vendredi 21 décembre 2012

هذه حالي

انخرطت في حزب المؤتمر من أجل الجمهورية ودفعت عشرة آلاف ثمن الانخراط، وقلت: المرزوقي حقوقي...لكن سرعان ما تبين لي أن الرجل لا يعوّل عليه - حتى لا أقول فيه  كلاما آخر- فقلت: لأتداركنّ خطئي. وصوّتّ لحزب التكتّل الاشتراكي... فإذا برئيسه  بن جعفر كالنّسر المُقعَد، لا يَبلّ ولا يَعِلّ... فكان حالي حال من هرب من القطرة فجاء تحت الميزاب.... هما - الإثنان: المرزوقي وبن جعفر - أركبا حركة النهضة على ظهريهما، ومن ثمّة على ظهر التوانسة بتلك الترويكا الحولاء....  بل هي عمياء عن مطالب الناس وهمومهم وعن حاجة تونس إلى دستور تقدمي حداثي  يليق يها وبشعبها... فاللهم خذ ذاك الثالوث- المرزوقي وبن جعفر وراشد الغنوشي رئيس حركة النهضة، الثالوث الذي يتهدّد  تونس ومستقبلها - أخذ عزيز مقتدر....آمين. 
ملاحظة: يبدو ان حالي من حال غالبية الشعب التونسي انقر هنا للتيقن من ذلك

samedi 3 novembre 2012

لا تناوروا

 يتّسم عادة نقد المعارضين التونسيين لحكومة الترويكا وأدائها بالمنطقية  ويستند إلى الدليل. هذه الحكومة بتأكيد معارضيها بالحجّة، وبشهادة رئيس الدولة المؤقت- وحزبه من الترويكا الحاكمة- فشلت في مواجهة مستحقات هذه المرحلة الانتقالية. والسبب ورد على لسان راشد الغنوشي: فهي  متكونة من عناصر "خرجوا من  الحفر تحت الأرض " وأمسكوا بالسلطة، فهم لا يعرفون شيئا، منعدمو الخبرة. في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ تونس هم " يتعلمون في روسنا  الحجامة". والنتيجة واضحة للعيان، لا ينكرها ولا يكابر فيها إلاّ النهضويون الذين ينظرون إلى حال تونس بنظّارات من خشب، يتحدّثون عن الإنجازات والحال أن البلاد معطّلة وأن نسبة البطالة تتزايد، وأن الوضع الأمني كارثي بسبب تنامي عنف التيار السَّلَفي.

المسؤولون في الحكومة يوجهون سهام النقد إلى المعارضة ويتهمونها بالتهويل وبتخويف الناس. والناس خائفون أصلا... وكيف لا يخافون وهم يشاهدون على شاشة التلفزة إمام جامع ينعت فريق الحكومة بالكفر ويرفع كفنه محرضا السّلَفيين على الجهاد ضدها ويستهدف وزير الداخلية مباشرة على الهواء بشنيع القول. إن كانت الحكومة غير قادرة على أن تذبّ عن نفسها، فكيف ستذبّ عن المواطنين... وكيف ستكفّ أيدي هذه الجماعة عن التونسيين  الذين يخالفونهم الرأي وعن المجتمع جملة؟ وواقع الحال أن في تونس محاولات متعدّدة لتحريك السلاح بين مناطق الجمهورية ... يقول النهضويون في مختلف مستويات المسؤولية، هم أبناؤنا يسيرون في طريق التشدّد الديني وعلينا محاروتهم وإقناعهم...  لا تناوروا... حدّدوا سقفا زمنيا للحوار والإقناع، أو حجّروا أحزابهم التي  تجاهر بعداء القيم الجمهورية. فالدولة التي يريدونها إسلامية إسلامية، لاحقوق انسانية ولا مدنية ولا ديمقراطية ولا علمانية... لامواطنة ولا مساواة... لاحريّة ولا نخبويّة....

في الحقيقة، ما أرى في تصرّف الحكومة، وتسامح النهضويين مع السلفيين  إلآّ خطّة لتتفيه  (banaliser ) اعتداءات السّلَفيين والتقليل من شأنها حتّّى تصبح شأنا يوميّا عاديّا... ويبدأ الناس يقرؤون لهم ألف حساب  ، فيمتثلون لما يحب هؤلاء ويهجرون ما لا يرضون عنه اتّقاء شرّهم.  فيقول الحزب الذي يكفّره السلفيون " هي حركة النهضة الإسلامية نعتوها بالطاغوت" ويقول التونسي الذي ينعت بالكفر" هو علي العريض وزير الداخلية نعتوه بالكفر". وتقول البنت"السافرة" - بعبارة رئيس الجمهورية- التي تتعرّض  للعنف اللفظي من قبل السلفيين  بسبب مظهرها ، وأعفي قرّائي، فلا أذكر نماذج منه، تقول: إن تجربتها المرّة أخف من تجربة البنات اللاتي عنّفهن السلفيون ماديّا ، وقد تقول وهي تقف أمام خزانة ثيابها تنتقي من لباسها ليومها: هذا اللباس يعجبني وهو جميل، لكن قد يجلب لي المتاعب... إنّ التقليل من خطر التعديات السلفية على المواطنين وعلى نمط عيش المجتمع التونسي جزء من استراتيجيا لتحقيق مشروع التدافع في المجتمع. هذا المشروع العزيز على قلب راشد الغنوشي زعيم السلفية، الذي مُناه أن يغيّر به وجه تونس الحداثي إلى وجه سلفي  بشع كل شيء فيه عورة.

lundi 22 octobre 2012

وجه النهضة


يحلو للبعض الحديث عن صحوة إسلامية في تونس. والقول برأيي خطأ. فتونس لم تنم عن إسلامها أبدا. بل أرجّح القول عن حراك ديني غريب عن تاريخ التوانسة، المسلمين جلهم، المتآلفين على مذهب غالب... وعلى مدى تاريخنا الحديث لم تُعرف صراعات في تونس ذات طابع ديني، حتى طلعت علينا حركة الاتجاه الاسلامي السلفية وزعيمها راشد الغنوشي، وفعلت الأفاعيل ليس لترسيخ الدين أو تقريبه من الناس وتقريب الناس منه أو تحسين وعيهم الديني وأدائهم في العبادات. وإنما لتكفير من لا يرى رأيهم ولإقامة الدولة الدينية بالحيلة والمخاتلة... 

اسم حركة النهضة اسم تنكري لتغطية وجه الحركة السلفي الذي ينكشف قبحه تدريجيا: بتصريحات الجبالي رئيس الحكومة حول الخلافة السادسة، وبتصريحات شورو نائب النهضة تحت قبة المجلس التأسيسي بإقامة حدّ قطع الأيدي والأرجل على المعنصمين المحرومين، واعتبارهم المفسدين في الأرض، وبتصريحات الغنوشي الذي اعتبر فيها التونسيين الذين ليسوا معه هم علمانيين ضد الإسلام وضده.  وينكشف وجه النهضة القبيح أيضا بممارساتها في الاستئثار بالسلطة والقرار دونا عن شريكيها في الترويكا وفي تقويض أسس البناء الديمقراطي: بنهضنة مفاصل الدولة واستهداف حيادية الأمن والجيش وعرقلة استقلال القضاء والإعلام وبقية المؤسسات، وبتشريع العنف السياسي على خصومها بدعوى قطع الطريق على الفاسدين وأزلام النظام السابق، والحال أن حكومة النهضة  تعتمد على كوادر النظام السابق من التجمعيين في مناصب حساسة، وزارية وحكومية، واقتصادية هامة... 

بصراحة حزب النهضة الذي تأكد- بالعمل والقول- انعدام كفاءة كوادره وفشلهم في إدارة البلاد وتأكّد إيغاله في الشمولية والإقصاء،  قد أدخل البلبلة على البلاد والعباد. وخلاصة القول، أن تونس ليست بحاجة إلى أحزاب دينية  أو إسلامية، فالإسلام مقامه محفوظ في صدور التونسيين جميعا. وحفظ الأوراد وكتب الفقه لا تصنع السياسي الناجح وقد أثبتت حكومة النهضة بالتجربة ذلك، فقد ازداد تحت حكمها الوضع الاقتصادي سوءا، وانتشرت الفرقة بين الناس، وعمّ الخوف في الحاضر ومن المستقبل...  بل هي في حاجة إلى أحزاب مدنية وطنية تختلف وتلتقي على مصلحة تونس أولا وفي كل الأحوال...

lundi 6 août 2012

العنف السَّلَحْفِي، أوّلا أو آخرا، و في كل الأحوال

امرأة تونسية كادحة لم تؤم المدرسة يوما، ولكنها تعيش واقعها بعمق، وتتحدث في كل المواضيع، وتخوض  غمار السياسة، وتعبّر كغيرها من التونسيين عن تطلعاتها ومخاوفها في ما يتعلّق بحاضر تونس ومستقبلها. وقد أدركت بالبيّنة أوبالحدس أن الظاهرة السلفية دخيلة على تونس،" ما هيش متاعنا". وكانت تسمّي السلفي عندما تذكره " السَّلَحْفي " وتجمعه "بالسَّلَحْفيين" وهي بذلك أوجدت لهم "مصطلحا"  استخدمت فيه النحت بين السلفي ولِحيته، وهي سمة مميزة له. وتمّ هذا النحت عندها بالفطرة. وقد رأيته وجيها ومعبّرا، لذلك دأبت على استعماله.

