mercredi 18 mai 2011

عزاء الشهيد

تخليدا لروح شهيدي الجيش الوطني وتونس في أحداث الرّوحية/ 18ماي2011     

كيف نُحدّث عن الضّيق والألم؟
كيف نُحدّث أهل الشّهيد
عن دماء زكيّه...؟
روت أرض الوطن
 عن بطولة بهيّه...؟
هل في العزاء... فن؟

قد عاش وفيّا
ومات رضيّا
قد عاش ومات على عهد تونس
   حياة الكرام
وموت العظام
  فداء الوطن

كيف نُعزّي من لِبَيته الفقدُ نجَم...؟
كيف نُؤسّي من بِبيته المجدُ حلَم...؟
كيف نُسلّي من لِبيته الفخرُ قدِم...؟
كيف نعزّي...؟
كيف نؤسّي...؟
كيف نسلّي...؟
كيف...؟ كيف...؟

mardi 17 mai 2011

الجيش الوطني في عقيدة التوانسه... ومحاكمة الراجحي


لقد تجاوز الشارع التونسي مسألة تصريحات وزير الداخلية السابق القاضي فرحات الراجحي التي أثارت زوبعة على كل المستويات في البلاد التونسية وما عادت من أولويات اهتمامته. ولكنها ظلت من اهتمامات الحكومة التي تصر على أن ما صدر عن القاضي الراجحي فيه مس بالجيش برأيها يطاله القانون بمحاكمة عسكرية . وفي رأيي المتواضع  فإن الأصرار على محاكمته ليس ناتجا عما قاله في الجيش فقد قال شبيها به مسؤوﻻن على الساحة السياسية، وقد رددت عليهما في مداخلتين الأولى باللغة الفرنسية وعنوانها "الحكومة الفطيرة"،  والثانية عنوانها: "الجيش الوطني امعلم ومعلم وعبقري".  ولم يتأخر الجيش في الرد  على هذه التصريحات المغرضة بحقه ببيان رصين قرأته في الشريط  االسفلي المتحرك للأخبار على القناة الوطنية التونسية قال فيه : إن الجيش الوطني التونسي يستنكر حملة التشكيك في نواياه. فخرست تلك الألسن من يومها. هذا وقد أصدر القاضي فرحات الراجحي بيانا يشرح فيه ملابسات تسجيل التصريحات المسربة على الفيس بوك، واعتذر من الجيش الوطني ورفع له آيات التقدير والاحترام. ونحن إلى اليوم لم نسمع من مؤسسة الجيش بيانا يتعلق بهذا السجال الدائر  في أعلى مستوى. لكن الأكيد أن هناك أطرافا أخرى تدفع نحو هذه المحاكمة وبسرعة

  إن من يطلب رأس القاضي  فرحات الراجحي طرفان على الأقل. أولهما:  الوزير الأول السيد الباجي قائد السبسي. هذا الرجل ربما لم يتحمل أن ينعت بالكذب، وهو الذي يرفع في كل كلمة له شعار: الصدق في القول والإخلاص في العمل. ولم ينجح في رأيي في نفي التهمة عن نفسه، وذلك خاصة عندما علل زيارة وزير الدفاع التونسي مع قائد قوات الجيش التونسي الجنرال رشيد عمار إلى قطر بأسباب اقتصادية؟؟ ولعله رأى أن ما قد لحقه من تكذيب يمس هيبة الدولة، هذا المفهوم الحبيب إلى قلبه، و هو لذلك يستحق العقاب. أما الطرف الثاني الذي يريد رأسه فهم المنتسبون إلى الحزب المنحل الذين فضح القاضي الراجحي نفوذهم وتدخلهم  في شؤون الدولة، وعلى رأسهم السيد كمال اللطيف الذي ذكره وزير الداخلية السابق كمسير محتمل لحكومة ظل في تونس. والطرفان غير قادرين على مواجهته مباشرة ﻷن دعاويهم ضده ستكون خاسرة. لذلك يسعيان لتوظيف حديثه عن الجيش لتوريطه في محاكمة عسكرية: الأول عن طريق تحريك وزارتي  الدفاع والعدل لرفع الحصانة عنه ومن ثم محاكمته . والثاني عن طريق تحريض الجيش البين في تصريحاته


