي الجمهوريّة الثانية الوليدة، تقاليد في الممارسة السياسية جديدة. نظرنا إلى من يحكم طيلة 5 عقود:  بعد الاستقلال، نمنا في سكينة، بعد أن سلمنا مفتاح المدينة، إلى باني تونس العصرية، فتحولت الجمهورية، إلى مسخ... إلى ملكية. وجاء صانع التغيير، واعدا بالخير الكثير، فرجعنا إلى بيوتنا نغط في النوم والشخير. ولوﻻ هذا الجيل الشباب، من أبناء تونس النجاب، لأكل صانع التغيير الحمل، وباع البعير... فلنتبع حكمة الحكماء، ولنجرّب في السياسة، نصيحة العقلاء: ﻻ تنظر إلى من يحكم، وانظر كيف يحكم

حسمت الأمور، وحصّل ما في الصدور، وانتهى التنافس في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، بما دار حوله من القيل والقال، إلى خاسرين، وأقلّ فوزا وفائزين. ويتحتّم  اليوم أن يقبل جميع التونسيين، النتائج بأريحية، فهذا جزء من قوانين اللعبة الديمقراطية... ولتتسلّم مقاليد الأمور الحركة، وليحذر الشعب، من الآن فصاعدا من الغفلة، وليلتزم  باليقظة، ليس لأنّ من يحكم هو زيد أو عمرو أو النهضة، بل لكي يرسي عادات  في المراقبة، وتقاليد في المحاسبة. فلتنم يا شعبي مستقبلاً بعين واحدة. أو ﻻ تنم على حقك البتة. وأقول أكثر، ﻻ تدعنّ عينك ترمش حتّى 

بس مكسوفة

تستضيف قطر هذه الأيام لقاء أصدقاء ليبيا، بعد إعلان تحرير البلد وانتهاء الحرب الدائرة فيه... ومنذ فتقت زهرة الربيع العربي الأولى في تونس، وقطر حاركة، تسقي زهور هذا الربيع وتحرّك قدوره لتضع لمستها فيه... حركت القدر التونسي بالمال السياسي فقلبت سافله عاليه. وحركت القدر الليبي بذراع النيتو، فهدت بنيانه وستضرب الفرقة بنيه. وهي تحرّك القدر المصري، ونأمل أن ﻻ تكون الطبخة فوﻻ ينفخ بطون آكليه. وهي الآن ترفع غطاء القدر السوري لترى كيف تأتيه... لم ﻻ تكون قطر أوّل إمارة عربيّة دستورية، فتعطي السلطة للشعب وتجعله ينعم  بما يجود به عليه مخرج الأرض ويتصرّف فيه...؟؟؟  في تقديري، أنّ إمارة قطر تحبّ أن يكن عندها ديمقراطيّة بس مكسوفة... فزادت في أخلاق الكرماء :  تحبّ لغيرها ما تحرم منه حالها، وتؤثر بلدان الربيع العربي بالتغيير الحميد على نفسها، وهي بها خصاصة، وﻻ تريد أن تظهر عليها نعمة الديمقراطية وجيرانها، بلدان مجلس التعاون الخليجي، إليها فقراء... وقديما قال الحكماء: من لم يعرف قدره ولم يقف عنده، عدّ من السفهاء 

mardi 25 octobre 2011

الشعب الشمّاعة

كانت ردّة الفعل الأولى، على نتائج انتخابات المجلس التأسيسي يوم 23 أكتوبر 2011، من قبل الخاسرين كما الأمر من قبل الرابحين على الفيسبوك في معظمها مريعة، شماتة من جانب واتهامات من الجانب الآخر،  وكشفت وجها غير حضاري للغالب وللمغلوب...وقد كرّست النتائج فوزا كاسحا لحركة النهضة ذات الاتجاه الإسلامي، التي يتهمها خصومها بارتكاب مخالفات وخروقات لقوانين العمليّة الانتخابية أبرزها استعمال المال السياسي. وفي المقابل كانت النتائج مُهينة بالنسبة إلي القطب الحداثي خاصّة... ووقد عُلقت الخسارة على شمّاعة الشعب، فنُعت بالجهل وبعدم الوعي، ﻷنّه لم يتفاعل مع القيم والمبادئ التي طرحتها عليه النخب المثقفة، وفضّل خطابا صوّر له الهويّة العربية الإسلامية في خطر وأنّ نصرتها بين يديه... أو خطابا وعده بتحسين ظروف حياته المادية في الصحّة والنقل والإنارة والتشغيل والخبزعلى الفور... في الحقيقة يصحّ في هذا الشعب، في هذا الظرف، رأي الشابي ملهم ثورات الربيع العربي ببيته : إذا الشعب يوما أراد الحياة *** فلا بدّ أن يستجيب القدر، عندما قال في شعبه التونسي: أيها الشعب! أنت طفل صغير*** ﻻعب بالتراب والليل مُغس... بالفعل، في هذه المرحلة من تاريخ تونس، الشعب طفل صغير، وهذه هي خطوته الأولى في الديمقراطيّة، والخطوة الأولى، تكون محفوفة بالمحاذير ... فهو لم يكن على قدر من الوعي بدقة وحساسية مرحلة التأسيس الّتي يعيشها، وهو وإن أدرك أهميّة الانتخابات فشارك فيها بكثافة منقطعة النظير، فهو لم يدرك على وجه الدقة والتحديد الغاية منها... ويجدرالتذكير، أيضا، بأنّ نسبة كبيرة من الأحزاب السياسية التونسيّة هي كذلك حديثة الوﻻدة، أو صغيرة السنّ، وهي تقريبا كلّها خطت خطوتها الأولى في هذه الانتخابات، وأغلبها لم يوفق فيها بالقدر المأمول، لانّه عديم التجربة، فلم يهتد إلى استراتيجية مناسبة وإلى  خطاب وجيه ذي جدوى، بهما يستقطب نسبة أكبر من الشعب... ولكن بدا أن ممثلي الأحزاب أكثر نضجا في تعاملهم مع نتائج الانتخابات غير المتوقعة، إذ بدأ بعضهم في تقييم أدائهم الانتخابي بطريقة بناءة... والمهم في نظري استخلاص الدروس والعبر من هذه التجربة في مجملها، بما يفعّل جدوى العمل السياسي مستقبلاً لخدمة مصلحة تونس  

بكل صدق حتوحشنا

  غفل التونسيون، في غمرة الفرح بالنسبة للبعض، أو في غمرة المأساة بالنسبة للبعض الآخر، عن أن يوفوا حقّ ﻻعب مهمّ في هذه المرحلة، أﻻ وهو السيد الباجي قائد السبسي وحكومته. لقد حقق الرجل لتونس منجزا عملاقاً، بحيث أدار وضعا انتقاليا  بالغ الصعوبة، داخليّا شهدت فيه تونس حراكا غير عادي، لم تعرفه من قبل، ناتج عن التعبئة لانتخابات المجلس التأسيسي، إضافة إلى الملف الأمني والاقتصادي الشائكين... أمّا خارجيّا، فقد أدار بكلّ جدوى المستجدّات الإقليمية وعلى رأسها حرب التحرير الدائرة في ليبيا. هذه الإدراة الحكيمة، بعد الثورة المجيدة، وإن شابتها بعض النقائص، أعادت تسليط الضوء على تونس كبلد حضاري، على رأسه ولو وقتيا سياسي محنّك، ومحاور كفء. هذا اللاعب أوفى بما وعد، وأهدى لتونس مع حكومته وكامل الفريق الذي اختاره للعمل معه، أغلى هدية، انتخابات تعدّديّة حرة ونزيهة وشفافة، قد ﻻيكون البعض راضيا عن نتائجها، ولكنها وضعت كما قيل قدم تونس في منطقة لم تطأها قدم أي بلد عربي، أﻻ وهي الديمقراطيّة... فشكرا للسيّد الباجي قائد السبسي ولمعاونيه... لقد تدارك الرجل التاريخ، ليعيد كتابة خاتمة جديدة وناصعة لحياته في تاريخ تونس، كرئيس حكومة قاد سفينة البلاد في فترة في غاية الحساسية إلى برّ الأمان، دون أن ينتظر جزاء أوشكورا أو تكون له طموحات سياسيّة... إلى انتخابات راقية، بعد ثورة الكرامة على الاستبداد، شهد لها المراقبون من كل دول العالم أنها احترمت كل المعايير الدولية... سي الباجي بكلّ صدق حتوحشنا

dimanche 23 octobre 2011

من الشمولية... إلى الوصاية

رحل القذافي... وتوسّمنا بوادر الحرية والسيادة للشعب الليبي، الذي له الحق كغيره من شعوب العالم أن ينعم بنظام ديمقراطي ، يجعله مصدر  السلطات والقرارات... حقّ كانت كلفته دامية وعليه غالية... ولم يطل الانتظار، حتّى تكشّف واقع الحال: لقد مرت ليبيا من حكم شمولي بغيض إلى الارتجال والوصاية. وقد بدا ذلك من خلال خطاب رئيس المجلس الانتقالي الليبي مصطفى بن عبد الجليل الذي ﻻ يتمتّع- هو والمجلس- بأية شرعيّة...وقد أعلن فيه عن قرارت  مصيرية تخصّ حاضر ليبيا  ومستقبل أجيالها، ، وهي قرارت خطيرة تخصّ الدولة والمشروع المجتمعي الليبي والأسرة. مثل هذه القرارات في الأنظمة الديمقراطية يكون مصدرها الشعب وﻻ تسقط عليه إسقاطا... بن عبد الجليل من رجال القذافي والمنتمين إلى مدرسته إلى عهد غير بعيد،عوّضه في خطف القرار من الشعب الليبي في لحظة غفلة ، في لحظة فرحة... وهو في الزمن الراهن فاقد لكلّ  تفويض  ولأي  نوع من الشّرعيّة ويعلن ليبيا دولة إسلامية، أي دينيّة ، ويبطل قوانين في غاية الأهميّة، مثل منع تعدّد الزوجات وتنظيم الطلاق ... !!! لقد  ثارالشعب الليبي  ثورته وانتزع حرّيته، وهيهات منه الغفلة... في اعتقادي أنّ هذا الشعب أثبت رشده ونضجه، وأنّه سيجني ثمار ما زرع وما دفع، ولن يفرّط فيما ينبغي أن يعود إليه من حقّ ومن مسؤؤلية قرارات ﻻ تخصّ حاضره فحسب، بل كيان الوطن ومن سيتعاقب عليه من أجيال 