وأذيّل مداخلتي هذه بعرض أشرطة توثق تحرك السَّلَحْفِيين  دون حسيب ولا رقيب، وتوثق اعتداء سَلحْفِي على الشيخ عبد الفتاح مورو بنزل القصبة بالقيروان بعد الإفطار يوم 5 أوت 2012. وقد كان الشيخ يشارك في محاضرة حول "التسامح في الإسلام". ومن أبرز الأعلام الحضور فيها  المفكر الإسلامي التونسي يوسف الصديق. ويناصب السَّلَحْفيّون هذا المفكر العداء ويدأبون على العمل على إفساد المحاضرات التي يلقيها أو يشارك فيها بالتشويش وإحداث الفوضى وبالعنف اللفظي والمادي. وهذا أمر يعرفه أولو الأمر، وتعرفه وزارة الداخلية بالتحديد. 

فلماذا غاب الأمن عن هذه التظاهرة وهو يعلم أن وجود المفكر يوسف الصديق يستجلب العنف السَلَحْفِي بالضرورة؟؟؟ وأسأل سؤالا "على الطاير"، النهضة، ماسكة الحكم وحافظة الأمن، من تريد أن تخوّف في الحقيقة بتغافلها وتجاهلها للعنف السَّلَحْفِي  وبتغييبها عناصر الشرطة في تلك الأمسية، يوسف الصديق؟؟؟ فتُسكِت صوته، أم الشّعب التونسي؟؟؟ حتى يعزف عن حضور نوع معين من الندوات الفكرية ويقاطع مفكرين معيّنين، بما أن وجودهم  يجعل المحاضرات أو الندوات تنقلب في كل الحالات إلى شغب وعنف. 

الأكيد الأكيد أن الشيخ عبد الفتاح مورو ينطبق عليه المثل " يجيك البلاء يا غافل" ، وأنه قد علق، في ذلك الحين، في قلب الصراع الدائر بين توجّهين متناقضين في فهم الإسلام: إسلام متنور معتدل متسامح وإسلام وهّابي متعصّب. وكان السّلحْفي يريد الشيخ عبد الفتاح إلى جانبه في تلك اللحظة. ولمّا فشل في إقناعه وضمّه إلى موقفه، غدره وانقلب في لمح البصرمن محاور إلى  معتدٍٍ  شرس، شجّ رأس الشيخ بكأس أدمت جبينه، وطيّر عنف الضربة العمامة من على رأسه الجليل.... وذلك هو منهج السّلَحْفِيين في السيرة والسلوك: العنف أوّلا أو في آخر المطاف، ولكن في كلّ الأحوال.


                                      لحظة الإعتداء على عبد الفتّاح مورو 6-8-2012


 أنقر هنا  لمشاهدة فيديو  الإعتداء على عبد الفتاح مورو ويظهر فيه المعتدي

أنقر هنا لمشاهدة صورة لتعليق منهج السلف الصالح بالقيروان على الحادثة

jeudi 12 juillet 2012

إنّ الصدق من دواعي الاحترام


كل يوم تسمع عجيبة ترد على لسان متحدث من حركة النهضة... سمّها فِرية أوسمّها كذبة الأمر سيان...الأكيد أن المتحدث منهم يطلق التلفيقة بكل ثقة وإصرارحتى ليتوهم خالي الذهن أن ما يقوله هو حقيقة وصواب.  لطفي زيتون وجه من وجوه حركة النهضة يذكر في كل منبر أن نصف التونسيين أو 40 بالمئة منهم  اختاروا النهضة، وهاذي نتائج الانتخابات  التي أوصلتها إلى الحكم، إذ يؤكد الرسم التالي كذب ما يدّعي
تسمع كان الشعب اختار اش اختار هاى النتائج واحد يقلك الشعب معناها 10 ملاين و واحد يقلك نصف الشعب و يمكن مدة اخرى تولى حتى شعب الصين اختار معانا
===================
https://www.facebook.com/U.P.R.anti.fetna
============================
أما ممثل كتلة النهضة في المجلس التأسيسي فزعم في حوار تلفزي أن رأسي مواجهة طغيان بن علي في تونس كانا حركة النهضة والاتحاد العام التونسي للشغل وكانا لوحديهما. وفي هذا تزوير بين للتاريخ من وجهتين، أن المتحدث جعل حركة النهضة  نِدّا للاتحاد العام التونسي للشغل، وشتان بين الثرى والثريا من حيث العراقة في التاريخ النضالي الوطني والاجتماعي، وأنه أنكر نضالات الأحزاب الأخرى والدور الفعال الذي لعبته الرابطة التونسية لحقوق الإنسان في هذه المواجهة.  أمّا الغنوشي رئيس الحركة فنعت في حديث له النهضة بأنها منظمة عريقة ونعت بالعتيد الاتحاد العام التونسي للشغل ليحدث نوعا من التساوي بينهما، والحال أنّ النعتين  ينسحبان معا  على الاتحاد العام التونسي للشغل دون غيره، فهو المنظمة الوحيدة  الصامدة التي جمعت الصفتين معا في تونس ...
وقد خرج علينا منذ يومين القائم على تحضير مؤتمر النهضة في جويلية، في قناة نسمة، يعلن ما يدل على أن حركة النهضة ليست عريقة، بل هي تبحث عن جذور طيبة تستولي عليها وتنتسب لها. فقد صرّح أن حركة النهضة هي امتداد للحركة الوطنية التي قادها عبد العزيز الثعالبي. والشيخ الثعالبي هو زعيم من زعماء الحركة الوطنية ومؤسس الحزب الحرّ الدستوري القديم، صاحب المؤلف الشهير "روح التحرر في القرآن" الذي صدر بباريس سنة 1905 وقد " كتبه ردا على بعض الاتجاهات الإسلامية من خصومه، وأظهرفيه الدين الإسلامي الحنيف في مظهر الدين المقام على أسس الحرية والعدالة والتسامح، وأقام الدليل على أن الإسلام في شكله الصحيح لا يتنافى مع المدنية الحديثة ولا يعوق التقدم، وقد تضمن ذلك الكتاب كثيرا من الأفكار الإصلاحية التي كانت رائجة وقتها، لا سيما منها المتعلقة بتحرير المرأة المسلمة... " أمر النهضاويين عجيب...!!! يبحثون عن نسب للنهضة وأصلها معروف؟؟؟  ولا غبار عليه،  فالنهضة من الإخوان. "الحركة لم تعلن نفسها في بيانها التأسيسي أنها مرتبطة بالإخوان ولم تنف ذلك أيضا. تقول بعض المصادر أن الحركة قامت على منهج وفكر الإخوان المسلمين.... كما تصنفها مصادر على أنها إخوان تونس، كما أن رئيس الحركة ومؤسسها راشد الغنوشي عضو مكتب الإرشاد العالمي لجماعة الإخوان المسلمين ..." ويكيبيديا .  والمراجع لشرح مرجعية الإخوان المسلمين  ومشروعهم عديدة، لكن الأكيد أن الوطنية والديمقراطية  ليستا من همومهم. وأجزم أن لا علاقة تربط جماعة النهضة بالشيخ عبد العزيز الثعالبي سوى اختيار الحركة اسم مجلة " الفجر" التي أسسها الشيخ اسما لجريدة النهضة... أما من حيث المحتوى والمستوى فلا علاقة بين النشريّتين...
وأختم قولي بأننا، نحن التونسيين، نعرف حركة النهضة متى نشأت ولِمَ نشأت وما كان مشروعها في المنطلق ولِمَ ناضلت: فهي لم تناضل من أجل الخبز والحرية والكرامة للمواطن ولا لدوافع وطنية... فلو قال منتسبوها عن أنفسهم بدأنا إخوانا ناضلنا لإقامة الدولة الدينية، لإقامة الخلافة الراشدة. وقد تورطنا أو تورط شبابنا في أعمال عنف وتفجيرات... ولكن مع الزمن تطورنا وعدّلنا مشروعنا، ونحن نسعى إلى مشاركة أبناء الوطن في إقامة الدولة المدنية الديمقراطية التي تتحقق فيها العدالة والمساواة والتنمية، عن طريق المنافسة الشريفة والشفافة، وكانوا فيما قدّموا صادقين، لكانت أحوال حكومتهم وأحوال تونس أفضل بكثير..إن  الصدق من دواعي الاحترام... لكن الحركة اتخذت ازدواجية الخطاب منهجا، والمراوغة وسيلة للتأثير والتقرب من الناس بالكذب والافتراء. والمراوغة لا تفضي إلاّ إلى طريق مسدود، وإن حبل الكذب لقصير...