إن هذه الحكومة الانتقالية الوقتية تسللت إلينا في الليل البهيم، كسابقتها أتت بها عاصفة الثورة، ونحن ﻻ نعلم كيف جاءت وﻻ من أين جاءت وﻻ من  جاء بها . وكل ما نعلمه، كما تعلم هي أنها حكومة ﻻ شرعية لها. ولكن العقلاء من التونسيين يرون أن وجودها أفضل من الفراغ الذي ﻻ تحمد عواقبه، ويعللون النفس بسرعة العودة إلى الشرعية ما بعد انتخابات المجلس التأسيسي يوم 24 جويلية 2011... إن الطرف الوحيد الذي يملك الشرعية في تونس،  في هذه الحقبة الحرجة والحساسة من تاريخها، هو مؤسسة الجيش الوطني التونسي. لقد اكتشف المواطن التونسي هذا الكيان في بلده، وما يتمتع به من خصال الوطنية والتعفف والإيمان بقيم الجمهورية. لقد كان الحكم سائبا  أمام عينيه حين فرار الرئيس المخلوع، ولم ينقض عليه، ولو كان فعل، ربما كان سينظر إليه كمخلص البلاد من دولة الفساد

لو قيل لنا، بخصوص زيارة قائد القوات المسلحة الوطنية الجنرال رشيد عمار إلى قطر، إن من دعاه إلى قطر القيادة المركزية الأمريكية في السيلية في قطر، أو يقال لنا لقد تلقى دعوة من قيادة حلف النيتو في بروكسل، أو من أي تكتل عسكري آخر في العالم، فإن الشعب التونسي على قدر من النضج بحيث يعلم أن هذا المسؤول من واجبه أن يستجيب لكل الدعولت، وأن يجلس مع الجميع، وهو على يقين أن هذا الجيش العظيم العتيد سوف يضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار لأن زمن الإملاءات والتعليمات قد ولى إلى غير رجعة. إن التكتم يولّد الريبة والخوف، بينما يبعث الوضوح والشفافية الارتياح والثقة... وإن معاقبة القاضي الراجحي عسكريا، في رأيي،  أمر شبيه باستعمال قذيفة دبابة لسحق ذبابة أحدثت طنينا مزعجا، فالقذيفة ستصيب الذبابة ﻻ محالة ولكن ستضرب معها استقرار تونس وأمنها الهش وستهدّ أركانه... وهذا مُنى عين الكائدين والحاسدين... وإن ما ينتظره التونسي اليوم أن تنأى المؤسسة العسكرية بنفسها عن القيل والقال ، وعن مهاترات اﻷنانيين من الرجال، ممن يريدون زجها في عقيم الخصومات والجدال، ﻷن ذلك سيؤدي حتما إلى سوء المآل...  إن الجيش الوطني في عقيدة التوانسة جميعا فوق كل شبهة، وهو الطرف الوحيد الذي يحظى بثقتهم كاملة. وهو، في رأيهم، المظلة التي تحمي هذا الحراك الدائر في تونس على درب الديمقراطية، وهو ﻻ يخلو من تعثر... وهي التي تحمي كل التونسيين دون استثناء




 

samedi 14 mai 2011

ألتمس له عذرا



كانت أجوبة  الوزير الأول السيد الباجي قائد السبسي على مساءلة الصحافيين التي بثت  علي الفضائيات التونسية مساء الأحد 9 ماي  2011  سياسية عامة ﻻ تشف وﻻ تصف، وتركت الناس، الذين كانوا متطلعين إلى بيانات ومعلومات شافية، على عماهم.  وقد تميزت بطابع هجومي، أعطى لكل واحد، كما يقول المثل التونسي، برجه وطالعه. فكانت استفزازية لأكثر من طرف، للنقابيين والقضاة والأحزاب وحتى للأمن... ولم تتأخر هذه الأطراف بالاستنكار والتوضيح. أما عموم الشارع التونسي، فلم يقتنع بطروحاته، وتفاعل سلبيا مع أقوال الوزير الأول ومازال هذا التفاعل  متواصلاً