samedi 22 octobre 2011

الطبق الساخن

لأنّ وجع الليبيين كان هادرا، أكلوا طبق الانتقام ساخنا... ولأنّ القذافي زرع الحقد، فقد جنى الموت... وكيف يطلب العدل من لم يمارس غير الجور...؟ وهل ينتظر الرحمة من لم يعرف قلبه سوى القسوة...؟ أقول هذا وأعمق اعتقادي أن ﻻ شيء يبرّر القتل، وﻻ شيء يبرر الوحشية والهمجية والتشفي في جثة هامدة، في جيفة بشريّة... هذا سلوك العوامّ  والناس العاديين... لكن ماذا عن السّاسة والسياسيين...؟  لقد بدؤوا مرحلة ما بعد القذافي بالكذب والتفليم...خرج على العالم محمود جبريل من المجلس الانتقالي الليبي، يروي مصرع القذافي المخلوع: أصيب في رأسه بطلق ناري في تقاطع النيران في اشتباكات جرت بين أتباع القذافي والثوّار...إنه سيناريو على الطريقة الأمريكية، حبث يتطاير وابل النار، حتى لتظنّ الجميع هالكين، وفي النهاية يلقى الشرّير حتفه غير مأسوف عليه، بينما ينجو الأخيار سالمين ...إنها رواية تحتقر ذكاء العالم، وتدل على أن محمود جبريل، وقف أمام الليبين والعالم كما كان يقف القذافي، يكذب بدون حياء، على نمط السياسيين المغضوب عليهم في العالم العربي، وهو إضافة إلى ذلك قصير النظر: ﻻ يعرف أن التاريخ ﻻ يقبل التزوير،  وجاهل متخلّف: لم يستوعب بعد فعالية وسائل الاتصال الحديثة، فسرعان ما كذبت روايته بما بُثّ من فيديوات بيّنت ما تعرّض له القذافي من عدوانية متوحّشة كانت، بما ﻻ يدعو للشك، وراء اغتياله... فكيف يؤسّس هذا الرجل وأمثاله  لليبيا جديدة حديثة تقطع مع الماضي...؟؟؟

samedi 8 octobre 2011

الفسيفساء التونسية

 إن الفسيفساء إبداع يروي قدرا هاما من تاريخ تونس ومن عبقرية أهلها على مرالعصور، نرى لوحات منها رائعة في متاحف تونس المختلفة، وفي مواقعها الأثرية الأصلية، في دقّة وفي قرطاج وفي الجم وفي مكثر وفي سبيطلة وفي كركوان إلخ... والفسيفساء حرفة تعيش من إيرادها عائلات تونسية كثيرة، إضافة إلى كونها تمثّل أفقا من آفاق التشغيل في تونس... وقد استعملت مجازا في الثقافة والعادات والتقاليد وفي العمل السياسي... وهي برأيي، في كل الأحوال رمز للتنوع والثراء والغنى... وﻻخوف علينا من الفسيفساء، من مجلس تأسيسي يكون فسيفساء، بل أكاد أجزم أنّ تمثيلا فسيفسائيّا أفضل من تغوّل الأحزاب، ولكم نموذج من تغوّل الأحزاب في الديمقراطية الأمريكية، ولأن الفسيفساء يحكمها، بالضرورة وفي النهاية، منطق التوافق والانسجام.

  وليس كل حجر بصالح ليكون جزءا من نسيج الفسيفساء... فالشعب التونسي بذكائه  ووعيه وبفطرته وحسّه وذوقه قادر على الفرز، فرز الحجيرات ذات الجدوى في نحت حاضر تونس وغدها المشرق... بين يدي الشعب التونسي ما يناهز 11 ألف حجر، يتنافسون على الدخول في تركيبة المجلس الوطني التأسيسي، سيفرز منها 218 حجرا، هوعدد المقاعد التي تكتمل بها لوحة هذا المجلس. ومعايير الفرز والاختيار في هذه اللحظة التاريخية ينبغي أن تكون دقيقة لأننا في فترة ﻻ يسمح لنا فيها بالخطأ...  والمعايير الوجيهة والمناسبة لهذه المهمّة، في نظري، هي الكفاءة ، ثم الكفاءة، ثم الكفاءة في تحمل مسؤولية هذه المرحلة، حتي يركّب هذا الشعب مشهدا رائعا يسر الحبيب ويغيض العدو...إنّ الشعب التونسي شعب خلاّق يستطيع أن يطوّع كل شيء لخدمته، حتي الفسيفساء، وهو قادر على أن ينحت نموذجه في الديمقراطية، النابع من خصوصيته...

هذه الانتخابات هي فرض عين، واجب على كل تونسي أداؤه، وعلى أحسن وجه... فالمطلوب منه أن يكون في مستوى مسؤولياته تجاه مواطنيه ووطنه، فينبذ الحجيرات القميئة إلى مكبّ التاريخ، ويفشل الطمّاعين والكائدين في الداخل والخارج... ومسؤوليته عظيمة أيضا تجاه أشقائه العرب الذين يتطلعون إلى ثورته ويستنيرون بقبسها... وتجاه العالم الحرّ الذي أبهرته خصوصية هذه الثورة المباركة، وهو ينتظر قطافها... وتجاه التاريخ الذي باغته شعب تونس بنموذج فى الثورات لم تعرفه البشرية، ﻻ زعامة فيه وﻻ إيديولوجيا، وباغت العالم بثورة ﻻ شرقية وﻻ غربية، ثورة تونسية شبابية سلمية من أجل الكرامة سُطّرت ملحمتها بحروف من دم الشهادة... وأقول: الخير كل الخير في من سيختارهم التونسيون لتمثيلهم في المجلس التـاسيسي، مهما كانت انتماءاتهم، وﻻ يُزايدنّ أحد على وطنيّتهم، بعضهم أو جميعهم، من داخل المجلس المنتخب أو من خارجه. 

dimanche 2 octobre 2011

في التحزّب والاستقلال

     كانت تجربة الانتماء إلى حزب تجربة مثيرة بالنسبة إلى عدد كبير من التونسيين من أصحاب الفكر الحرّ الذين تعفّـفوا عن الانتماء إلى الحزبين الذين حكما تونس أكثر من50 عاما، ما قبل الثورة. هؤﻻء لم ينضموا إلى أحزاب المعارضة لأسباب مختلفة أبرزها اليأس من جدوى العمل السياسي في ظل  حكم دكتاتوري قمعي، أو عدم  الرضا عن أداء تلك الأحزاب التي كانت ، في الحقيقة مكبلة،  وكان أغلبها ينعت بالكرتونية...  بعد الثورة تعقد المشهد السياسي، إذ انزاد إلى الأسرة الحزبية مواليد جدد،  إخوة كثر، ما شاء اللّه، بعضهم كالتوائم، متشابهون في السمات والملامح، ومتشابهون في الأسماء... هذا الكم الهائل، 111 حزبا، جعل التونسيين عاجزين عن معرفة  الأحزاب جميعا، وخاصة  حديثي الولادة منها. فكان منهم التركيز أكثر على الأحزاب المعروفة.  بعضهم تعاطف معها وبعضهم انخرط فيها

أكاد  أجزم أن اختيار التونسيين للأحزاب، أو تعاطفهم معها، لم يتم على أساس نظري  فكري:  من مثل اعتبار المرجعية الفكرية للحزب أو المبادئ التي قام عليها أو يروج لها، أوالبرنامج السياسي، فالبرامج السياسية للأحزاب لم تتبلور أصلا ولم تخرج للعلن إلآّ أخيرا، في شهر سبتمبر، أي بعد ما يقارب 8 أشهر من الثورة، وقبل ما يقارب الشهرين من انتخابات المجلس التأسيسي... وكان الانخراط في أي حزب من الأحزاب، في نظري، أقرب إلى المبايعة، مبايعة الأشخاص: رئيس الحزب أو مؤسسيه... وتستند هذه المبايعة  لدى البعض إلى الماضي النضالي ضد النظام البائد، وفي إطار حقوق  الانسان، أو إلى سيرتهم  الذاتية  وأخلاقهم الحميدة... ومن المفارقات أن نوعا من المبايعة تمّ على أساس الحنين إلى الماضي القريب، إذ تجمعت حشود حول الأحزاب التي أسسها المنتمون  سابقا إلى حزب بن علي  الحاكم المخلوع، حتى أن أحزابا عديدة شكّلت تجمّعا جديدا ليتامى التجمّع الهالك بأمر قضائي... وجدير بالذكر أن التعاطف مع الأحزاب  كان هشّا لدى شريحة معتبرة من الناس، فقد ظلوا يراقبون تحركات الأحزاب ومواقفها وتصرحات ممثليها وتحالفاتها... وقد كان ذلك وراء ظهور حركة انتقال من حزب إلى حزب آخر حينا، أو وراء العزوف عن الأحزاب أحيانا... وحتى بعد الكشف عن برامج الأحزاب، ما أعتقد أن نقلة نوعية طرأت أو ستطرأ على مواقف التونسيين الذين حسموا أمرهم  في مرحلة سابقة

وتوجد نسبة هامّة من المثقفين لم تجد ضالتها في الأحزاب، ربما لأن الأحزاب لم تقدرعلى استقطابها  نتيجة تأخرها في طرح برامجها، أوعجزها عن إقناعها، وبالتالي استيعابها، أي نتيجة سوء أدائها في المجمل. وأفرزت هذه الوضعية ظاهرة الاستقلال والمستقلين. وما أكثرهم! و لا أدل على حضورهم المكثف من عدد القائمات المستقلّة المرشحة لانتخابات المجلس الوطني التأسيسي، والتي يكاد عددها يساوي عدد قائمات الأحزاب... وهذا مؤشر على أن مكونات المجتمع المدني فاعلة وحية وأنها حريصة، بطاقاتها وقدراتها الذاتية، على المشاركة في الانتخابات  لتشكيل  حاضر تونس وغدها... ونجد على عدد من قائمات المستقلين شخصيات تونسية مرموقة، هي قامات في مجال اختصاصها. ولهذه القائمات المستقلّة، برأيي، حظوظ  كبيرة في منافسة قوائم الأحزاب منافسة جدّية، مما ولد هاجسا لدى مؤسسي الأحزاب من تشتت الأصوات... ومن مجلس تأسيسي يمثل فسيفساء قد لا تيسّر عمله، أو بالأحرى قد ﻻ تيسّر عملهم

mardi 20 septembre 2011

في التصويت والأحزاب

التونسيون المثقفون، رجالا ونساء،  شئنا أن نعترف بذلك أو أبينا، هم الذين سيساهمون في تشكيل المشهد السياسي وتلوينه، في  انتخابات المجلس التأسيسي، مباشرة باختياراتهم العملية في الانتخاب، أوبطريقة غير مباشرة، عبر تأثيرهم فيمن حولهم في البيئة التي يعيشون فيها والتي تستنير بشكل أو بآخر،  في هذا المجال،  بتصوّراتهم  و حتي سلوكهم...  فالحقيقة أنّ هناك شريحة كبيرة من المجتمع التونسي لن تكون قادرة على  الاختيار بنفسها، بسبب السنّ، أو الجهل ، أو العزوف عن وجع الرأس  والاستقالة من "شقلالة" السياسة، وخاصّة  بسبب الثقة  التي يضعونها في توجّهات أبنائهم  المتعلّمين... هذه  الشريحة، وهي  واسعة، كما أشرت إلى ذلك،  سيختار لها، عمليّا، في هذه  التجربة الأولى لانتخابات ديمقراطيّة، المثققون الذين يعيشون بين ظهرانيها