dimanche 27 mai 2012

نهضنة مراكز النفوذ لا يخدم المصلحة الوطنية

ما أن شكلت حركة النهضة في تونس الحكومة الائتلافية وترأستها حتّى تلبس إبليس السلطة بها وبمنتسبيها، وتفتحت شهيتهم إلى النفوذ، فكلّما وضعوا أيديهم على شيء قالوا: هل من مزيد؟ .... طريقة عمل حركة النهضة، برأيي، تشبه بقدر كبير عمل تنظيم القاعدة- التي يُكنّ لها رئيس حزب النهضة راشد الغنوشي الإعجاب، وترحّم  على زعيمها الشيخ بن لادن -  "وحدة الشعار والحرية في اختيار طريقة العمل ". كل من يجد نفسه في موقع يسعى إلى غرس نفوذ النهضة وتعزيزه. فالفاعلون فيها لا يرجعون بالضرورة إلى قيادتهم الأساسية  في كل كبيرة وصغيرة، وهذا ما يجعل عملهم أكثر سرعة وفاعلية. كل نفر منهم هو أعلم بالمحيط الذي يتحرك فيه ويعمل تبعا لذلك على تدعيم نفوذ النهضة أي على  تسريع عملية النهضنة بكل الوسائل وهو مطمئن البال لأنه مدعوم بالسلطة التي  بيد حزبه    

 ويمكن أن نتحدث عن محاولة نهضنة الثورة. فأبرز ما يحاول النهضاويون  الاستيلاء عليه هو الثورة التي لم يكن لهم يد فيها لا من قريب ولا من بعيد.  نصّبوا أنفسهم أوصياء على حمايتها وتحقيق أهدافها، وهم يبتغون في الحقيقة تدعيم نفوذهم في المجتمع. أرادوا وضع اليد على الإعلام العمومي الذي رفض إطراء حكومة النهضة وأبى إلا أن يعطي صورة عن مختلف التفاعلات الجارية في المجتمع، فطرحوا فكرة خوصصته لتدجينه أو ضربه  متّهمين إياه بالردّة وبأنه لا يخدم  أهداف الثورة . أما عن   لجان حماية الثورة التى تأسست في كل مدن الجمهورية فحدّث، فلقد تبيّن من سلوكها وممارساتها  أنها منهضنة، إذ هي في حقيقة الأمر ميليشا تابعة للنهضة تتحرك لخدمتها، فتتعرّض لرموز المعارضة والإعلام وتعتدي عليهم بالعنف كما حدث يوم 9 افريل مثلا، والاعتداءات على قناة نسمة  واستهداف قناة الحوار  بالتخريب اليوم بالذات  . وقد أخذت هذه المجموعات على عاتقها كذلك مهمة تنظيم الوقفات مساندة للحكومة والتجمهر لعزل إطارات في الإدارة التونسية ترفع في وجهها " ديقاج" لتعويضها برموز نهضاوية. ولا ينبغي في هذا السياق أن ننسى الجمعيات الخيرية التي تقارب 10.000 جمعية يدير أغلبها منتمون إلى حركة النهضة، وقد تكون هذه الجمعيات من أبرز موارد ها المالية
 
أما عملية النهضنة الرسمية فينفذها وزراء النهضة في الحكومة، والأمثلة على ذلك كثيرة منها عزل مدير مؤسسة الإحصاء الحكومية  وتعويضه بكادر نهضاوي، ومنها  عزل الولاة والمعتمدين في الجمهورية لتحلّ محلهم عناصر تنتمي إلى الحركة. ومنها تكبيل يد الأمن بالتعليمات، حتى لا يقوم بدوره كحام للجمهورية وللمواطنين  ولا يواجه مجموعات السلفيين القريبين من النهضة  والذين يروّعون الناس ويفرضون قوانينهم على المجتمع... أما في وزارة العدل فحركة التعيينات الضاربة لاستقلال القضاء والضامنة للولاء  للنهضة على أشدها...والدور في النهضنة آت على البنك المركزي الذي يتعرض  مديره لحملة مغرضة، فقد اتهمه راشد الغنوشي بالتصرّف كإمبراطور

 وأقول: أبرز ما نجحت الحركة في نهضنته رئيس الجمهورية المؤقت وقيادات حزب المؤتمر من أجل الجمهورية التي التحقت بالحكومة، أصبحوا موالي للنهضة  وتنكروا لمبادئ حزبهم ولرفاق دربهم في النضال.  وقد التزم الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي أكثر من غيره بالتسبيح بآلاء النهضة لاهجا بمحاسنها... نعتها في البداية بالحركة اليمينية وشرّع وجودها بأنّ في كل مجتمع يمين، ثمّ زحزحها نحو الوسطية وأعطاها شهادة تخرّج من مدرسته الديمقراطية، فاحتكاك النهضاويين بالمناضل المنصف المرزوقي جعلهم يتعلمون الديمقراطية.... وينسى الرئيس المفدّى في تصريحاته، بالداخل والخارج، أنه رئيس كل التونسيين فينبري مدافعا عن النهضة وحكومتها و يسعى إلى تلميع صورتها حتّى أنه شبهها بحزب الديمقراطييين المسيحيين في إيطاليا وهو تشبيه  يتبين من يعرف التاريخ أنه لا مسوّغ له... وفي تقديري أن السيّد الرئيس المؤقت يعرف أنّه سيقبض الثمن من النهضة فقد يكون هو مرشّحها قي الانتخابات المقبلة، وقد  لا ترشح منافسا له وتدعو منتسبيها للتصويت له
 
ما الغاية من عملية نهضنة الإدارة والمؤسسات والجمعيات، هذه القائمة على قدم وساق والّتي تستعجل الزمن؟ الغاية هي أن تحقق الحركة ما حققه التجمع في23 سنة في وقت قياسي: التغلغل في مفاصل الإدارة التونسية الحيوية وضرب حياديتها لضمان ولائها للنهضة ومصالحها ولتدعيم سلطتها ونفوذها، وربما ضمان نتائج الانتخابات المقبلة.  وإذا نجحت، لا قدر الله في مسعاها، فعلى حلم تداول السلطة السلام، وقد يكون تبعا لذلك المنصف المرزوقي رئيسنا الثالث مدى الحياة

.لكن... لكن جمهورا واسعا من  الشعب التونسي بمختلف شرائحة غير غافل عمّا يحدث، فقد تنبه إلى ممارسات الحركة التي تسير فيها على خطى حزب التجمع، حزب بن علي المنحل، فتوجّه بالقول البليغ إلى النهضة: "صحّة اللحية يا تجمّع"  بما يدل على نباهة وفطنة هذا الشعب فاللحية التي هي مظهر ورع لم تُعْمِ هذا الشعب عن حقيقة الممارسات والغايات. هذا، وتقوم قوى من المجتمع التونسي الحي بمواجهة عمليات النهضنة هذه، بكشفها وبالتصدّي لها، حتى أن ولايات عدّة قامت في وجه ولاتها ومعتمديها المحسوبين على النهضة الذين لم يثبتوا كفاءتهم لمواطنيهم  فوقع طردهم.  وقد صاحبت ذلك مظاهر عنف  تتحمل مسؤوليته الحكومة،  لأنّ عملية النهضنة الاستعجالية التي ترعاها لا تخدم  المواطن  ولا المصلحة الوطنية
  

dimanche 15 avril 2012

في الولدنة السياسية

إن مظاهر الولدنة في  السياسة متعددة، وأغلب  هذه المظاهر متوفرة في ممارسات حركة النهضة. والولدنة مقترنة بالكلام غير الموزون، وبقلة الخبرة، وبعدم القدرة على تحمل المسؤولية... وقد أكثر منتسبو النهضة  من التصريحات في تمجيد حركة  النهضة بالمبالغات: حركة عريقة عمرها 30سنة، راشد الغنوشي فيلسوف الثورة، 40 في المائة من التوانسة صوتوا للنهضة، نضالات النهضة...أمّا قلة الخبرة السياسية  فتبدو في إعطاء الأولوية للحسابات الضيقة، كافتعال رموز هذه الحركة لمواقف تهيّج بها أتباعها  لتشدّهم إليها، لكنها مواقف لا تخدم الوطن وتبث الشقاق والفرقة بين أبناء تونس، من ذلك تشويه وتحريف المصطلحات كالعلمانية والديمقراطية ومنها اقتراح الشريعة مصدرا  للدستور، ومنها النيل من رموز المعارضة واتهام طرف منها بالعنف الستاليني الثوري. ولأنّ كل فعل يولد  رد الفعل،لا تستقر الأمور. وذلك ليس في صالح النهضة.... الأصل أن حركة النهضة تتصرف كالأطفال، يريدون كل شيء في آن واحد . فهي  تريد أن تحكم، وفي الوقت نفسه تريد أن تؤمن لنفسها نتائج الانتخابات المقبلة، وذلك  بإبقاء أتباعها على درجة عالية من الحميّة والتأهب... ويشبه حالها هذا حال الحمار في المثل عند الفلاحين " رأسو في المخلة وقلبو  يردك  على المطمور "... فلا هو ينعم بما يأكل من المخلاة ولا هو يضمن لنفسه ما في المطمورمن علف