إن خطاب الوزير بدا متعاليا على كل التونسيين، وفيه كثير من الحقرة لذكائهم وأبرز دليل على ذلك تعليله لزيارة وزير الدفاع التونسي والجنرال رشيد عمار إلى دولة قطر... بأسباب اقتصادية...!!! من سيبلع هذه الحبّة...؟  حتي الصحافيين الذين كانوا يحاورونه تعامل معهم كما يتعامل المؤدب مع تلاميذه. وأنا ﻻ ألتمس له من الأعذار إﻻ ما ألتمسه لجدي. فالشيخ، وهو شيخ في السنّ وشيخ في العلم، وأنا جادة فيما أقول، يحمل أصدق النوايا في إرادة الخير والنصح، ويجتهد في ذلك... ولكنه ﻻ ينجح إﻻ قليلاً؛ ﻷنه بكل بساطة يحمل قيم جيل سابق، قيم جيله ورؤاه للعالم، وكثير منها تجاوزه الزمان، ومثال ذلك مفهومه للحكم والدولة ( انظر مداخلة سابقة لي )...إن نظرته للدولة ونهجه في الحكم  عفا عليهما الدهر... وهما، في رأيي، وراء كل هذه الململة والقلاقل التي تحدث في البلاد. لذلك ينبغي أن نسهل العودة إلى الشرعية بانتخابات 24 جويلية، وأن نزيل كل العقبات في طريقها

في حكومة الظل ... وفي الحكم

  "ﻻ  حكومة ظل وﻻ نفوذ في الحكومة لأزﻻم الحزب المنحل . والذي جاء بالخبر فاسق، وﻻ تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين ".  هذا مجمل رد الوزير الأول  حول خبر وجود حكومة ظل تحرك الأمور في تونس. وإن قناعة أغلب الشعب التونسي تذهب إلى تصديق أن هكذا حكومة موجودة لشهادة السيد القاضي فرحات الراجحي، ومفادها أن السيد كمال اللطيف، وهو رمز من النظام البائد، يقود حكومة ظل؛ ولشهادة سابقة لها أدلى بها المحامي عبد الفتاح مورو بثت في شريط على الفيس بوك، تتعلق بالسيد الهادي البكوش،  شخصية أخرى نافذة ومؤثرة زمن المخلوع. ويثبت السيد مورو أنه كان وجده في مقر رئاسة الوزراء، زمن حكومة الغنوشي المخلوعة، دونما أية صفة سياسية أورسمية،  وهو كما روى عنه : جاء يعاون. وقد قرأت شخصيا نفي الهادي البكوش، على أعمدة صحيفة تونسية، أن يكون على رأس حكومة ظل.  وفي رأيي أنّ البيضة، كما في المثل الشعبي التونسي، ما تقول: طق،  إﻻ إذا فيها شقّ. وهذه البيضة: فيها شقّان، أي أن مسألة حكومة الظل فيها إشاعتان... بل روايتان، فما حقيقتها....؟؟ أن ﻻ يكون السيد قائد السبسي على  علم بها، ﻻ ينفي احتمال وجودها وأن تكون مؤثرة في أعضاده من أتباع حزب المخلوع

وإن من بين ما شدّ انتباهي في مساءلة الصحافيين للوزير الأول يوم  9 ماي 2011 بخصوص الأوضاع في تونس،  خطاب السيد الباجي قائد السبسي عن طريقته في الحكم، وقد سمعت حديثه عنها بنفس الكلمات على الأقل مرتين. إن الوزير الأول  مازال يسير على النهج الذي شب عليه ... "أنا  أحكم وحدي" وهذا قوله... ومفهوم الدولة الذي في رأسه  هو انفراد بالحكم، شبيه بما تقوم عليه  بلدان أخرى على غير النظام الجمهوري: ولي أمري أدرى بأمري ... بعبارة أخرى الشعب يسرح، لأنه ما يفهم شيء؛  والحاكم في الحكم يمرح، لأنه يعرف كل شيء ... ويبدو ذلك من قوله:" في بالي عندي مفهوم الدولة ... ليس كتمان السر...[لكن] موش كل شيء يُقال...[ تحبّون] كل شيء مفضوح؟... تو نعملوها... وإن هذا الذي ستعملوه، يا سيدي،  هو "الشفافية" التي كاد يسبب انعدامها خراب تونس، وقضت من أجلها أرواح طاهرة، وهي دليل الحكم الرشيد، وهي حق من حقوق الشعب على حكومته