وتجدر الإشارة إلى أن عدد الأحزاب، في تونس، مائة ونيف، ولكنّ أغلبها  ولد محتضرا، وسيكون حضوره، في اعتقادي،  صوريّا في الانتخابات المقبلة... أمّا الأحزاب التي تتحرّك على الساحة السياسيّة  والتي تلقى اهتماما من وسائل الإعلام فهي قليلة، وعددها لا يتجاوز عدد أصابع اليدين... فما طبيعة العلاقة بين المثقفين وهذه الأحزاب القليلة النشطة التي ترى لنفسها حظّا للمشاركة في المجلس التأسيسي...؟ من يتمعّن في المشهد السياسي في تونس، بما فيه من تحرّكات  وخطابات، يدرك في يسر، وبدون مبالغة، أن  المثقفين، في غالبيتهم، في واد في واد  وهذه الأحزاب في واد آخر... يفصل بينهما تحالفات حولاء، غير قائمة على التقارب الفكري، وسلوكيات حزبيّة  مشبوهة:   منها  المال السياسي أو الرشوة السياسية... والتجييش الديني... اللّذان يفسدان العمليّة الديمقراطيّة بالغشّ، وبضرب مبدإ تكافؤ الفرص لكل الأحزاب، وبخرق قواعد التنافس النزيه بينها على أساس الكفاءة  لخدمة تونس... وبسوء النيّة وبالأنانيّة ... ومن أبرز المجسّدين لهذه السلوكات الحزب الديمقراطي التقدّمي وحركة النهضة ... أمّا عن الوعود الانتخابية  فحدّث ولا حرج... فالبرامج الانتخابيّة وضعت على مقاس طفرة الاحتجاجات المطلبية والاعتصامات التي تشهدها البلاد لغرض تحسين الواقع الذي يعيشه  المحتجّون... حتّى أن بعض الأحزاب توحي بأنها قادرة على تغيير وضع البلاد والعباد في 3سنوات

 ومن يتفحّص ردود أفعال التونسيين من المثقفين، على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك، على سبيل المثال، بعد ظهور ممثّلي بعض هذه الأحزاب على شاشات التلفزات التونسيّة في حوارات... يدرك تعاطيهم السلبي  مع الأحزاب، والتبدّل الحاصل في مواقفهم منها... فقد أصبحت الصفحات تعجّ بنقد الأحزاب والسّخرية منها ومن رموزها ومن أساليب دعايتها...  في حين قلّ الترويج لها وخفّ الحماس لذكرها، إلآ بالسوء غالبا... هناك، في اعتقادي، قصور واضح لدى الأحزاب في التعامل والتواصل  مع الشعب التونسي، ناتج عن عدم وجود تصوّر  وثيق الصلة بالواقع لهذا الشعب... فكل ممثّل لحزب يتحدّث عن الشعب كأنّه ذات بلا صفات  بالتونسي: "زهمولة "، أو كأنّه  "سيدي تاتا " أي مغفّل  يصدّق كلّ ما يُنفخ في أذنيه... أو كأنّه "كتلة رغبات" يسيل لعابه كلّما وُعد بتحقيقها... إنّ شعب تونس ذكي بعلمه، وذكيّ بفطرته، يعلم أنّه : ما  خاب من استشار... وقد يصوّت تصويتا يفاجئ الجميع

برأيي  أنّ المثقفين، الذين هم عقل الشعب وقلبه النابض في هذه الظروف بالذّات، قد فقدوا الثقة في الأحزاب وارفضّوا من حولها، إلاّ القليل منهم، بسبب أدائها الضحل في هذه المرحلة الحسّاسة من تاريخ البلاد... هذه الأحزاب خذلتهم، لأنها لم تستجب لطموحاتهم في العمل الحزبي ... وخذلت البلاد لأنّها لم تكن على قدر مسؤوليّاتها التاريخية تجاهها، فهي تقدّم مصلحتها الآنية في بلوغ السلطة بكل الوسائل على حساب  مصلحة الوطن... وفي تقديري أنّ أصوات المثقفين ستذهب، بقدر كبير، إلى المستقلّين الذين يظهرون، في  الحوارات وفي خطابهم، أكثر تركيزا على قضايا البلاد، في حين يبدو ممثلو الأحزاب  أكثر  اهتماما بالدّعاية... وما أخشاه أن يكون التصويت في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، يوم 23 أكتوبر 2011، عقابيّا للأحزاب  لفائدة المستقلّين. وقد يكون لذلك مضاعفات، ليس هذا مجال ذكرها أوتحليلها حتّى لا نستبق الأحداث... فلكلّ حدث حديث 

mercredi 14 septembre 2011

الاستفتاء....يكون أو لا يكون ؟

 الاستفتاء... حديث الساعة... يكون أو لا يكون؟ ذلك هو السؤال... سؤال أقام تونس وشغل  فيها الناس... هذه الممارسة ليست بغريبة على الشعب التونسي، فقد طلبه المخلوع، وأراد به باطلا: تعديل الدستور حتى يصبح على مقاسه...  وسيلة  لتأبيد الدكتاتورية الكريهة التي كانت تكتم على أنفاس التوانسة وحقهم في الحريّة... الاستفتاء،  اليوم، ظروفه مختلفة: بعد الثورة... من يطلبه  مختلف: جمهور من الشعب... ومضمونه مختلف:  استفتاء على عمر المجلس التأسيسي  المنتخب من الشعب وعلى صلاحياته... موعده: يُراد له أن يصاحب انتخاب المجلس الوطني التأسيسي يوم 23ـ 10ـ 2011.  يريد به هذا الجمهور حقّا من حقوقه: تأكيد سيادته، وسدّ الطريق على تسرّب الدكتاتوريّة من جديد. هذا ما يقوله المساندون للاستفتاء. الاستفتاء لا مسوّغ له... وهو مطلب يراد الالتفاف به على شرعيّة المجلس التأسيسي المنتخب من الشعب، سيّد نفسه، ومطلق الصلاحيات.  هذا ردّ الرّافضين 

ويمكن الاطلاع  على الحجج القانونيّة والسياسيّة والإجرائيّة، والمحظورات المترتّبة ، في تحليلات الصحافيين والخبراء، وبعضها يقف مع الاستفتاء والبعض الآخر يقف ضدّه. بقطع النظر عن هذه التهويمات المجرّدة في التحليل والحجاج، والتهم المتبادلة بين الأحزاب، أقول: كلّ مطلق لا رقابة عليه، يِنحرف بسهولة إلى استبداد. وما دامت هناك فئة لا تضع ثقتها في الأحزاب، وأنا منها، متوجسّة  من اختيارات غير ناضجة، هيّأ لها إرث من الفقر والجهل والكبت، ومرحلة انتقالية شابتها ممارسات مشبوهة  في استغلال المال  والدين،  والتصدّي للثورة حتّى...اختيارات قد لا تخدم أهداف الثورة... فينبغي تطويق المحظور قبل  وقوعه  حتى لا نقع في الندم... إن اختيارات الشعوب، عندما لا تكون مبنية على وعي صحيح وغير مضلّل، قد تؤدّي إلى كوارث ، ولنا مثال في التاريخ الحديث: بوش الابن، ومن ورائه الحزب الجمهوري، انتخبه الشعب الأمريكي ذي التقاليد في الانتخاب، لفترتين استوفاهما، برّك فيهما اقتصاد أمريكا على ركبتيه، وقاد بذلك العالم إلى شفا حفرة... وستظلّ تداعيات اختياراته وحروبه  تؤذي أمريكا والعالم، ربّما لعقود

إن كان الاستفتاء من الناحية الإجرائية غير ممكن، ويدخل الضيم على عمليّة انتخاب المجلس الوطني التأسيسي، فلا بد من صيغة تتوصّل إليها الأحزاب، وكل العناصر الفاعلة على الساحة السياسية، تقيّد عمر المجلس التأسيسي وصلاحياته... نحن ننشد الديمقراطية...  التي  من أجمل  ما يُقال عنها: " تحترم فيها الأقلية  رأي الأغلبية،  وتراعي فيها الأغلبية رأي الأقلية"... والحال أنّ  المجتمع التونسي منقسم إزاء هذه المسألة... وفي غياب إحصاء أو سبر آراء ذي مصداقيّة، نحن لا نعرف إن كان هناك أغلبية وأقليّة أصلا... فلا خيار لنا، إذن،  إلا ّ التوافق على تحديد صلاحيات المجلس ومدّته وكلّ ما يتعلّق بالمرحلة الانتقاليّة الآتية... إلى حين عودة الشرعية... إنّ التناطح هو نتاج التعصّب، فيه مضيعة للوقت والجهد، وحياد عن الهدف الأساسي الذي هو بناء  تونس  الديمقراطية، إَضافة إلى كونه لا يؤدّي إلاّ إلى طريق مسدود

jeudi 8 septembre 2011

المال السّياسي

المال السّياسي همّ من هموم التونسي... ولو كانت تونس الحبيبة شخصا ماديّا، لكان غدّها هذا المال الملوّث وغمّها وربّما قتلها حزنا... والناس  يتعاملون  مع هذه الظاهرة بحسب  وعيهم الفكري ومستواهم المادي... هذا المال  يوزع بأشكال مختلفة نقدا وعطايا وهدايا وخدمات... لكسب الأنصار وشراء الذّمم والاصوات، كما يثبت الشريط الذي تذيّل  به هذه المداخلة . ولا يفوتني شكر جهد من يوثّقون لهذه الخروقات التي تفسد العمليّة الديمقراطيّة... اللاعبون في هذا المجال متعدّدون، ولكنّ أغناهم وأوفرهم عطاء وإمكانية لمسّ أكبر عدد من المواطنين هي  حركة النهضة التي تعرّف نفسها بذات التوجّه الإسلامي... فما هو الباب الذي يدخل فيه هذا النشاط في الإسلام: هل هو صدقة؟... ما أعتقد ذلك... لأنّ الصدقة عطاء خالص لوجه الله ابتغاء مرضاته... هل هو هديّة؟ بالمفهوم الإسلامي، أي فيها مواصفات الهديّة التي كان يقبلها الرسول عليه الصلاة والسلام... حبّا في ذاته، ولا ترجى من ورائها أية خدمة...ما أعتقد ذلك... كلّ عطاء يرجى من ورائه مقابل هو رشوة... شباب النهضة وهم يوزّعون  ظروفا لضعاف الحال فيها مبالغ مغرية، يعرفون بانتمائهم السياسي  ويقولون لمتقبّل العطيّة: هذا من فضل الله...  ويحثونة على التسجيل للاستحقاق الانتخابي يوم 23 أكتوبر 2011 ، والمسكوت عنه: نحن قادرون على أن نزيدك من فضل الله مرّات ومرّات... فقيّد (سجّل ) في الانتخابات وصوّت للنهضة التي أوصلت فضل الله إلى باب بيتك... هذه هي حركة النهضة  تستغل الدين لبلوغ السلطة... و" تريد أن تأكل الدّنيا بالدّين "...  لُعن الرّاشي في الكتب ... وترفّق الله بأبناء بلدي الذين تدفعهم الحاجة وعدم الوعي للتعامل مع هكذا أحزاب وأغناهم عن ذلك