أما انعدام القدرة على تحمل المسؤولية فيتجلّى في أن الحكومة المنبثقة عن النهضة لم تقدر، إلى حد اليوم، أن تُقنع بأنها حكومة كل التونسيين، إذ سرعان ما ينزلق المسؤولون الحكوميون من خطاب الدولة إلى خطاب حركة النهضة، من ذلك  سخرية  وزرائها في داخل تونس وخارجها من الأحزاب الأخرى ناعتين إياها بجماعة الصفر فاصل في إشارة إلى نتائج بعض الأحزاب في انتخابات المجلس التأسيسي، ومن ذلك اتهام المعارضة بالتآمر أو العمل لإسقاط الحكومة، ومنها خفة اليد في استعمال القمع للتظاهرات... كل هذا كما يقول المثل كوم وتعنتهم في تقسيم المجتمع واستعداء الناس أحياء وأمواتا كوم ثاني . هذا بورقيبة رمز من رموز تونس والنضال ضد المستعمر وباني تونس الحديثة،  رحمه الله، ينعتونه بالمجرم السفاح عدو الإسلام، وقد أنكروا من سجلّه كل إنجاز.أما بن علي فهو طاغية، عذبهم كما يقولون وأدخلهم السجون، ولكنه يتمتع إلى حد الساعة بخيرات التونسيين المنهوبة في بلاد الحرمين الشريفين وبتغاضي حكومتهم عن جلبه إكراما لطغاة ذلك البرّ الذين أجاروه. أتباع النهضة استأثروا بالانتماء للعروبة والإسلام لا يرضون أن يتكلم باسمهما غيرهم. أما بقية التونسيين، فهم بنظرهم، إما أيتام بورقيبة، أو أزلام المخلوع بن علي، أو يساريون، كفرة فجرة،  لواطيون وعاهرات. هذا التبسيط الساذج للمشهد السياسي من قبل  الحركة الحاكمة، وهذا النزوع إلى الإقصاء والتكفيروالتخوين الذي طال حتى الإعلاميين لا يخدم مصلحة تونس ولن تنجح  به الحكومة في إدارة دفّة البلاد

 برأيي، حتى تستقر الأمور لحكومة النهضة فتشتغل بكل أريحية، هي أمام حلّين لا ثالث لهما. إما المداومة في الولدنة بوهم أنها قد تبزّ الأخرين في عملية شدّ وجذب فتنتصر على معارضيها وتنفذ أجندتها كما يحلو لها... ولن يحصل ذلك إلاّ أن ترش بالفتّاك  الآخرين الملاعين فتقضي عليهم وترتاح منهم...أو تقبُّلُ الاختلاف الذي هو سنة الحياة ورافد من روافد التصحيح والتطور... فتمدّ هذه الحكومة يدها  لبقية أبناء تونس، لمخالفيها في الرأي، في إطار إستراتيجية جديدة مبنية على الشراكة، لا على الاستعداء والكراهية.  استراتيجية تؤلف بين التونسيين،  وتركز على المسائل الأساسية التي تخص مطالب الناس، فتُخرس بذلك الأفواه وتُجفف الأقلام التي تفتقت مواهبها، في عهدها، في فنون السباب والشتيمة وفي أدبيات التقسيم والحقد

 يردك: يدق بشدّة خوفا على ما يوجد بالمطمور من علف


هذه الصورة جمعت جنبا إلى جنب صورة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وصورة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي

 

samedi 14 avril 2012

ميليشيا مناضلة

احتفالية تخليد ذكرى شهداء 9 أفريل 1938 في تونس قوبلت بقمع المحتفلين قمعا وحشيا طال جمعا ممثلا لمختلف شرائح المجتمع، من حقوقيين ومحامين وممثلين للمجتمع المدني ورؤساء أحزاب  ونواب للشعب في المجلس الوطني التأسيسي وصحافيين  وجرحى الثورة- من مدينة سيدي بوزيد منطلق الربيع العربي- وأناسا من عامة الشعب نساء ورجالا... المتضررون والمراقبون وشهود العيان يقدّرون أن مستوى القمع يذكّر بل يفوق ما كان يُسلّط في زمن بن علي، ويدعمهم في شهادتهم ما بُثّ على صفحات التواصل الاجتماعي من أشرطة فيديو موثقة للقمع. ذاك اليوم وسم باليوم الأسود في حياة التونسيين بعد الثورة

 ومازال هذا الحدث يثير إلى اليوم جدلا في الشارع التونسي وفي وسائل الإعلام من زواياه المختلفة، وأبرزها مشاركة عناصر مدنية إلى جانب أعوان الأمن في عملية قمع المحتفلين . لقد كانت هذه العناصر انتقائية في إعمال عصاها التي كانت تطال رموز المعارضة وكل من عُرف له موقف منتقد للحكومة أو لحركة النهضة الحزب المهيمن في الحكم، وكانت تدعم التعنيف المادي بالشتيمة بما يدل أن هذه العناصر ليست حيادية. وقد اعتبرها ضحايا العدوان من ميليشيات النهضة، في حين نفى وزير الداخلية وجود ميليشيات للحزب الذي ينتمي إليه. وقد دعم هذا النفي "الصحبي عتيق" ممثل كتلة حركة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي قائلا: نحن ليس لدينا ميليشيا لدينا مناضلون... وأنا أقول هذا لا ينفي ذاك، لحركة النهضة ميليشيا مناضلة تدعم حكومتها بكل الوسائل بما في ذلك الاعتداء على المعارضين

في الحقيقة لا يصعب تمييز الميليشيا من قوات الأمن، فمن بين ما يميز الشرطة النظامية  التونسية أن هراواتها عصرية مستوردة، أما هؤلاء فهراواتهم ليست يد المكنسة التى تستعملها الشرطة السودانية والباكستانية وغيرها تقشفا في النفقات، بل هي العصا الغليظة التي يعرفها الفلاحون جيدا أي مقبض الفأس أو الرفش، وذلك رغبة منهم في الأذى والتشفّي... وأختم بقولي هذا للترويكا الحاكمة: لا دمغجة ولا منع ولا قمع ولا إجراءات فوقية بعد الثورة... لقد خرج المارد التونسي من القمقم ولا سبيل لاحتوائه إلاّ بالإقناع، فأقنعوه بأدائكم، بالإنجازات، بالتشغيل، فسيصفق لكم  كما يصفق عناصركتلة النهضة لبعضهم البعض في المجلس التأسيسي، ولن يكون ذلك من باب المجاملة أو العصبية كما يفعلون، بل إعجابا بكل تأكيد
هذا الشريط بعرف ببعض عناصر الميليشيا   

lundi 26 mars 2012

الحكومة التونسية هي المساند الرسمي لتدافع المجتمع

نظرية تدافع المجتمع في تونس بشّر بها راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة،  بعد فوز النهضة بنسبة مرتفعة في انتخابت المجلس الوطني التأسيسي، وعندما سئل عن نية الحكومة المنتخبة، وغالبيتها من حزبه،  تطبيق أحكام الشريعة في المجتمع التونسي كتحريم الخمر وتغيير عادات بعض التوانسة في اللباس وما إليه..أشار وقتها إلى أنهم لا ينوون فعل ذلك في القريب العاجل وأن ذلك لا يحتاج إلى قوانين، وإنما سيتم بالتدريج عبر تدافع المجتمع...والتدافع هو نظرية حكمت عبر التاريخ علاقات الدول والشعوب وتِؤدي ككل تدافع إلى غالب ومغلوب منكفئ.. وهو صراع قد يستند إلى القوة العسكرية ويؤدّي إلى احتلال فعلي لدول من قبل دول أخرى، والتاريخ ليس بخيلا بالأمثلة، أوإلى إحلال شعب مكان شعب آخر عبر صراع أوتدافع على الأرض كما هو حاصل على أرض فلسطين...وإسرائيل حققت في هذا المضمار نجاحا بترحيل الفلسطنيين إلى الشتات وتحقق في يوم الناس هذا تقدما ملموسا في دفع أصحاب الأرض  بالتضييق عليهم  وهدم بيوتهم وقضم أراضيهم... وقد يستند التدافع بين الدول خاصة العظمى في عصرنا إلى القوة الناعمة أي الدبلوماسية فتحقق بعض البلدان لنفسها دون غيرها منافع اقتصادية  في جهات من العالم تملك الثروات