vendredi 6 mai 2011

كل ما نعلمه ...أننا ﻻ نعلم شيئا

تُطرح قضية الإعلام في تونس، ما بعد الثورة ، بحدة.  بلدنا يعيش ظاهرة غير صحية، إذ ليس لدينا إعلام. صحيح، عندنا  فضائيات وإذاعات وصحف وأخبار تنشر على الشبكة العنكبوتية... ولكن التونسي يبقى على عطشه، فهذه الأخبار والمواضيع المطروحة فيها ﻻ تستجيب لتطلعاته، وﻻ تهدئ من روعه، وﻻ تفند شكوكه، وﻻ تبدد حيرته، وﻻ تبعث في نفسه تفاؤﻻ بمستقبل أيامه...هوﻻ يرى أملاً في تحقيق ما قامت الثورة من أجله: إجراء انتخابات في 24 جويلية تنقلنا إلى الشرعية وتحقق لنا الانتقال الديمقراطي. نسمع  ونقرا في الأخبار عن هروب ما يقارب 1300 سجين من وﻻيتين في ليلة واحدة ...ثم ﻻ نخبر بشيء بعد ذلك...وهات يا تأويلات... ويا تخمينات... من يتحمل مسؤولية هذا الحدث الجلل...هناك إشاعات عن وجود حكومة ظل رئيسها كمال اللطيف وهو  من أصحاب النفوذ في العهد السابق ... وقد سمعته على الهواء في إحدى الإذاعات  يفند الإشاعة، وكان النفي في شكله ومضمونه، حسب رأيي، أقرب إلى التأكيد... نحن التوانسة، ﻻ نرى شيئا يتقدم على مستوى محاسبة المسؤولين السابقين في العهد البائد، وﻻ على مستوى جلبهم من الخارج، وﻻ على مستوى استرجاع الثروات والأموال والأراضي والعقارات المنهوبة من الشعب التونسي.  حتى زيارة الجنرال رشيد عمار قائد الجيش التونسي إلى قطر وبقاؤه فيها لفترة أعلن خبرها  في قناة قطرية وعنها أخذ الخبر الإعلام التونسي... هل هناك تكتّم من الحكومة...؟؟ إن نعم لماذا...؟؟ كلّ هذا يثير الريبة والتساؤﻻت


أكاد أجزم، وأنا التونسية،  أني اعرف عن إنجازات حكومة الثورة المصرية أكثر مما أعرف عن إنجازات الحكومة  الانتقالية التونسية. ليس لدينا إعلام حكومي... ومما ﻻ شك فيه أن هذه الحكومة تبلي لكن فلتطمئنا . فلتصدر لنا على الأقل بيانا أسبوعيا توضيحيا يتطرّق إلى ما يشغل بال الناس، خاصة فيما يتعلق بالأمن وترديه وعودة التجاوزات من قبل جهاز الأمن من جديد...والتحضير للإنتخابات... الناس يعيشون حالة من التوتر والهستيريا... والأستاذ الطيب البكّوش- وزير التربية والتعليم-  الذي عين ناطقا رسميا باسم الحكومة العتيدة الانتقالية يعيش حالة بكش- والبكش في الدّارجة التونسية هو البكم  والبكّوش هو الأبكم- لقلّة ما ينطق باسم الحكومة في المطلق ...وما ينطق في ما يهم الوضع العام في تونس... هذا المناخ مناسب  لظهور الإشاعات وانتشارها بين الناس ... قالوا حدث كذا ...أوربما حدث أو سيحصل كذا ... "والله  ما أعرف"...هذا جواب كل تونسي  تسأله عن خبر صحيح في حال البلد. كل ما نعلمه في تونس...أننا ﻻ نعلم شيئا.  وقد رأينا ما أحدثته تصريحات الأستاذ  فرحات الراجحي وزير الداخلية السابق للصحافة  من  بلبلة.  وسبب البلبلة، في الحقيقة، ليست تصريحات الراجحي، فالذي يتداوله الناس بينهم من أخبار أو إشاعات أدهى بكثير... وإنما هو شحّ المعلومة وبخل الحكومة بها.... هذا الشعب ملدوغ  - والملدوغ، كما يقول المثل التونسي، يبيت ليله يتخيّل لسع العقارب - خيّبه حاكمه وخان ثقته  على مدى 23 سنة... وقد قام بثورة دفع فيها دماء زكية ... فمن حقه أن يقلق على ثورته ... ومن حقه أن يعلم، ومن مصدر موثوق... ومن واجب الحكومة أن تتفاعل معه وتتعامل  بمسؤولية ونضج وشفافية