أسئلة إلى سي المنصف المرزوقي

سرّ الكثير من التونسيين من تصريحات الدكتور المنصف المرزوقي،  الشخصيّة السياسية المعروفة  بنظافة  اليد، ذات السيرة النضالية المعروفة والمشرقة  ... وبما ورد في أشرطة الفيديو التي نشرت على الفيسبوك وعلى موقع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، والتي أكّد فيها التزامه بالاستقلالية وبعدم التحالف مع  حركة النهضة أو أي حزب آخر وبأنّ موقعه بين الأحزاب السّياسيّة هو الوسطّيّة، وأعلن تمسّكه بعلمانيّة ومدنيّة الدولة ... كما  سرّوا بالتوفيق في اختيار اسم الحزب: المؤتمر من أجل الجمهوريّة... وباللّقو الذي يمثّله والذي يدلّ على ذوق إبداعي وفنّي  إيحائي رفيع .... أمّا  شعارات الحزب فلا أبلغ ولا أروع بين شعارات الأحزاب: الكرامة للمواطن والسلطة للشعب والشّرعيّة للدولة. وقد تحمسوا لهذا الحزب  وبعضهم بادر إلى الانخراط فيه حتّى... وقد تعرّض الدكتور المرزوقي لحملة شرسة تتهمه بالإلحاد، معروف من وقف وراءها وقتها.، بسبب إدراكهم لخطره وللشعبيّة التي بدأ يكتسبها في الشارع لتونسي.. ثمّ يُفجع هؤلاء بإعلان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي عن التحالف الذي تمّ بين حركته وحزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة.  تحالف، في نظر الكثيرين، كان حزب المؤتمر في غنى عنه.  فحركة النهضة متهمة بمخالفات متعددة، أبرزها استعمال المساجد للدعاية السياسيّة، والتمويل المشبوه، والرشوة السياسية

فما هي طبيعة الصفقة التي تمّت بين حزب وحركة لا تجمع بينهما خلفية فكريّة، والتي  أنتجت هذا  المسخ الذي نفّر الكثيرين من حزب المؤتمر... ؟؟؟  نسمع تصريحات من هنا وهناك لمنتسبين لحركة النهضة، أبرزها  ما تبجّح به رئيس حركة النهضة بتقديره لأتباعها بالمليون، أي  بإمكانية حصول الحركة على أغلبية في المجلس التأسيسي، وربما تشكيل حكومة يكون الثقل فيها لها، فتكون وازنة في تعيين رئيس الجمهوريّة  ووزارات سياديّة،  مثل وزارة الخارجية. والمنصبان  يمثّلان وجه تونس بالخارج.  هذا الخارج، خاصة الغرب، الذي يعاني من حساسية، عن خطإ أو صواب، ضدّ الحركات ذات التوجّه الإسلامي. هل يكون إسناد هذين المنصبين لحزب المؤتمر هو لبّ الصفقة، المعلنة أو الضّمنيّة، والثمن الموعود به  أو المنوي لحزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة في هكذا تحالف، فيكون واجهة تونس في الخارج، بينما تحتفظ  الحركة بالنفوذ بالداخل في إطار حكومة يسمّيها سي المرزوقي حكومة وفاق وطني، أكيد أنّ سي المرزوقي الرجل النزيه يقصد ما يقول،  لكن هي، في الحقيقة ، حكومة محاصصة يرمى فيها الفتات للأحزاب الأخرى كل حسب وزنه في الانتخابات؟؟؟ الأكيد أنّ حزب المؤتمر خسر الكثير من هذا التحالف الأحول، فقد استقلاليته: ما عاد يُحسب له حساب ككيان مستقلّ، بل تابعا للنهضة، وتحت عباءتها، عندما تنقر العنوان الإلكتروني لحركة النهضة يأخذك مباشرة إلى صفجة حزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة... وقد اعتلت وسطيّته، والتبست مرجعيّته، ففقد الكثير من المتعاطفين، الفاقدين أصلا الثقة في بقيّة الأحزاب... قد أكون شكّاكة، بمعنى سيّئة الظنّ، فليعذرني الجميع، فهذا الزمن هو زمن الشكّ  بامتياز،  بسبب انعدام الوضوح والشفافيّة... وقد أكون  مخطئة في هذا التحليل، وفي هذه الحال أرجو أن ينوّرني سي المرزوقي ، أنا والمحتارين في أمر هذا التحالف، بتوضيح أسبابه وآفاقه... وشكرا سلفا 

mercredi 7 septembre 2011

الأميّة السياسيّة

              المشهد التونسي  بكلّ مستوياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية على صفيح وهّاج ساخن ومتحرّك، التوازن فيه  دقيق وهشّ. السبب الأساسي لهذا الوضع، في نظري، هو الأميّة السياسية  التي  فُرضت على الشعب التونسي على مدى عقود،  وهي أميّة متفرّعة عن ارتفاع نسبة الأمية بمفهومها العام،  بحيث رسخت  العقيدة لدى غالبية   الناس أنّ السياسة ليست من شانهم، وإنّما هي عمل النخبة، وأنّها فرض كفاية لا فرض عين،  بحيث يغني اشتغال الآخرين، من المثقّفين أو النخبة، عن الخوض في غمارها. هذا في أحسن الحالات، أمّا في أسوأ الحالات، ولست مبالغة في ذلك،  فإن ّالناس من فرط التّهميش والجهل لا يعون وجود السياسة ولا يدركونه. هذه حال الشعب التونسي وهو،  نسبيا في ذلك،  كغيره  من شعوب أخرى في العالم العربي وكأكثر  شعوب              العالم،  بما في ذلك الشعب الأمريكي، كما تشير إلى ذلك دراسات كثيرة.  وفجأة جاءته الثورة المباركة... ومعها الوعي  بأن للمواطن  حقوق على الحاكم  في العيش         المرفه الكريم...  وطفت رواسب الحرمان ومرارات الغبن المكبوتة على السطح.... فهبّ كلّ طرف يسعى إلى  تحسين أوضاعه  في أسرع الآجال... هذا، في تقديري،  يفسّر بقدر كبير حالة الفوضى  المطلبية  المشطّة التي تعرفها البلاد... منذ الثّورة المباركة، أصبح التونسيون جميعا شغلهم الشاغل السياسة...  وابتزاز الحكومة الانتقالية ، رغم علم الجميع  بأن خزانتها فارغة، " وماذا تفعل  المرأة الكيّسة في البيت الفارغ ؟ "، وبأنّهاغير قادرة على اتّخاذ  قرارات مصيريّة، سياسة : تُبتزّ بالمظاهرات والاعتصامات وأخذ مصالح الناس وصحّتهم رهينة، وبقطع الطرقات لتعطيل قضاء حاجاتهم وبالفوضى والعنف


وينسحب على  الأمن التونسي ما وصفناه من  حال الشعب في الأمية السياسية، لم يعرف هذا الجهاز، من النشاط على مدى عقدين ونيف، سوى كونه أداة تنفيذ لما فيه مصلحة صاحب الكرسي، التي هي ليست في كل الأحوال مصلحة الشعب، فهو لا يعرف حتّى صلاحيات  العمل النقابي وحدوده وآلياته... العمل النقابي  ليس وسيلة ابتزاز... ولا يلجأ الهيكل النقابي إلى وسيلة الاعتصام لتحقيق المطالب إلا بعد استيفاء مراحل ووسائل   أخرى، حتى لا يتمّ الإضرار بمصلحة المؤسّسة،  وبمصالح المجتمع في  الأمن والاستقرار بالنسبة إلى نقابة الأمن... فليس عزل   كوادر من الحرس الوطني وتنصيب بدائل لهم، كما حدث في ثكنة العوينة من العمل النقابي في شيء...  وليست الاعتصامات العشوائية في قطاع حسّاس  كالأمن من العمل النقابي في شيء...والنتيجة حلّتّ الحكومة نقابات الأمن... أزمة بين الحكومة والأمن سيكون ضحتها بالتأكيد المواطن.... هذه الأزمة، برأيي، " كبّرها تكبر، صغرها تصغر " لا ينبغي أن تنفخ فيها وسائل الإعلام، بما في ذلك الفيسبوك،  لتأجيج لهيبها... فليراجع كلّ طرف نفسه  بكلّ نزاهة وموضوعية، وكل واحد " ينقّص من  روحو ".  ونحن التوانسة لا خيار لنا إلاّ  التّوافق... وإن لعبة الديمقراطية ليست سهلة...  لكن بالصبر، على بعضنا البعض، نـتعلّمها ونمارسها بأخفّ الأضرار ونصل إلى برّ الأمان... وتكون  تونس أول ديمقراطيّة عربيّة  حقيقيّة إن شاء الله

dimanche 4 septembre 2011

يا فرحة ما تمّت

كان خطاب الرئيس الفرنسي ساركوزي،  في مؤتمر أصدقاء ليبيا، من الفرح والفخر  بإنجازه في ليبيا، أقرب إلى الزقزقة... وكان تدخل كامرون فيه شموخ  الابطال المخلّصين... ولم يفوّتا الفرصة لإظهارأن هناك قوّتين صاعدتين على الساحة الدّولية، هما الأكثر فعالية،  يرتبان الأولويات حسب مزاجهم ومزاج الأمريكي والإسرائيلي. أمريكا  فضّلت البقاء في خلفية المشهد، لأنها تعلم أنّ حضورها يثير في وجدان العربي، بالذات، التشاؤم والتطيّر. لقد  جعلت الولايات المتحدة أرض العرب، من المحيط إلى الخليج،  ساحة حرب، ارتكبت فيها من البشاعات ما سجلت به ريادة في التاريخ... ومهما تفننت في القول والإنشاء فإنّ حيلها ما عادت تنطلي على أحد، إلاّ على المتخلّفين من الزعماء العرب الّذين مازالوا يراهنون عليها باعتبارها قشّة نجاة عروشهم  

 ساركوزي و كامرون، في موقف زهو وقوّة، وجّها رسالة شديدة اللهجة للنظام السوري   أالذي يرتكب المجازر، بينما رميا حجاب السّتر على  البحرين واليمن، الذين يشهدان توترا وقمعا، وعنادا من السلطة على مواصلة  نهج التسلّط  والديكتاتورية... والمثل التونسي يقول: إلّي يحبّك يسقّط لك، وإلّي يكرهك يلقّط لك ( الهفوات والمساوئ)...  و لايفوتني  ذكر أنّ هؤلاء لا يحبّون أحدا، فمن يجهز للضربة يأكلها على رأسه... وللحكّام العرب أسوة في سيرة المخلوع حسني مبارك، الذي باع مصالح بلده خدمة لأمريكا وإسرائيل والغرب، على مدى30 عاما... وكم استقبلوه بالأحضان... لكن عندما بدت بوادر غرق سفينة ملكه، وتيقّنوا من أفول نجمه، قفزوا إلى برّ الأمان،  وباركوا ثورة الشبّان، ولعنوه رمزا من رموز البغي والطّغيان.. المسرحية  التي تعرض سمجة... وتبادل الأدوار والمواقف فيها لا يخفي أنّنا نحن العرب مستهدفون في وجودنا وفي ثرواتنا... ا                                                                                     
ولقد كشفت الوثائق الرسمية، التي عثر عليها الثوار الليبيون في مكتب الأمن القومي الليبي،  تورّط  كل من الاستخبارات الأمريكية  والفرنسية والبريطانية  في التعاون مع  استخبارات نظام القذافي، لأسابيع قبيل الزلزال الذي هزّ كرسيه، لملاحقة معرضيه وتسليمهم له. وثبت تورّط الولايات المتحدة في خطف عبد الحكيم بلحاج، الذي يشغل حاليّا خطّة رئيس المجلس العسكري في طرابلس بعد سقوطها بأيدي الثوار، من ماليزيا وجلبه إلى ليبيا، حيث  أودع في سجن أبو سليم  الليبي سيّئ السمعة.   وقد امتنعت الحكومة البريطانية عن التعليق على الموضوع...  وما عساها تقول...؟  أما  وزيرة خارجية أمريكا فلم تنف، وأشارت إلى أن  بلادها تتعامل مع كل الأنظمة لمنع تعرضها إلى الإرهاب... هذا الإرهاب الذي صنعوه وما فتئوا يغذّونه  بالتعدّي والتجبر وبالظلم والاستغلال والحيف والكيل بمكيالين