وقد يكون التدافع بين مكونات المجتمع الواحد، في المجمل بين تيارين يحملان مشروعين متناقضين، مشروع حداثي ومشروع سلفي، كما حصل في التاريخ القريب، في العالم الإسلامي، على سبيل المثال في أفغانستان وفي إيران  ...  نجحت حركة طالبان التي عادت  إلى أفغانستان، في تقديرها، بشرعية دحر الاحتلال السوفياتي في دفع البلاد قرونا إلى الوراء باسم تطبيق الشريعة الإسلامية،  وأغلقت المسارح والمرافق المدنية وأوصدت المدارس في وجه البنات، وهجّرت المرأة من الشارع إلى البيت لا تخرج منه إلاّ تحت خيمة، وأقامت الحدود... ولا فائدة من التفصيل في وقائع من التاريخ الحديث...وقد حُسم التدافع أيضا في إيران لصالح الملالي بعد إطاحة ثورة الخميني الإسلامية بنظام شاه إيران الوراثي الاستبدادي العميل لأمريكا والفاسد... واستند الملالي إلى شرعية الثورة الإسلامية المنتصرة لدفع وجه المجتمع الإيراني الذي كان وقتها منفتحا على الحداثة وتغييره، فضُيّق على الحريات وعلى الفكر وعلى الإبداع والفنون، وفُرض على سبيل الذكر لا الحصر على النسوة جميعا في إيران لباس موحد يقولون عنه أنه شرعي

أما ثورة تونس فهي ثورة شعبية بامتياز ثورة المقهورين والمهمشين، ثورة الكرامة والحرية، ولم تكن لها أية قيادة حزبية أودينية...ونظرية التدافع التي بشّر بها الغنوشي لا تستند إلى أية شرعية، ولا موجب فكري أو عقائدي لها،  فأبناء تونس- أغلبهم-  موحدون تحت لواء الإسلام والسنة النبوية الشريفة والمذهب المالكي...هذا التدافع الذي دعا إليه الغنوشي، لا بارك الله فيه( أي التدافع)، ظاهره نصرة الدين وباطنه ضرب مدنية الدولة وتقويض القيم الجمهورية-التي ضحّى في سبيلها أمجاد الوطن وروّوا أرضه بدمائهم الزكية- لإرجاع تونس قرونا إلى الوراء بتدمير كل مكتسباتها الحداثية التي لا تتعارض، أصلا، مع مقاصد الإسلام السمحة... هذا التدافع غايته الحقيقية الإستيلاء على السلطة  والحفاظ عليها باسم الدين، لإقامة دكتاتورية لاهوتية على الطراز الإيراني

هذا ولقد تفاجأت الغالبية العظمى من التونسيين، بعد أيام من ثورة 14 جانفي في تونس، بظهور ما يسمّى بالتيار السلفي، طلع في البداية محتشما، ثم استفحل ظهوره ونشاطه بصعود حركة النهضة إلى سدة الحكم،.فأصبح أتباعه يتحركون في شكل قطعان،يتنادون ويتناصرون ويعتدون على حريات الأشخاص  بالعنف اللفظي والجسدي، ويعطلون المرافق الحكومية بإقامة الاعتصامات كما حدث في كلية منوبة ...حضورهم في الشوارع أصبح دائما يرفعون أعلام أسامة بن لادن السوداء وتجرّؤوا مرّة على إنزال علم تونس وتعويضه بعلمهم. يكفرون المنادين بالدولة المدنية، ويوزعون مشروع دستور دولة الخلافة... يعنفون المحتجين على الحكومة والصحافيين الأحرار وأعوان الأمن، ويشتمون النساء وينعتونهن بالوسخ وبالفجور ويضربونهن في الطريق العام... كل هذه التجاوزات حصلت في شأنها نوازل وشكايات ولكن وزارة الداخلية لم تجتهد في إلقاء القبض على أي مدّعى عليه من السلفيين


والغريب أن  نبرة المسؤولين الرسميين تتسم تجاههم بالنعومة، يبررون خروجهم إلى الشارع بما عانوه من كبت زمن بن علي،  ويصفون كل ما يقال عنهم بالتهويل. أمّا تصريحات وزير التعليم العالي  فهي تدين في كل مرّة عميد كلية الآداب وتقلل من شأن اعتصام السلفيين...وراشد الغنوشي ينظر إليهم بحنيّة مشجّعة، وقال فيهم: هؤلاء يذكرونني بشبابي...أمّا وزير الداخلية فلا يرى بأسا من تجمهرهم ماداموا لا يخلّون بالنظام، ولم يلق  أعوانه القبض على أيّ مطلوب منهم... وحركة النهضة  لا ترى بأسا في الترخيص لحزب السلفيين حزب التحريرالذي يرفع "لاءات عَشر" هي خطر على كيان الجمهورية وعلى النظام الديمقراطي المنشود، أبرزها لا للديمقراطية، لا للّائكية، لا للجمهورية،لا للانتخابات، لا لمجلة الأحوال الشخصية.... و تنظر بعين الرضى لخروجهم في مظاهرات لنصرة الدين والشريعة. بل ونرى في التظاهرات توحّدا بين قواعد الحزبين، أي السلفيين والنهضاويين

 ولقد تبيّن أخيرا بما لا يدعو للشك أن الحكومة هي المساند الرسمي للسلفيين في تحركاتهم تشجع  التدافع بينهم وبين دعاة الحداثة والتشبث بمدنية الدولة وكأنها تستعجل الحسم والنتيجة المرغوبة منها: إقامة الدولة الدينية أو الخلافة السادسة كما ورد على لسان حمادي الجبالي. وأبرز صورة لهذه المساندة ما حدث أمس الأحد عندما رخصت وزارة الداخلية لتظاهرتين في يوم واحد وفي فضاء واحد: تظاهرة للسلفيين بعنوان نصرة الدين وجعل الشريعة المصدر الأساسي للتشريع في الدستور، وتظاهرة أخرى أقامها المسرحيون التونسيون امام المسرح البلدي بتونس  بمناسبة اليوم العالمي للمسرح، أرادوها احتفالية يُخروجون فيها المسرح إلى الشارع ركح الحياة... وكان أن هجم السلفيون على المسرحيين وعنفوهم وطردوهم حتى انكفؤوا إلى داخل المسرح في مشاهد محزنة، ولم يأت تدخل الأمن إلاّ بعد أن وقعت الفأس في رأس المسرحيين... وأتبعت الحادثة المؤلمة ببلاغ من وزارة الداخلية في نشرة الأنباء المسائية على التلفزة الوطنية يقول إن الفعاليتين مرّتا بسلام ودون حوادث تذكر... وجاء من الغد التنديد

هذا التدافع يقسم المجتمع التونسي الذي ما عرفته شخصيا، رغم الخلافات في الأفكار والرؤى، إلا موحدا... فكرة التدافع شحنت قلوب السلفيين بالكراهية والتعصب وبغض كل ماهو حداثي ومدني، حتى لترى لهم أدمغة مغسولة مشحونة تكرر الكلام نفسه دون منطق أو مناسبة أو إبداع، تصر على فرض وجهة نظرها بكل الوسائل وعلى احتلال المساحات... والسؤال المطروح هذا التدافع أو الدفع إلى متى؟ .... إلى أين؟... هذا التدافع الذي لا مبررله كيف نقضي عليه؟ هذا التدافع الذي يراد فرضه في المجتمع ينبغي أن تُرجِّح فيه  الحداثة- التي لا تتناقض مع مبادئ ديننا الحنيف رغم جهل الجاهلين- الكفة لتوجّهاتها ، وينبغي أن يكون للمرأة الدور الأبرز  في هذه المواجهة ، لأنها المستهدفة الأساسية من قوى الردّة باعتبارها عمادا من أعمدة المشروع  الحضاري الحداثي، إذ كيفما تكون منزلة المرأة، تكون طبيعة المجتمع