mercredi 4 mai 2011

كلاهما من فصيلة الغربان

كانت تونس تشهد في عهد المخلوع تزاحما بالمناكب على المناصب. وقد تورط في هذه اللعبة مثقفون قديرون في مجال اختصاصهم أهدروا طاقاتهم في خدمة طاغية جاهل فجعلوا الجهل للعلم سيدا. وما كان لانقلاب القيم والموازين أن يدوم أبدا . هؤﻻء كتبت عنهم في مداخلة وسمتها بعنوان "التعدد" وسميتهم بالمافيا الثقافية  وتعجبت حينها أن أمرهم لم يفضح بعد، واقترحت أن ينزلوا على قائمة العار ...لكن هو منطق الثورة، وما جربتها من قبل،   لكل شيء أوانه.  بدؤوا ينكشفون تباعا. وقد أدرك كل واحد منهم ماضيه، وتباينت ردود أفعالهم بين متوار بالستر أو بالاستقالة، ومكابر يريد بكل الوسائل أن ياخذ مكانا تحت الشمس في الواقع الجديد. هؤﻻء الرهط  تجمعيون مثقفون نظّروا في فراغ لسياسات المخلوع ونفخوا في أذنيه بالطبل والتزمير

وتشهد تونس هذه الأيام قذفا بالشتائم ومقاتلة بالعنف اللفظي والمادي، بالضرب، من أجل ضمان تولّي النفوذ والسلطة. وأبرز من يمارس هذا السلوك التجمعيون الرافضون التفريط في النفوذ السياسي. يوظفون في ذلك أزﻻم المخلوع المتغلغلين في مفاصل السلطة الحالية في الأمن وفي  الإدارة ومليشيا الحزب المنحل،  وينفقون في ذلك ما بين أيديهم من مال السلب والنهب. وينضاف إلى هؤﻻء رهط آخر، متطرفون  طلعوا علينا بنغمة أنهم المسلمون ومن ﻻ ينضم إليهم هم ﻻئيكيون أي فاسدون. وكأن الإسلام هو نقيض اللائكية. وهم يستعملون خطابا مزدوجا ، أمام الإعلام: هم متسامحون ﻻ يرون مانعا في حكم ﻻئيكي مدني،  وفي المساجد تتم التعبئة السياسية للتعصب والإقصاء: يا نغرتي على الدين. التجؤوا إلى العنف المادي وطالت أيديهم مثقفين وفنانين تونسيين وغيرهم..ﻻ يقبلون النقاش: إما ان يسمعوا منك ما يريدون سماعه، وإﻻ فأنت ﻻ تتسم بالنزاهة والموضوعية ، وينقصك الإلمام...فضلاً عن إسفاف مريع في الخطاب يجعلك تعجب كيف يزعم هؤﻻء أنهم من الإسلام، وأكثر من ذلك، حماة الدين

إن الرهط الأول  هو من قامت  الثورة ضده، وهو يجهد في قيادة ثورة مضادة تبقي  كعكة الحكم بين يديه. أما الرهط الثاني، وهم السلفيون، فلم يكونوا طرفا في الثورة أو فاعلين فيها، قاموا من سباتهم يتوسلون كل الوسائل للانفراد بكعكة الحكم، ودليل ذلك رفضهم التوقيع على الميثاق الجمهوري، الذي يلزم كل الأطراف بعدم الحياد عن مبادئ الجمهورية بعد انتخاب المجلس التأسيسي في 24 جويلية 2011 .  وإن هذا الرهط وذاك ، كلاهما من فصيلة الغربان، يريدان الانقضاض على السلطة، على تونس. كل يريد أن يحقق مأربا في نفسه بعيدا عن مصلحة تونس وشعبها.  لكن هيهات هيهات، فتونس حيّة  حيّة، تتدفق في عروقها دماء وهّاجة ثورية، وهي محروسة بعيون يقظة عيون من دفع في الثورة ضريبة الدم 