 أمّا بالنسبة إلى ساركوزي... فيا فرحة ما تمّت... فلن ننتظر كثيرا لنعرف ردّ فعل المجتمع الفرنسي على نهجه اللاأخلاقي في السياسة  الذي يراه من الكياسة.   لقد أطاحت  ثورة  14 جانفي  التونسية برأس الدبلوماسية  الخارجية الفرنسية ميشال أليو ماري لثبوت طورّتها في دعم  نظام بن علي  القمعي... فهل تدفع فضيحة دعم فرنسا لنظام القذافي، للتنكيل بمعارضيه من طلاّب الحرّية والديمقراطية، بألان جوبي وزير الخارجية الفرنسي الحالي إلى المآل   الذي  عرفته زميلته السابقة له ميشال آليو ماري... فيكون بذلك كبش الفداء الثاني في سياسات ساركوزي الخرقاء في العالم العربي...؟   
                                                          

samedi 3 septembre 2011

بين فكّي كمّاشة

  إن المتأمّل في المشهد التونسي يهوله هذا النزوع إلى العنف الذي سجّل، على سبيل المثال في هذه الأيام، في بعض الولايات مثل سبيطلة وقبلّي. والعنف في نظري ليس سمة مميزة ثابتة في شخصية التونسي... فالتونسي ليس ميالا إلى التصعيد في الشّجار بطبعه، وإن أجبر عليه... وجلّ النزاعات، إلا في القليل النادر منها،  تنتهي بتدخل العقلاء: يزّي (يجزي)وخيّان (إخوان) ما صار شيء... ويتم  ّ تفريق حضبة المتفرّجين: تفرّقوا... امشوا ...ما صار شيء...  فما الذي تبدّل؟  الذي تبدّل هو أن أعداء الثورة من بقيا النظام البائد اليائسين، لا يريدون للأوضاع في البلاد أن تستقرّ، وهم في جهاتهم أعلم الناس بما يمكن أن يثير النّعرات ويشعلها، بحيث لا يستطيع لها عاقل إخمادا. الجديد المفزع في هذه النزاعات استعمال المتنازعين للمتاح لديهم من سلاح ناري : بنادق الصّيد. وهي ظاهرة جديدة  خطيرة ، فأدوات العنف التي نسمع عنها سابقا المتداولة في  الخصومات  والصراعات التي تصل إلى المحاكم  هي الموسى أوآلة حادّة أوالهراوة

تعيش تونس ظروفا استثنائية بكل المقاييس... أوّلا،  بحكم وضعها الداخلي الانتقالي العارض ... فالحكومة غير شرعية رغم التوافق على قبولها... وتلكؤها في الإيفاء باستحقاقات عاجلة، كضبط الأمن وفتح بعض الملفات الساخنة المتعلقة بالقضاء وبالتحري في تمويل الأحزاب، قلّل من هيبتها لدى الجميع... فكثيراما تجد أحوال البلاد خارجة عن  سيطرتها... ثانيا، بحكم موقعها الجغرافي، تقع تونس  بين فكّي كمّاشة:  من الغرب، الجزائر التي استقرّ في ربوعها تنظيم القاعدة الذي فاض سلاحه إلى الأراضي التونسية عبر الحدود الغربية. ولعلّ ما ضبطته وحدات الأمن التونسي من سلاح  في مناسبات متعددة لا يبعث على الاطمئنان، بل هو دليل على أن حدودنا الغربية تشكل خطرا دائما على أمننا... أما ليبيا من الشّرق، فتعيش حالة من الفلتان، لا يعلم نهاية أمدها إلاّ الله، يحمل فيها الحابل والنابل السلاح، وقد أثبتت الوقائع تسرب السلاح إلى الأراضي التونسية عبر الحدود الشرقية

وقد  وردت أخبار تتحدّث عن تجنيد تونسيين،  ضعاف النفوس يعبدون الفلوس، من قبل أجوارنا من الشرق  والغرب لإخفاء السلاح  أو لتنفيذ عمليات عنف في تونس. وتروي روايات أن قطعة الكلشنكوف بيعت ب500  مئة دينار تونسي في الجنوب التونسي. فلم يهرّب السلاح إلى الأراضي التونسية ويباع، إن لم يكن لأسباب كيدية ؟ لضرب استقرارتونس وأمنها حتى تفشل الثورة وتذهب ريحها...؟ ما اقوله: إن الشعب التونسي يحب الحياة و"أغاني الحياة "، وله إرث حضاري وأخلاقي يحصّنه من الدخول في دوّامة الفوضى والعنف، بالشكل الذي يخطط له الكائدون في الداخل والخارج. وستصطدم كل محاولات تصدير العنف إلى تونس بحزم أبنائها ويقظتهم حتى تحبط وتندثر، وسيتكسر كل فعل لتخريب الثورة على جدار تصميم التونسيين وعزمهم على بناء نظام ديمقراطي يضمن لهم الحرية والكرامة... وإن غدا لناظره لقريب 

vendredi 2 septembre 2011

تحسبهم جميعا

شاهدنا  في مؤتمر مساندة الشعب الليبي الذي دارت فعالياته في فرنسا بتنظيم فرنسي كيف تداعت 63 دولة ومنظمة  من كلّ  الألوان والأجناس والأعراق من أصقاع العالم،  بحماس،  لحضورهذا  اللقاء. لكن هؤلاء في اجتماعهم وفي تناديهم من أجل ليبيا تحسبهم جميعا ولكن قلوبهم شتّى: لكل دواعيه المبطنة ودوافعه. ودواعي الغرب ودوافعه أفصحت عنها صحفهم وبالغ في شرحها المحلّلون: إن النفط الليبي  وخيراته يجذب الغرب كما يجذب العسل الذباب،  ومن ذلك سعي فرنسا للتمركز الاستراتيجي في طرابلس لضمان نصيب الأسد للشركات الفرنسية من الكعكة  الليبية التي هي في طور الإنضاج. أما بقية الحاضرين فسيماهم على وجوههم،  وتحدد دوافعهم عوامل متعددة من أبرزها إلى جانب المصالح، الأمن، بحكم موقعهم الجغرافي أوعلاقاتهم بالنظام السابق 
  
 لم يفاجئني حضور الملك عبدالله،  ملك الأردن، في هذا المؤتمر فقد شارك مع الناتو ، بالعدد والعتاد في غاراته على ليبيا. وإن كان يستحيل تصنيف ملك الأردن الصغير بتحركه هذا، في خانة المدافعين عن حقوق الشعوب، وهو الذي يحرم شعبه من مطلب مشروع لا يلحق بتاجه خطرا جسيما: ألا وهو نظام حكم ملكي دستوري،  فيمكن إلحاقه بمجموع الطامعين في النفط ، مع حرصه على عدم التخلي عن إسناد كل عمل يشرع فيه أخواله الإنجليز، فطاعة الخال من طاعة الوالد،  والمثل يقول: الخال والد والرب شاهد 

ما فاجأني، في الحقيقة، حضور ملك البحرين العظيم،  يحتفل مع المحتفلين بسقوط نظام القذافي وبتحرر الشعب الليبي، والحال أن بلده تجتاحها احتجاجات متواصلة من أجل إسقاط  نظامه، وحركة القمع والتقتيل مازالت قائمة على قدم وساق في البحرين فآخر شهيد سقط في سترة، يوم 31سبتمبر 2011، علي جواد الشيخ، طفل في الرابعة عشرة من العمر... جاء إلى هذا المؤتمر متنكرا في زي إفرنجي، لأن عباءته الملكية طال أطرافها لهيب التغيير...كان مندسّا بين الحاضرين، مبتهجا مع المبتهجين، وكان أمور مملكته في العنبر، وكأن لا شيء يجري في البحرين، بالتونسي: جاء يسلّك فيها... ولأن الملك يعرف كيف يخدم أمريكا فقد جدّد معها حديثا اتفاقا يسمح بمواصلة تواجدها في البحرين إلى سنة2016 ، فإن كل الحاضرين لا يشيرون إلى ما يحدث عنده ويتجاهلون   إلى الآن ... أما أمير قطر فكثّر الله من أمثاله، فهو فاعل خير وقط يصطاد لله

dimanche 28 août 2011

لمن يصطاد ذاك القط؟

قالها بصريح العبارة وزيرخارجية فرنسا، ألان جوبي: إن ما قمنا به من مساعدة للشعب الليبي هو " استثمار للمستقبل ". ففرنسا على حد قوله تخسر يوميا في حربها على ليبيا مليون يورو. إنه استثمار وأي استثمار؟ لقد ضمنت  فرنسا وعدا بالخلاص قبل أن تدفع يورو واحدا في إطار مشاركتها حلف النيتو قي حملته التدميرية على ليبيا.  ثبت ذلك في الوثيقة المسرّبة المتمثّلة في عقد يمنح المجلس الانتقالي الليبي  بموجبه 35 بالمئة من نفط ليبيا إلى فرنسا. وهو ثمن باهض، ينبغي إعادة النظر في حيثيات ظروف الاتفاق عليه. وأنا أعتقد أن الشعب الليبي حطّم الصورة النمطية التي يحملها البعض عنه، بما أثبت من قدرة على الإطاحة بأكبر طاغية، عمل على مدى أربعين عاما على إفقار الليبيين وتجهيلهم و حرمانهم من كل مقومات التطور، رغم الإمكانيات التي تزخر بها ليبيا. فعل ذلك ببسالة وتصميم أبهر العالم. هؤلاء الليبين الذين حطموا صنم طاغبة لن يقبلوا أبدا بتسلّط بمراب مستغلّ