 ملاحظة: فيما يلي أشرطة فيديو تبيّن على التوالي، العلاقة الحميمية بين جماهير النهضة والسلفيين/ اعتداء السلفيين على المسرحيين يوم الأحد  25مارس2012/ اعتداء سلفي على السيدة عون الأمن











mercredi 14 mars 2012

َ A propos de Sarkosy

La langue française, à l'école tunisienne, je ne l'ai pas choisie. Mais, je l'ai apprise, et Dieu merci. De ma Tunisie, je sens que  ce qui se passe en Fance, que je le veuille ou non, me concerne aussi.. Pour cela, je dis à Monsieur Sarkosy que vous avez commencé votre mandat comme un petit Bush et c'est comme un petit Staline que vous l'avez fini.  Chers Français, prenez votre temps, analysez et commentez ce que je disais à propos du président -s'il vous plait- et mercy à la Sarkosy.

mardi 13 mars 2012

تعارك سعد وسعد الله

في اليوم العالمي للمرأة أثبتت المرأة التونسية، أنها حصن حصين للوطن وللعلم المفدى رمز الرموز الوطنية... لقد قُـلّدت خولة الرشيدي الطالبة في الجامعة وسام الشجعان، لأنها تصدّت لمحاولة سلفي - من مُطيلي اللحى لبسة القمصان تقليدا للأفغان- إنزال علم تونس، في منوبة، من على مبنى كلية الآداب الغراء، لتعويضه بخرقة السلفيين السوداء.  هذا ولقد كشف الرئيس المؤقت عن نية سابقة له في استبدال علم تونس العريق الذي وهبه التوانسة، جيلا بعد جيل، أرواحهم  و نضالهم وحبهم، بعلم آخر -أقل ما يقال عنه أنه هجين- بتعلة غضبه من نظام شين العابدين، الذي كان يرفعه على شُعب حزبه التجمع في  ذلك الحين.  بالله يا رئيس الجمهورية فيم أذنب العلم حتى تستبدله وتقصيه ؟؟؟  وهل لما يجري اليوم، يا سلفيين وغيرهم، للعلم يد فيه؟؟؟  العلم التونسي رمز قدس، أصبح في زمن العكس، يصح فيه المثل: تعارك سعد وسعد الله حطّوا بَركة في الحبس  

lundi 12 mars 2012

الاستحمام عندنا مرفوض ، والتمسح بالثورة مرفوض

قبل الثورة، كان حزب التجمّع وصيّا على الساحة الثقافية، فطبعها بطابعه. وتردى تبعا لذلك -على سبيل المثال- مستوى مهرجانات تونس، حتى أصبح مهرجان قرطاج الدولي سوقا للفنانين المغمورين الكاسدين يعتلون ركح قرطاج  الأثري الشهير باحثين عن الشهرة والنجومية... بعد الثورة، أصبحت حركة النهضة وجماعات تسمي نفسها بالإسلامية تدعو شخصيات دينية، بعضها يثير الجدل، مثل وجدي غنيم، المطرود والممنوع من كم بلد والمحكوم في كم  قضية، وعائض القرني الداعية المحكوم في بلاده في سقطة أخلاقية...نحن نرفض أن تصبح تونس حمّاما يستحمّ فيه هؤلاء، ويتمسّحون بالثورة التونسية، لاستعادة ما فقدوه في بلدانهم من بريق وشعبية، بإطلاق تصريحات نارية،  أو باستغلال ما لدى التوانسة من صدق الدين وحسن النيّة: ما معنى نعيب القرني على تويتر  في تونس: الناس كالغمام إنه الإسلام... هل يعني أن حضور الناس لسماعه هو دليل الإسلام ؟ أم أننا في حاجة إلى شهادة منه على أن  تونس فيها  الإسلام؟؟؟   وعليه، نهيب بشركائنا في البيت، تونس، أن يتحرّوا حول شخصيات ضيوفهم - الذين شئنا أو أبينا هم ضيوفنا- فيرفعوا عنا  وعنهم الحرج. ولينظروا ، قبل دعوتهم، في سيرتهم الذاتية، وإن كان حولهم شبهات قديمة أو آنية.... وأذكّر إخواني في الوطن بأن المثل يقول: قل لي من ضيفك أقول لك من أنت. أما عن الدعوة والضيافة، فالمثل التونسي يقول: ما تدخل لدارك كان القمح والشعير، أما الفول قرباع.  فما يُثير في تونس أخذا وردا وضجّة بلاه   

dimanche 11 mars 2012

سيعِظ أهل تونس ضيفهم الداعية عائض القرني


 عائض القرني، ضيف تونس هذه الأيام من شهر مارس، سارق، سطا على كتاب مواطنته، من بلاد الحرمين الشريفين، سلوى العضيدان،هكذا هزموا اليأس: قصص عظماء، تجارب إنسانية، حكايات واقعية. سلوى العضيدان أم لطفل متوحّد، يبدو أنها كتبت الكتاب لنفسها أولا، حتى تقويها وتفتح لها باب الأمل.أخذت مادة قصصها من 44 مرجعا، وأعادت صياغتها باسلوبها الخاص وعلقت عليها، وقدّمت لكتابها- الذي كرّست له 4 سنوات من حياتها - بمقدمة من بنات أفكارها... وقد تفاجأت الكاتبة المبدعة بوجود كتابها في الأسواق منسوبا إلى: د. عائض القرني بعنوان: لا تيأس. الكتاب كتابها، والأفكار أفكارها، الصياغة صياغتها، والأسلوب أسلوبها، واسم الكاتب غير اسمها

وقد تفاوضت معه الكاتبة عن طريق زوجها، واعترف عائض القرني شفويا بالسرقة، ولكن لم تكن له الشجاعة الكافية لتحمل استتباعات فعلته، فلم يقبل بشروط الكاتبة عليه: الاعتذار لها كتابيا، والتخلّي عن ملكية الكتاب الفكرية بأن لا يعيد نشره  مستقبلا في الداخل أو الخارج، وسحب النسخ المعروضة منه في الأسواق. كاتبت المرأة وزارة إعلام بلادها، ونشرت لدى القضاء دعواها...وهي تواجه هجمة شرسة من أنصار القرني يقفون مع الباطل، ويطعنون في شكواها

مدينة القيروان التونسية موطئ قدم الإسلام الأولى في إفريقيّة ورمز لإشعاع الحضارة الإسلامية، وبلاد الإمام سحنون الفقيه والقاضي الذي عرف بصرامته في الحق في  النوازل المعيشية والفقهية. هذه المدينة تستضيف فيها جمعيةٌٌ عائض القرني،  لإلقاء محاضرة في جامع عقبة ابن نافع المعمور، ويقدّم الرجل على أنه داعية إسلامي، هذا الرجل لم يستفد من وعظه، فقد غلبته نفسه الأمارة بالسوء، ويستحق من أهل القيروان ومن أهل تونس جميعا الوعظ . ونقول له: اتّق الله في حقّ هذه السيدة....واعتبر بما ورد  على لسان الشاعـر: لا تنه عن خلق وتأتي مثله *** عار عليك إذا فعلت عظيم


 ولقد  ناشدت الكاتبة أعلى هرم السلطة في بلادها حتى تُنصَف في هذه المظلمة. ونتمنى، نحن في تونس، على الشخصيتين اللتين ستلتقيانه حتما:  نتمنى على رئيس حزب النهضة، أن يقف مع الإنصاف في هذه القضية، فيعظ الرجل بدرر الإسلام والسنّة النبوية...و على السيد عبد الفتاح مورو- المحامي - بأن  لا يعيد ما فعل مع وجدي غنيم، فلا يعطي الزائر على جبينه قُبلة سَنيّة، وبأن يبصّره بالحق فيرجع إلى الطريق السويّة... لهذين، ولكل تونسي في بلادي، الجمهورية التونسية، أقول: أمانة، عِظوا الواعظ، عائض القرني،  في هذه  المظلمة الفكريّة. وأختم قولي بدعوتي شعبنا في بلاد الحرمين الشريفين، وفي بلاد العرب والمسلمين الأبيّة، أن يقاطعوا كتب عائض القرني حتى يعترف بسرقته الأدبيّة... وتآليف هذا الرجل، بنظري، فاقدة للمصداقية.  لسماع شهادة الكاتبة سلوى العضيدان انقر هنا