lundi 2 mai 2011

ﻻ شيء يبرر قتل الأبرياء...لكن...؟

اغتيل بن ﻻدن مؤسس تنظيم القاعدة وزعيمها، هذه الشخصية الخلافية والأسطورة العالمية التي ساهم في نسج ملامحها المتباينة إلى حد التعارض كل شعوب العالم على اختلاف ثقافاتها ودياناتها ونظمها وأدواتها السياسية والاعلامية وغيرها. وقد ساهم المخيال الشعبي هو أيضا بقدر واسع في رسم صورته: بين مبالغ في شيطنته فهو بالنسبة إليه مجرم خطير طريد، ومبالغ في اعتباره إذ يرى فيه المجاهد المغوار العنيد. ولقد اختلفت المواقف من مقتله اختلافها من شخصه وتنظيمه فهو قد لقي حتفه بالنسبة إلى هؤﻻء  وفي  عرف أوﻻئك هو شهيد. وبينما خرجت الجماهير للاحتفال باغتياله في الوﻻيات المتحدة  وعبر بعض كبار السياسيين في العالم  عن ارتياحهم لذلك  وعن أملهم بأن ينتهي العنف بموته، ساد الصمت في أوساط الجماهير العربية والإسلامية، وذلك لأن التفاعلات والانفعاﻻت تجاه هذا الحدث المعقد فردية بامتياز، وهي في نظري ﻻ يمكن أن تكون بيضاء وﻻ سوداء، ولأن الثقافة العربية ﻻ تقبل الشماتة بالموت ولو كان هذا الميت عدوا. وهل كان بن ﻻدن عدوا للعرب؟ هل كان عدوا للمسلمين؟  وهل سنستفيد نحن بشيء من موته...؟

ظفر الغرب بعدوه الألد ، وبدأت فضائيات العالم  تذكّر بأعمال الشيطان: التفجيرات في أكثر من مكان ومنشأة من العالم وإرهاب المواطنين الآمنين  وغير ذلك مما يبرر لديهم عملية الاغتيال هذه. لكن ماذا عن قتلة شعوبنا العربية والأطفال؟ ماذا عن الذين مارسوا إرهاب الدولة بالأمس،  ويمارسونه اليوم، وسيمارسونه غدا تحت سمع وبصر العالم أجمع. ماذا عن قتلة التونسيين الآمنين في بلادهم، في حمّام الشط ، بقصف جوي غادر، في غرّة أكتوبر 1985، أقصد الصهاينة ؟  ماذا عنهم مرتكبو المجازر في سيناء وفلسطين ولبنان مرارا وتكرارا؟. ماذا عن القتلة من الأمركيين في العراق وأفغانستان وباكستان؟ ﻻ شيء يبرر قتل الأبرياء...لكن بن ﻻدن الذي عد مجرما وطارده الغرب وطارده العالم العربي معه لو تجمع كل العمليات التي نفذها تنظيمه لعدت نتائجها نزرا يسيرا بالنسبة إلى القتل وإلى الفظائع التي ارتكبها الأمريكان والإسرائليين في حق الشعوب العربية. قائمة قتلتنا المضرجة أيديهم بالدماء العربية، بدماء الأبرياء،  طويلة ومعلومة لدى القاصي والداني. ولقد جعلت العديد من المنظمات الحقوقية والانسانية العربية والعالمية  مهمتها جلب هؤﻻء للقضاء لمحاكمة عادلة. ولكن هو العالم يكيل بمكيالين... مكيال للضعفاء ومكيال للأقوياء. الضعفاء يلتزمون بالقوانين ويمتثلون لها، فلا يحق لهم حق أبدا... أما الأقوياء فيصدرون الأحكام  وينفذونها - راجع على سبيل المثال الاغتياﻻت بحق الفلسطينيين في أنحاء العالم، بما في ذلك اغتيال أبو جهاد في تونس - وهم ﻻ يراجعون في ذلك أحدا... فهل أن  ثورة الشعوب العربية من أجل الكرامة، يا ترى،  ستقصّر لزمن المظالم الذي نعيشه أمدا ؟