من المتحمسين للثورات العربية دولة قطر، التي تلعب دورا مهما في الحملة ضد القذافي  ترى ما هو وجه استفادتها من سعيها هذا المشكور في ليبيا؟ والمنطق يقول لكل عمل دافع تطلب به منفعة أوتمنع به مفسدة، فما السبب الذي دفعها لهذه المشاركة الفعالة؟ الطمع في المال؟هي ذات مال...   كره الحكم الشمولي وحب الديمقراطية؟ هي ليست ديمقراطية... ولن تكون في أمد قريب... وتلعب دولة قطر دورا مهما أيضا على الساحة السياسية التونسية ،في هذه الفترة الانتقالية، بضخّ  أموال طائلة لحساب حركة النهضة في محاولة لتشكيل المشهد السياسي لتونس ما بعد المجلس الوطني التأسيسي؟  بم ينفعها ذلك ؟ وهل تفعل ذلك لمصلحتها أم لمصلحة طرف ثالث... على علاقة بالسيلية مثلا؟ خاصة أن ساكن السيلية يستحيل عليه في هذه الظروف أن يكون لاعبا مباشرا على الساحة العربية  المتحركة بسبب العداء المستحكم في قلوب العرب تجاهه وتجاه موقفه الزفت من القضية الفلسطينية. يقول المثل التونسي: ما ثمّاش قطّوس يصطاد لربّي، فلمن يصطاد ذلك القطّ الذي هو قطر؟

أبو مازق

أبو مازن رئيس السلطة الفلسطينية الوهمية، وغير الشرعي، أقر اليوم بعظمة لسانه أنه في مأزق. وأنه يتعرّض لضغوط  لمنعه  من التقدم بطلب عضوية دولة فلسطين لدى الجمعية العامة للأمم المتحدة. وهذه الضغوط ليست غريبة عليه فكثيرا ما خضع لها، وهي ابتزاز رخيص تقع فيه مقايضة  تحركاته الوطنية، التي ما كان يجب أن تخضع لأي مقايضة، بالمال، بتمويل السلطة. هذه إسرائيل ماضية في عنتها وصلفها تقضم الأرض وتهوّد البلاد وتضيّق الخناق على العباد. وهذه أمريكا راعية أمن إسرائيل. وهذه رباعية على رأسها طوني بلير  بتاريخه الأسود، لم تعبّر يوما عن غير القلق، حتى في أوج معاناة الفلسطينيين، وهم يقتلون بالأسلحة المحرمة دوليّا. حتى الاتحاد الأوروبي يمنّ على الفلسطنيين ويقايضهم على حقوقهم، لمصلحة  إسرائيل، بمساعداته المالية. وكم  دقّ  بابهم  جميعا، أبو مازن محمود يقصدهم طالبا، فيخرج من عندهم مطلوب، مطلوب منه مزيدا من التنازلات، وياما فعل!!! هؤلاء، يدخل إليهم مبتسما يعتقد أنه لديهم محمود ويخرج من عندهم وقدره بلا فلوس مردود. لم ير منهم سوى الابتزاز والتسويف والمماطلة   وكسب الوقت حتى يستحكم أمر إسرائيل فتتغوّل أكثر. رئيس السلطة الفلسطينية حاله شبيهة بالكسكاس،  وهي آنية كثيرة الثقوب يعالج فيها الكسكسي بالبخار، لم يحفظ شيئا لشعبه، لم يترك ورقة ضغط يمكن أن تخدم القضية إلا أسقطها، وأبرزها المقاومة... قاد الشعب الفلسطيني من مطبّ إلى مطبّ بخياره الاستراتيجي العبثي: المفاوضات ولا شيء غير المفاوضات...وها هو اليوم يصرّح تصريح الحائر العاجز: ما الحلّ؟

الحل هو أن يستفيد الشعب الفلسطيني من المناخ العربي السائد وأن يعلن ثورته على أوضاعه...ثورته على سلطة عاجزة لا سلطة لها بالفعل، مفرّطة في حقوقه...همّها كسب رضا أمريكا وخدمة أمن إسرائيل التي وعدها أبومازن بعدم السماح بقيام مظاهرات في الضفّة الغربية...  ثورته على المحتل الغاشم المستهين بآدميته وحقوقه... إن الشعب الفلسطيني أحق الشعوب وأولاها بالثورة. وإن أخشى ما يخشاه الكيان الصهيوني الغاصب هو خروج الشعب الفلسطيني ليس في انتفاضة بحجم ما جربته إسرائيل سابقا، بل في ثورة عارمة سلمية تطالب بحقه المشروع في الاستقلال والحرية والكرامة، حقّ تواطأت عليه قوى الاستكبار وبعض من أبناء جلدته... يخرج في هذه الثورة كل من هبّ ودبّ من أبناء فلسطين يهجرون فيها البيوت إلى الشوارع، بدون انقطاع، يتحدّون الحواجز والمحرّمات، هم الذين لا يعرفون الخوف والذين جربوا الموت في سبيل فلسطين والقدس.  ولقد عبر إيهود باراك  وزير الحرب الإسرائيلي عن خشيته من هكذا  حركة من قبل الشعب الفلسطيني بقوله، إن خروج الشعب الفلسطيني في ثورة شبيهة بما يحدث في العالم العربي أمر غير معروف عواقبه . فليكتشف الكيان الغاصب، على أرض فلسطين كاملة، عواقب ثورة شعبية سلمية قضيتها عادلة تأخذ بناصية أمرها وترفض وصاية الخانعين والمتاجرين...هذا هو الحلّ

mardi 23 août 2011

تشنشينة = أحجية


يحكى أ ن  سارقا وفاسدا ومجنونا وبلعوطا (خبيثا) وغرّا  (قليل التجربة) وخنزيرا التقوا صدفة في سنة.  بعضهم في خبر كان، وبعضهم قريبا في خبر يكون. أما حارث البحر والبائل في الرمل وأولو الأمر وأصحاب التيجان والنيشان وأبو مأزق صاحب السلطة التي قدرها " أف في الميزان فسيلحقهم  الطش في قريب العهد والأوان. ليسوا من الجرذان، وعددهم عشرتان. فمن هم ؟ يا أصحاب الأنفة  والعرفان. 

mercredi 22 juin 2011

في الشخصية العربية

 يفشل الحكام العرب في التواصل مع شعوبهم لأن الأنظمة ﻻ تتفاعل مع الواقع إﻻ من خلال عدسة القوة والمال... أينما وجد تحرك شعبي، تبدا المعالجة الأمنية... تفشل... فينتبه الحاكم، فجأة، إلى أن أحوال الشعب المعيشية ﻻ تطاق وإلى وجود التقصير والفساد...فتوزع الأموال، وتخفض الأسعار... وتكون اللجان

مجلس التعاون الخليجي يطبق السياسة ذاتها. على فكرة: ماعاد الاسم صالحا للكيان، بعد أن فتقت فكرة نيرة في ذهن القائمين عليه، تقضي بتوسيعه ليشمل مملكة الأردن ومملكة المغرب. أصبح الهدف واضحا وسافرا من هذا التوسيع. إنما هو التعاون على إبقاء النظام الملكي الوراثي، فأولى بهذا المجلس أن يسمّى مجلس التعاون على إنقاذ الملكيات.   ضُخّت قدرات درع الجزيرة العسكرية في البحرين، ويضخ المجلس   أموال النفط لمساعدة اقتصاديات المملكات التي تعرف حراكا احتجاجيا، لعل الوضع يستقر فيها

إن هذه المعالجة للأوضاع ﻻ تدل على فشل في  تحديد المطلوب من الحراك الجماهيري، فالحكام يفهمون جيدا ما يريده الشعب من  ثورته: مطالب أساسية : كرامة، حرية، ديمقراطية، رفض الاستبداد  ... الشعب يرفض أن يسوقه راع لأنه ليس من جنس الغنم... هو يريد  دستورا يرضى عنه، يحميه من الاستبداد ويكرس إرادته. هم يَعُون ذلك، ولكنهم أنانيون ﻻ يريدون التفريط في السلطة وامتيازاتها، وهم يكابرون، فلا يعترفون بالفشل في الحكم. ويعدون بإصلاح هم غير قادرين عليه، لأن الحاكم العربي لو هو في الحكم الرشيد فالح، لكان مارسه من اليوم البارح

ستذعن الأنظمة جميعا إلى إرادة شعوبها... وفي أهون الحلول عليها، ستتحول الملكيات إلى ملكيات دستورية،  وسيعوض الشّعار المهين للعربي، السالب لإرادته: ولي أمري أدرى بأمري، بشعار الوعي والثقة بالنفس: عقلي في راسي، أعرف خلاصي، يمارس الشعب بمقتضاه حقه في انتخاب حكومة يعطيها ثقته ويحاسبها على أدائها. وستكون التجارب التي تخوضها البلدان العربية مظفرة، تنتهي بإمساك الشعوب العربية بناصية أمرها

وفي تقديري، أن الشخصية العربية بصدد استكشاف خصلة حميدة في ذاتها، وهي المثابرة، حتى تحقيق المراد. وتدل الخصلة على طول النفس، وفيها إنهاك للطرف المقابل. وأكبر دليل على ذلك ما يحدث في اليمن وليبيا وسوريا والبحرين...واعتقادي راسخ في أن هذه الخصلة الحميدة التي هي المثابرة... هي سبيلنا إلى استرجاع فلسطين

lundi 20 juin 2011

افعلها ...إن كنت أسدا

إن كل حزب عنصري، ولو كان عربيا  عروبيا، ﻻ يستحق البقاء... وإن كل حزب يكرس الدكتاتورية، ولو كان عربيا عروبيا، ﻻ يستحق البقاء... وقد جمع حزب البعث السوري أبشع صفتين يمكن أن يوسم  بهما حزب ما: كان عنصريا  وكان استبداديا

كات حزب البعث عنصريا صفويا عندما حرم، على مدى أربعين عاما، أبناء سوريا من الأكراد من الجنسية السورية، وما يستتبع ذلك من حقوق المواطنة، وأطلق عليهم  اسم أجانب سوريا. ان ذلك التصرف عبثي ﻻ معنى له ، إذ هل ينقص من قيمة العرب والعروبة، وهم أغلبية، أن يعيشوا في وفاق وإنصاف مع قومية أخرى.  لماذا نستنكر من إسرائيل   عنصريتها، وعملها على إلغاء وتجاهل هوية الفلسطينيين وحرصها على الهوية اليهودية لدولة إسرائيل، وفي المنطقة حزب عربي يمارس العنصرية البغيضة ذاتها في وطنه؟

 وقد مارس هذا الحزب الاستبداد، أيضا، بفرضه على الشعب السوري  دستورا تنص المادّة الثامنة منه على احتكار حزب البعث القومي قيادة الدولة والمجتمع. وهذا النوع من الحكم تجاوز، في الشطط واحتكارالسلطة، نموذج الحكم مدى الحياة إلى نموذج آخر: الحكم إلى أبد الآبدين. وقد دامت هذه الحال من السنين أربعين، إلى حين انقشعت غفلة الغافلين، فخرج السوريون بالحرية مناشدين، وبإسقاط النظام مطالبين، ولم يتعظ النظام السوري من تجربة الحكام السابقين: خفض سعر صحيفة البنزين، وزاد في الرواتب من المائة ثلاثين... وإجراءات أخرى... فقدت قيمتها وقد تحسس الشارع مفعول الضغط وإنجازات الضاغطين