ملاحظة: كثيرا ما تصلنا الأخبار متأخرة... رغم ذلك لا أسحب مقالتي ، فحسب أضيف هذا المقطع من مقال عبده خال من جريدة عكاظ  حول سرقة عائض القرني" كنت أرقب القضية مثلي مثل أي متابع متأرجحا بين التصديق والتكذيب لدعوى الأستاذة سلوى وأمنية أن لا تتحقق دعواها كون من تتهمه مؤتمن على أفكار وثقافة مجتمع كامل.
وقد استطاع الدكتور القرني إيهامنا ببراءة كتابه حين صرح محاميه محذرا الكتاب ووسائل الإعلام من مغبة الحديث عن دعوى الأستاذة سلوى وأن الشيخ سوف يقاضي أي كاتب أو وسيلة تتعرض له شخصيا أو لكتابه مثار الدعوى، هذا التصريح مكنني من ترجيح سقوط الدعوى فلا أحد يقدم على مثل ذلك التصريح الناري ما لم يكن واثقا من سقوط دعوى خصمه.
وبالأمس أسقطت لجنة حقوق المؤلف بوزارة الثقافة والإعلام تماسك الشيخ الداعية القرني حين أصدرت حكما بتغريمه مبلغ 330 ألف ريال سعودي، متهمة إياه بالاعتداء على الحقوق الفكرية للغير.. كما شمل الحكم سحب كتاب «لا تيأس» من الأسواق، ومنعه من التداول، ووضعه بشكل رسمي على قائمة المنع حتى لا يدخل إلى المملكة " وشكرا على المتابعة
   

samedi 10 mars 2012

خِضر يساوي صِفر

تتالى خيبات التونسيين في  خصوص نسق المجلس الوطني التاسيسي التونسي في العمل ، فبعد خمسة أشهر من إجراء الانتخابات، لم يكتب بعد حرف في الدستور. تحرك المجلس ليس على مستوى الأحداث الجارية يوميا في البلاد التونسية: تعطيل الحياة الجامعية ، تهديد الأمن من قبل السلفية، وإنزالهم العلم، رمز تونس،  من على مؤسسة رسمية... ولا هو تحرك في مستوى الرهانات المستقبلية...  مجلس مدحور بتعنت الأغليبة، التي لا تعطي قيمة للقرارات التوافقية، ولا تقيم وزنا للكفاءات الشخصية... ونسوق مثلا  انتخاب المقرر العام للدستور في صلب المجلس، حيث سعت المعارضة للتوافق على  نائب هو أستاذ في الاختصاص  وعميد كليّة، ولكن حركة النهضة رفضت ورشحت السيد الحبيب خضر وهو دون  الأول قيمة علميّة، وقد فاز، رغم ذلك، بتصويت الأغلبية وأصبح مقررا لدستور الجمهوريّة. دستور نتمنى أن يرى النور، وأن لا يبقى في قلب التوانسة مجرّد أمنيّة

لا أريد أن أغدّكم في هذه الأمسيّة، لذا سأروي لكم نكتة، ومعذرة لأنها مدرسيّة. كان المدرس يدرب تلاميذه على دقة الملاحظة وعلى المقارنة والاستنتاج، ويأبى على نفسه اتباع الطرق التلقينية التقليدية. كان كثير النشاط في متابعة ما استجد من طرق تعليمية وبيداغوجية، دؤوبا على ممارسة الطريقة التفاعلية. دخل يوما الفصل وبدأ درسا في الحساب...أخذ قطعة من الطباشير الأصفر ورسم على السبّورة دائرة، صِفر، وسأل ما هذا؟ رفع أحدهم يده وأجاب: صِفر. ثم أخذ قطعة طباشير خضراء ورسم قرب الدائرة الأولى دائرة ثانية،  وسأل ما هذا؟ فأجاب متعلم ثان:  خِضر... فابتسم المعلم وقال: من له تدخل يخصّ الإجابيتين الأولى والثانية... فأخذ الكلمة مشارك ثالث وقال: خِضر يساوي صِفر يا سيدي

jeudi 8 mars 2012

منزلة المرأة أساطير تونس ترويها

 إن منزلة المرأة التونسية  ظلت على مدى العصور معتبرة، واقعا في حياتها... هذا ما ترويه أسطورة تشييد قنطرة مجاز الباب الأثرية التي  شاهدها كل التونسيين على شاشات التلفزات التونسية، إبان عرضها لمشاهد الفيضانات التي اجتاحت المدينة  فكانت عليها بليّة... ويُرجع التاريخ  إلى الحقبة المرادية من تاريخ تونس بناء الجسر ... والقنطرة أعجوبة أثرية نظرا لضخامتها ولضخامة ما استعمل في أعمدتها من الصخر... إلا أن شيوخ مجاز الباب يتداولون أسطورة  عجيبة  بخصوص بناء القنطرة:   من بنى الجسر زوج وامرأته. كان الرجل يبني، وكانت الزوجة تحمل ابنها على ظهرها، يَد تقلي في القليّة*، ويَد تمدّ  الحجر لزوجها

هذه الأسطورة تروي في الحقيقة واقع حياة التونسية الأصيلة:  تلك المرأة التي  يعوّل عليها في خلق المعجزات. هي الزوجة والأم  وربة الأسرة وشريكة زوجها في البناء. تلك التي طالما مثلت -من وراء الحجاب المفروض عليها في الحضر في عصور الانحطاط في تونس- سندا للرجل في مجال الاقتصاد وغيره. ففي مدينة مثل القيروان، الحلويات من كان يصنعها؟   والزربية ذات الشهرة العالمية -إلى اليوم- من  ينسجها؟  في تونس وصفاقس، الشاشية من كان يزرد صوفها ؟ والجبة من يخيطها ؟ والبرنوس من كان يحيكه؟ والفخار - في مناطق متعدّدة من البلاد- من جالب طينه ومن يُبدعه ويَحميه؟ إنها أنامل المرأة السحرية...أما في أرياف تونس شمالا وجنوبا وشرقا وغربا،  فالمراة هي شريك الرجل في الزرع والحصد والجني والقطاف

وأجزم أن التونسي الأصيل لم ينظر إلى المرأة التونسية في تاريخها قاصرا بالفعل  أوعالة عليه، وأنه كان  يرزح تحت مظلمة التجهيل والتهميش المسلطة عليها وعليه . ودليل ذلك  أن الأسر، بعد الاستقلال، سارعت إلى الدفع بالبنت  مع الولد بكثافة، إلى مقاعد الدراسة، حيث أثبتت التونسية أنها ند لأخيها التونسي في طلب المعرفة، فشاركته في الفصل وفي الشارع وفي الإنتاج وفي البناء ...  وأختم بقولي لمُطيلي اللحى الجهلة، لبسة القمصان، مقلّدي  الأفغان:  إنكم أخطأتم في الحسبان، وأن في الإسلام  دين الرحمة  ليست المرأة عورة، وأن المرأة العربية والمسلمة ينبغي أن تكون كما عليه في تونس المرأة،  رمزا للعطاء والثورة

أ* القليّة: قمح محمص في الطاجين يؤكل ساخنا أو يطحن طحنا دقيقا ليتحول إلى بسيسية  والبسيسة زاد للأسرة التونسية في البدو والحضر    

vendredi 2 mars 2012

شكّار روحو يسلّم على الحكومة

في جلسة الحوار مع الحكومة يوم 1 مارس 2012 التي انسحبت منها المعارضة  عن صواب أو عن خطأ، سمعنا من وزراء الحكومة تلاوات للإنجازات، من مثل أنّ التوجهات المعتدلة الوسطية للحكومة ميزة ساياستها الخارجية. وهذا الكلام  لم تبتدعه حكومة النهضوية، وتوصيفها ليس من عندي ولكنه توصيف الرئيس المؤقت للجمهورية. فهذا خط تونس  منذ 1956 أي تأسيس الجمهورية التونسية . ينضاف إليه جعل مصلحة تونس والتونسيين فوق كل اعتبار. هذا المبدأ الأخير لم تلتزم به الحكومة وتجلى خاصة خلال زيارة الجبالي إلى بلاد الحرمين الشريفين، حيث فضّل رئيس الحكومة عدم إحراج ملوكها الذين أعطوا الأمان للرئيس السابق المتهم  بجرائم قتل وسرقة وإفساد،  ولم يطالبهم بتسليمه، فأسقط حق ضحاياه في محاكمته وتجريمه وتغريمه....  فعل ذلك لأنه في عطائهم طمع، ولم يعلم أنه على مائدة اللئام وقع، وشيّعته صحافتهم بما من الكلام فَظُع، واعتبرته متسوّلا، واهما، إذ ليس كل فرد عندهم، كما يقولون، على بئر بترول جالسا