إن التنازﻻت التي يقدمها النظام السوري قطرة قطرة، تهيّج الشارع لأنه يعيش ظمأ مزمنا، وهي ﻻ ترقى إلى مستوى تطلعات الشعب السوري الذي يفتدى، كل يوم، حقه في عيش حر كريم، في الديمقراطية، بدمائه... وﻻ يمكن أن تحل المشكلة في سورية، في رأيي، إﻻ بسلسلة من الإجراءات الفورية الشجاعة، تستجيب لتضحيات السوريين، وهي كلها بيد بشار الأسد: أن يبطل فورا المادة الثامنة من الدستور، ويقرّ حرية تكوين الأحزاب، ويحدد موعدا لانتخابات حرة ونزيهة يتنافس فيها المتنافسون

إن تكوين لجان  الدرس أو الحوار الوطني، والخطب، وتعليق المسؤولية على شماعة المؤامرات، تقطيع للوقت، وهذه الأفاعيل مسكن رفض الشارع تناوله. إن الداء معروف والدواء موصوف...إن كنت أسدا ...افعلها يا بشار

mercredi 15 juin 2011

أُنظُر أين تضع نفسك

أبيت اللعن عبارة استعملها العرب للتحية وللدعاء معناها: أَبَيت أن تاتي من الأمور ما يستحق أن تلعن عليه أو تسب وتشتم بسببه. أتوجه بهذه العبارة إلى شعب تونس الكريم بكل أطيافه

وأقول: في هذا الحراك السياسي الذي لم نعهده ولم تعهده أي دولة عربية أو إسلامية يأتي الشعب التونسي شيئا حميدا، يستحق الثناء، وهو التعبير عن الراي بكل حرية.  الإفصاح عن الراي، مهما كان، ﻻ يوجب السب والشتم استنادا إلى أخلاقنا التونسية المتسامحة النابعة من ثقافتنا الكونية العقلانية ومن مبادئنا الإسلامية الإيمانية. العنف اللفظي المتمثل في السبّ والشتم  يتنافى مع منطق العقل، فمن ﻻ يعجبك قوله أو رأيه، تقرع حجته بالحجة وتفند رأيه بالدليل. وإن العاجز عن المقارعة بالمنطق، وحده هو من تعميه العاطفة، فيلجأ إلى السباب والشتم  والأذى، ورفع الصوت عاليا، أمام الميكروفون أحيانا، معتقدا أنه بذلك قد بزّ خصمه في الرأي

إن هذا النوع من العنف ينبذه كذلك الدين الإسلامي، فمن أبرز ما تعلمته من أستاذي، رحمه الله وأحسن إليه، في التربية الإسلامية، أن المسلم واجب عليه أن يكون نظيف اللسان، فلا يسب وﻻ يلعن، قال: حتى الشيطان ﻻ تلعنوه، بل استعيذوا بالله منه، وهو يتوﻻّه بمعرفته. يا سلام على هكذا سماحة...!!! تصور أن أكثر الناس تحفزا  للشتم والأذى هم أصحاب الأحزاب التى يقولون عنها أنها ذات خلفية دينية وأتباعهم. وهذه الأحزاب، هي في الحقيقة دكاكين، يبغون من ورائها تجارة الدنيا،  وكسب السلطة قوام المال، وابتزاز مشاعر المسلمين الطيبين الغيورين بطبعهم على الدين، يمارسون المغالطة ، فكأن من يصوت لهم ينتصر للإسلام، وهذه مجرّد أوهام: إنهم يوظفون الدين لخدمة السياسة. هؤﻻء مجموعة لها أجندتها السياسية، وهي غير مثالية، وتعدّ بالآﻻف. والدين الإسلامي دين التوانسة  هو الدين  الرحب،  يضم من الناس مئات المﻻيين، وأمما وشعوبا من كل أصقاع الأرض ومن كل ألأصناف

  فاختر،أخي التونسي، في الدين، أين تضع نفسك مع حفنة أم مع أمّة؟ واختر، في السياسة، لنفسك  الغموض والازدواجية أو الوضوح والشفافية

mardi 14 juin 2011

ينبغي لأهله أن يداووه

سوقير الحارس الشخصي السابق للمخلوع، ظاهرة مرعبة، يريد أن يدخل التاريخ ويصبح شهير. عنده الإمكانيات التكنولوجية، يتبنك أمام الكاميرا، ويصور شريط فيديو يبثه فيما بعد على الفيس بوك، وﻻ شك أنه يتفرج عليه، فتعجبه نفسه، فينشره. إن تصوره للمجتمع التونسي ساذج وغريب، يراه متكونا من 3 شرائح: الشعب المزمر، ويشكّك حتى في قيمة ثورته، ومجلس- حاشاكم- الكلاب، اي الحكومة الانتقالية، ومجموعة الشرفاء، حماة تونس، ملتفون حوله يوزع عليهم صكوك الشرف والوطنية، وهوعلى رأسهم، العارف بالخبايا والخفايا، وبما يجب أن تؤول إليه الأمور. لم أسمع  من قبل قدر ما سمعته من هذا الرجل من الكلام البذيء والسوقي، الذي يخدش الحياء، والحال أنه يبدأ كلامه  في كل مرّة، في كل شريط ، بالبسملة والحمدلة والصلاة على رسول الله. يقول أنا آت  للتغيير بالسلاح، وعرضه على الكاميرا. لقد نصّب نفسه  وصيّا ومدافعا عن التوانسة وكأنهم قاصرون عاجزون. ويصور نفسه المخلّص البطل، من الطبقة الشعبية الكادحة، تماما كأبطال الأساطير. هذا الرجل مريض بمرض خطير، إنه يتوهم،  يعيش في الأوهام. وينبغي لأهله أن يداووه ويسارعوا في ذلك. إن حاله مثيرة للشفقة، مسكين تعدى على رأسه، زمن المخلوع، من الدمّار الكثير، حتى امتزج لديه الواقع بالخيال، ونخشى ان تصيبنا على يديه الأهوال

تونس أرض التنوع

تعاقبت على أرض تونس الطيبة ملل ونحل منذ ما يقارب 4000 سنة. ويحمل تكوين التونسي الفيزيائي والنفسي والعقلي  بلا شك رواسب من هذا التنوع.  ففيه من البربر السكان الأصليين،  و شيء من قوم عليسة الفينقيين،  وبعض من الرومان جيران الشمال ما وراء البحر الأقربين، وقليل من الوندال من أقاصي شمال أوروبا من سكندينافيا وقد اختلف في أصلهم: النرويج أو هولندا أو الدنمارك، وقد وفدوا على تونس غازين، وجزء من البيزنطيين الغابرين، وكثير من العرب المسلمين الفاتحين،  ونزر من الأتراك الذين ظلوا بزمام الحكم أمدا ممسكين، وأثر من الإسبان جاء مع عودة الأندلسيين، وبصمة من الفرنسيين المستعمرين، وبعد إفريقي مبين.  التونسي يمثل تركيبة فريدة من نوعها مزجت هذا التنوع وصهرته في ذاتها ، فكانت كموقع تونس من الكرة الأرضية وسطا، وكطقسها معتدﻻ، تتميز بالتسامح والانفتاح وﻻ تحيد عنه أبدا، تنشد الرقي بالانسان سواء كان امراة أو رجلا. ومن ﻻ يريد احترام هذه الخصوصية البهية، ويعمل على أن ياخذنا برنامجه السياسي هناك إلى الجزيرة العربية، أو هناك إلى أطﻻل السياسات السوفياتية، سنقول له، يوم انتخاب المجلس التأسيسي، بكل حزم: ﻻ، ﻻ،ﻻ، نحن نأبى التطرف والشططا 

samedi 4 juin 2011

عين التوانسة

عين التوانسة على الحياة التونسية، يتفاعلون معها بالجد والتحليل والنقد، بالكلمة مشافهة  وكتابة، وبالهزل عن طريق النكته اللطيفة المعبرة، أو التعليق المؤذي الناقم، أو الرسوم  الساخرة التي تعرف بالكريكتور، أو بأشرطة فيديو أبطالها رسوم متحركة تشير إلى أحداث على الساحة التونسية وإلى رجاﻻت السياسة الفاعلين فيها. وهذا نموذج يكشف  استعراضه عيّنتين من الأحزاب: الأولى يمثلها الشريطان الأول والثاني، أي الحزب الديمقراطي التقدمي وحزب النهضة وقد كانا جزءا من موضوع مقالة كتبتها، انقرهنا للاطﻻع عليها. أما الثانية فيمثلها الشريط الثالث، أي حزب المؤتمر من أجل الجمهورية وبالإمكان مراجعة صفحته على النت والتعرف على قياداته
   

vendredi 3 juin 2011

الكابوس.... وحلم تونس الوردي

لم يستقر الرأي بعد على تاريخ إجراء الاستحقاق الانتخابي للمجلس الوطني التأسيسي. ولكن وقائع الأحداث ووتيرة تسارعها تشير إلى أن تأجيل  موعد الانتخابات إلى يوم 16 أكتوبر2011 أصبح مؤكدا، فعسى أن يكون في هذا التأخير خير. أقول هذا بعد أن كنت من أكثر التونسيين حماسا للإسراع في العودة إلى الشرعية مع المجلس التأسيسي المنتخب... لقد تكشفت أمور جديدة على الساحة  مع مرور الأيام تبعث على القلق.  وما كنت أعتبره تخمينا وتخوفا يكاد يصبح واقعا. إنه الكابوس الذي يؤرق التوانسة الشرفاء التواقين إلى القطع الفعلي مع قوى الفساد والتخلف، وإلى ديمقراطية حقيقية، سبيل تحقيقها التزام جميع الأطراف بالنزاهة والشفافية
  
الوجه الأول من الكابوس يتمثل في محاولة منتسبي حزب التجمع المنحل العودة إلى الفعل السياسي عن طريق إنشاء  ما يقارب 30 حزبا، عزما منهم على اكتساح الساحة السياسية  من مسالك مختلفة في الظاهر، للتأثير واستعادة ما فقدوه من نفوذ. وسيمثل هؤﻻء تهديدا حقيقيا لما أراده الشعب التونسي من قطع مع الماضي في حال فشل الدعوى التي رفعها محامون أمام المحكمة الإدارية لحل هذه الأحزاب. الوجه الثاني من الكابوس حزبان يرفعان شعارين متناقضين:  الأول يسم نفسه بالديمقراطي التقدمي والثاني يقول عن نفسه إسﻻمي،  وهو حركة النهضة؛ لكنهما يتطابقان في الممارسة. لقد وضعا نصب العين السلطة، وأضحت كل الوسائل مهما كانت، بالنسبة إليهما، نافعة لبلوغها

لقد شهد شاهد كان ينتمي إلى الحزب الديمقراطي التقدمي، وكان قياديا في صفوفه على الممارسات الحاصلة في صلب هذا الحزب الذي أصبح حسب قوله: مرتعا لبقايا نظام بن علي، يستقطب رجال الأعمال وغيرهم من الذين كانوا ينتمون إلى حزب المخلوع، بما يهدد بإعادة إنتاج حزب التجمع المنحل تحت مسمى جديد. وقد شاهدنا على الفضائيات دفاع المسؤول نجيب الشابي عن شخصيات كانت فاعلة زمن الرئيس الفارّ، يمتدح نظافتها ونزاهتها... وبالفعل لقد بدت أمارات الثراء  تتجلى من الملصقات الإشهارية المكلفة التى تحمل صورة الأمينة العامة للحزب مي الجريبي مع مساعدها. و بهذا العمل الإشهاري، قد تجاوزالحزب الديمقراطي التقدمي القانون، ومارس الغشّ والتحيّل ببدء حملته الانتخابية قبل الأوان الذي يجب أن تلتزم به كل الأحزاب.  وقد أكد السيد الغزﻻني، صاحب هذه الشهادة، أن مي الجريبي الأمينة العامة للحزب ليس لها حول وﻻ قول، لأن نجيب الشابي نائبها هو الذي يمسك بكل الأمور وله سلطة القرار، وما هي سوى ديكور نسوي، تماما كما كانت المرأة في العهد البائد. فهل ننتظر من هذا الحزب الذي لم يقطع مع سلوكيات الماضي وشخوصه أن تنصلح معه أحوال تونس في حال فوزه؟

أما عن حركة النهضة فهي حزب يتعجل الانتخابات وهو على يقين بأنه سيفوز فوزا كاسحا. فلقد سمعت، بأذنيّ، أحد خطبائه يحدّث عن النهضة مشبّها ما حدث عليها وما سيحدث  بتجربة النبي يوسف عليه السﻻم : من السجن إلى الحكم.  وكنت قد وصفتها في تعليق على مديح  أحد النهضويين لها، يحط  فيه من قيمة غيرها من الأحزاب التونسية، بأنها حزب كالحرباء، ويميل مع الرياح، تسمع من رموزه كل يوم  قولا مختلفا أو مناقضا، أو خطابا مزدوجا . على سبيل المثال، أعلن النهضويون في مناسبات تمسكهم بمكاسب المرأة المثبته في مجلة الأ حوال الشخصية التونسية التي تحافظ على الأسرة وعلى حقوق المراة وتمنع تعدد الزوجات،  ثم تقرأ تصريحا لأحد قيادييها، سمير ديلو، في جريدة الاستثمار التونسي الالكترونية، فيه وعد بتعدد الزوجات، في حال فوز النهضة... وممّا يزيد الطين بلّة دعوة الحزب الصريحة لاستقطاب التجمعيين، وعدم الشفافية في تحديد موارده المالية...  وآخر ما وصلنا من أخبار تدفق المﻻيين على النهضة من  دولة قطر . وما نعرف من أغنياء تونسيين في قطر سوى الهاربين من أهل وأتباع المخلوع... كل هذا الغموض والازدواجية والتﻻعب يكشف وصولية تبعث على الفزع والخوف...أين ممارسات النهضة هذه من قيم ومبادئ الإسﻻم الذي تزعم أنه يمثل خلفيتها السياسية؟ إن سلوكيات هذا الحزب الحركة انتهازية متعطّشة للسلطة. وﻻ يمكن، والحال كما ذكرت، أن نأتمن النهضة على مستقبل تونس

أما بقية الأحزاب فهي تبذل ما في وسعها لخوض غمار هذه التجربة الفريدة والجديدة  التي سيعيشها الشعب التونسي والمتمثلة في انتخابات المجلس التأسيسي.  وهي تبني استراتيجياتها لتحقيق مكاسب في هذا الاستحقاق بتكتل بعض الأحزاب مع بعضها أو بخيارات أخرى. وإن ممارساتها في مجملها سياسية صحية. وأخشى ما أخشاه أن يستدعي الكابوس البشع بوجهيه رموز المخلوع من جديد إلى الساحة السياسية ، وأن تسود ممارساتهم وتوظف أموالهم للالتفاف على ثورة تونس ولتحقيق مآرب آخرى ليس للشعب فيها من مصلحة،  فيجهض حلم تونس الوردي في حياة  ديمقراطية حقيقية تقطع مع الفساد والانتهازية

mercredi 18 mai 2011

عزاء الشهيد

تخليدا لروح شهيدي الجيش الوطني وتونس في أحداث الرّوحية/ 18ماي2011     

كيف نُحدّث عن الضّيق والألم؟
كيف نُحدّث أهل الشّهيد
عن دماء زكيّه...؟
روت أرض الوطن
 عن بطولة بهيّه...؟
هل في العزاء... فن؟

قد عاش وفيّا
ومات رضيّا
قد عاش ومات على عهد تونس
   حياة الكرام
وموت العظام
  فداء الوطن

كيف نُعزّي من لِبَيته الفقدُ نجَم...؟
كيف نُؤسّي من بِبيته المجدُ حلَم...؟
كيف نُسلّي من لِبيته الفخرُ قدِم...؟
كيف نعزّي...؟
كيف نؤسّي...؟
كيف نسلّي...؟
كيف...؟ كيف...؟

mardi 17 mai 2011

الجيش الوطني في عقيدة التوانسه... ومحاكمة الراجحي


لقد تجاوز الشارع التونسي مسألة تصريحات وزير الداخلية السابق القاضي فرحات الراجحي التي أثارت زوبعة على كل المستويات في البلاد التونسية وما عادت من أولويات اهتمامته. ولكنها ظلت من اهتمامات الحكومة التي تصر على أن ما صدر عن القاضي الراجحي فيه مس بالجيش برأيها يطاله القانون بمحاكمة عسكرية . وفي رأيي المتواضع  فإن الأصرار على محاكمته ليس ناتجا عما قاله في الجيش فقد قال شبيها به مسؤوﻻن على الساحة السياسية، وقد رددت عليهما في مداخلتين الأولى باللغة الفرنسية وعنوانها "الحكومة الفطيرة"،  والثانية عنوانها: "الجيش الوطني امعلم ومعلم وعبقري".  ولم يتأخر الجيش في الرد  على هذه التصريحات المغرضة بحقه ببيان رصين قرأته في الشريط  االسفلي المتحرك للأخبار على القناة الوطنية التونسية قال فيه : إن الجيش الوطني التونسي يستنكر حملة التشكيك في نواياه. فخرست تلك الألسن من يومها. هذا وقد أصدر القاضي فرحات الراجحي بيانا يشرح فيه ملابسات تسجيل التصريحات المسربة على الفيس بوك، واعتذر من الجيش الوطني ورفع له آيات التقدير والاحترام. ونحن إلى اليوم لم نسمع من مؤسسة الجيش بيانا يتعلق بهذا السجال الدائر  في أعلى مستوى. لكن الأكيد أن هناك أطرافا أخرى تدفع نحو هذه المحاكمة وبسرعة

  إن من يطلب رأس القاضي  فرحات الراجحي طرفان على الأقل. أولهما:  الوزير الأول السيد الباجي قائد السبسي. هذا الرجل ربما لم يتحمل أن ينعت بالكذب، وهو الذي يرفع في كل كلمة له شعار: الصدق في القول والإخلاص في العمل. ولم ينجح في رأيي في نفي التهمة عن نفسه، وذلك خاصة عندما علل زيارة وزير الدفاع التونسي مع قائد قوات الجيش التونسي الجنرال رشيد عمار إلى قطر بأسباب اقتصادية؟؟ ولعله رأى أن ما قد لحقه من تكذيب يمس هيبة الدولة، هذا المفهوم الحبيب إلى قلبه، و هو لذلك يستحق العقاب. أما الطرف الثاني الذي يريد رأسه فهم المنتسبون إلى الحزب المنحل الذين فضح القاضي الراجحي نفوذهم وتدخلهم  في شؤون الدولة، وعلى رأسهم السيد كمال اللطيف الذي ذكره وزير الداخلية السابق كمسير محتمل لحكومة ظل في تونس. والطرفان غير قادرين على مواجهته مباشرة ﻷن دعاويهم ضده ستكون خاسرة. لذلك يسعيان لتوظيف حديثه عن الجيش لتوريطه في محاكمة عسكرية: الأول عن طريق تحريك وزارتي  الدفاع والعدل لرفع الحصانة عنه ومن ثم محاكمته . والثاني عن طريق تحريض الجيش البين في تصريحاته


إن هذه الحكومة الانتقالية الوقتية تسللت إلينا في الليل البهيم، كسابقتها أتت بها عاصفة الثورة، ونحن ﻻ نعلم كيف جاءت وﻻ من أين جاءت وﻻ من  جاء بها . وكل ما نعلمه، كما تعلم هي أنها حكومة ﻻ شرعية لها. ولكن العقلاء من التونسيين يرون أن وجودها أفضل من الفراغ الذي ﻻ تحمد عواقبه، ويعللون النفس بسرعة العودة إلى الشرعية ما بعد انتخابات المجلس التأسيسي يوم 24 جويلية 2011... إن الطرف الوحيد الذي يملك الشرعية في تونس،  في هذه الحقبة الحرجة والحساسة من تاريخها، هو مؤسسة الجيش الوطني التونسي. لقد اكتشف المواطن التونسي هذا الكيان في بلده، وما يتمتع به من خصال الوطنية والتعفف والإيمان بقيم الجمهورية. لقد كان الحكم سائبا  أمام عينيه حين فرار الرئيس المخلوع، ولم ينقض عليه، ولو كان فعل، ربما كان سينظر إليه كمخلص البلاد من دولة الفساد

لو قيل لنا، بخصوص زيارة قائد القوات المسلحة الوطنية الجنرال رشيد عمار إلى قطر، إن من دعاه إلى قطر القيادة المركزية الأمريكية في السيلية في قطر، أو يقال لنا لقد تلقى دعوة من قيادة حلف النيتو في بروكسل، أو من أي تكتل عسكري آخر في العالم، فإن الشعب التونسي على قدر من النضج بحيث يعلم أن هذا المسؤول من واجبه أن يستجيب لكل الدعولت، وأن يجلس مع الجميع، وهو على يقين أن هذا الجيش العظيم العتيد سوف يضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار لأن زمن الإملاءات والتعليمات قد ولى إلى غير رجعة. إن التكتم يولّد الريبة والخوف، بينما يبعث الوضوح والشفافية الارتياح والثقة... وإن معاقبة القاضي الراجحي عسكريا، في رأيي،  أمر شبيه باستعمال قذيفة دبابة لسحق ذبابة أحدثت طنينا مزعجا، فالقذيفة ستصيب الذبابة ﻻ محالة ولكن ستضرب معها استقرار تونس وأمنها الهش وستهدّ أركانه... وهذا مُنى عين الكائدين والحاسدين... وإن ما ينتظره التونسي اليوم أن تنأى المؤسسة العسكرية بنفسها عن القيل والقال ، وعن مهاترات اﻷنانيين من الرجال، ممن يريدون زجها في عقيم الخصومات والجدال، ﻷن ذلك سيؤدي حتما إلى سوء المآل...  إن الجيش الوطني في عقيدة التوانسة جميعا فوق كل شبهة، وهو الطرف الوحيد الذي يحظى بثقتهم كاملة. وهو، في رأيهم، المظلة التي تحمي هذا الحراك الدائر في تونس على درب الديمقراطية، وهو ﻻ يخلو من تعثر... وهي التي تحمي كل التونسيين دون استثناء