أما عن مؤتمر أصدقاء سوريا فظل وزير الخارجية يعدّد  أمام الحضورما تمخّض عنه المؤتمر بكلام رنّان طنّان... مؤتمر احتضنته الحكومة طمعا في تحقيق انجاز على الساحة الدولية، وإذا   لطفي زيتون  وهو وزير في الحكومة النهضوية، يلخّص نتيجته على شاشة التلفزة التونسية، مساء الثلاثاء 28 فيفري، بثلات كلمات خفاف نظاف: كلهم روّحوا غضبانين... والشعب التونسي غضبان أيضا، لأن أحدا من نواب الشعب لم يسأل الوزير من أين وكم  على هذا المؤتمر كان حجم الإنفاق؟  يَعُدّ  وزير الشؤون الاجتماعية قطع الملابس المستعملة والحشايا، على منكوبي الفيضانات  المشردين في الآفاق، ولا يعدّون المال المهدور على دعاة الشقاق والنفاق؟

وزير الداخلية يصف إنجازات الحكومة بأنها باهرة لا يشكك فيها إلاّ حسود، أي عدو لدود... ويكفيك ما ورد في مداخلات  النواب المحسوبين على الترويكا نفسها،  من قائمات النقائص والطلبات التي لم تلتفت إليها الحكومة، ومنها هشاشة الوضع الأمني، لكي تفهم  أن هذه الحكومة إلى حد اليوم تبيع كلاما للتونسي  .... وما المسيرة التي نظمها الاتحاد التونسي للشغل بداية الأسبوع، والتي آزرته فيها كل القوى المدنية والحية في البلاد ومارفعته الأطراف من شعارات، إلاّ تفنيد لمزاعم  الحكومة في النجاحات...   مسيرة رفعت  فيها أعلام تونس، هالت الحكومة وأغاظتها، فأطلقت عليها آلة القمع وفرّقتها. والحال أن مسيرات السلفيين تجوب جهات البلاد، طولا وعرضا، بالتكبير والتكفير، وتحمل أعلام السواد،  وهي تواجه بالتغاضي لأنها على قلب وزير الداخلية أحلى من العسل على الفؤاد

mardi 28 février 2012

في العقدة السورية

 نفض الغرب يديه من ليبيا  ومن العراق، مخلّفا ألوانا من الشقاق.  وترك وراءه قوما يتناحرون على المناصب والرتب، في مستنقع الدماء إلى الركب. وﻻ يمكن هناك توصيف الوضعية إﻻّ بحرب أهلية...وهاهو الغرب اليوم يفرك يديه أمام المشهد السوري ويضرب أخماسه في أسداسه يبحث عن طريقة كيف يأتيه، واندسّ في الجامعة العربية حتى تواليه ... نظام الأسد عنيد، لم ينصلح في مدى أربعين عاما وهو عمر مديد، وما تركه في الحكم بالأمر السديد...أما المعارضة السورية  فهي برأسين، معارضة الداخل تدوس على اللهب، وتمسك الجمر، وتدرك تعقيد الأمر، وترفض التدويل، وﻻ ترى في ما وصل إليه شقيقها العراق نعم البديل، تبحث عن حل سلمي معقول، وﻻ تريد أن تقفز بسوريا إلى المجهول

  أما المعارضة الخارجية التي تستفيد من مساعدة غربية : فهات يا دوﻻرات ويا يوروات و يا سفرات ويا لقاءات ويا نغنغة في الهوتاﻻت. وهي تستند إلى أكتاف  سمينة، حماة  بني صهيون: فرنسا والاتحاد الأوروبي وأمريكا بقوّة البنتقون. وسيكون عليها رد الدّين، بمصالحة إسرائيل؟ أوربما التفريط في الجولان أو شيء من هذا القبيل...والأكيد الأكيد أن هذه الدول ليست مصلحة السوريين هو ما تريد، بل بالعكس هي من انهيار سوريا تستفيد، حتى تستكمل اسرائيل ما شارفت على إنهائه في فلسطين  والقدس من تهويد... لو لا سمح الله دمرت سوريا، فلن تقوم لها قائمة إلاّ بعد خمسين من السنين، تهنأ فيها إسرائيل وتقوّي شوكتها وتستكين، وقد تمّحي قضية فلسطين... وقتها سيلعن التاريخ كل العرب والمسلمين، من القطري حمد  والسعودي عبد الله  وأوغلو إلى كلّ المتآمرين سرا وعلنا، وذلك إلى يوم الدين

vendredi 24 février 2012

السياسة الأمريكية في احتواء الثورات العربية

ثوروا على قدر ما تقدرون. ندعمكم بالمال والإعلام وإن لزم الأمر بالسلاح...رؤساء الدول العربية بالنسبة إلى أمريكا أوراق مهترئة في خريف كينونتها  وهي آيلة  إلى السقوط أصلا.... ومزاج الشارع العربي مع التوجه الإسلامي ...هكذا فتقت عبقريتها على خطة بلعها الإسلاميون من شدة رغبتهم ولهفتهم على السلطة ... " والسلطة هي أغلى ما في الدنيا "هذا قاله راشد الغنوشي رئيس حركة النهضة التونسية ذات التوجه الإسلامي...  الخطة: نحضنكم وتحضنوننا....  وبلا عروبة  وبلا إسلام وبلا فلسطين ولا  أنتم تحزنون... وقد تجسد هذا المشروع في لقاء رئيس الحكومة المؤقتة حمادي الجبالي بالسينتور الأمريكي ماك كين البوشي، حيث تعانق الرجلان عناقا حارا لم أر مثله منذ رحيل ياسر عرفات رحمة عليه

حركة النهضة فازت في الانتخابات لأنها قدمت نفسها حامية للعروبة والإسلام... ماذا قدمت للعروبة؟ أقامت حكومتها  مؤتمر أصدقاء سوريا. وهو مؤتمر لا يراد من ورائه حماية الشعب العربي السوري، فدماء العرب في أعين الغرب رخيصة.. بل هو تمرير مشروع الشرق الأوسط الجديد، العزيز على قلب الأمركان والذي أفشلته المقاومة العربية في لبنان في 2006، والذي يراد منه تأبيد السرطان الصهيوني في الجسم العربي. ماذا فعلت للإسلام ؟؟ فتحت تونس لكل من هب ودب من الدعاة المتطرفين،  وصارت  البلاد مرتعا للإرهابيين.... ماذا فعلت لفلسطين؟ دعت إسماعيل هنية إلى تونس دعوة ألهبت بها مشاعر أتباعها ففسّحوه  ثم ودّعوه.... ولم نسمع ذكرا للقضية الفلسطينية على لسان أي مسؤول نهضوي بعد ذلك

ثمّ ماذا فعلت للاقتصاد ؟؟؟ مازالت تدرس المشاريع ، " واستنى يا دجاجة حتى يجيك القمح من باجة.." وباجة هذه السنة لن تعطي الحكومة قمحا، فمئات الهكتارات المزروعة قمحا جرفتها مياه الفيضانات... وآلاف الناس مشردون من ديارهم أغلبهم فقدوا حيواناتهم وزرعهم،  وعن قريب سينضمون إلى صفوف المطالبين إلى جانب إخوانهم المعطلين عن العمل. ما أحوجكم يا أهل تونس،  أنتم الذين تعانون من الكوارث، إلى الملايين التي صرفتها الحكومة وفندقتها في الضيافات والولائم التي أقيمت للئام والغربان  من أعداء سوريا في قمرت التونسية....يقولون: العين حق والطيرة باطل. ترى هل أصابت هذه الحكومة عين؟.. لكن بسبب ماذا؟ فأداؤها الاقنصادي زفت وتصريحات المسؤولين  دون المستوى في الغالب، تتبعها اعتذارات لهذا أو ذاك أو توضيحات.... ربما تكون العين بسبب وسامة المسؤولين في الحكومة؟؟؟ الله أعلم... في الحقيقة، أنا أقرب إلى التطيّر: هذه الحكومة منحوسة   

mercredi 25 janvier 2012

أفتوني في من له وجهان

  هذا مقتطف من بيان حركة النهضة إثر بث الشريط الكرتوني الفرنسي الإيراني "برسبوليس" على قناة نسمة التونسية صدر في 09 اكتوبر2011

      "بسم الله الرحمان الرحيم
لا للإعتداء على عقيدة الشعب.. نعم لحماية المسار السياسي
على إثر بثّ قناة نسمة لشريط كرتوني فيه اعتداء شنيع على الذات الإلهية، و ما تلا ذلك من تداعيات و ردود فعل يهمّ حركة النهضة التأكيد على ما يلي:
1- صدمتها و إدانتها الاعتداء على عقائد الناس و مقدّساتهم.
2- التمييز بين حق التعبير و التفكير و الإبداع - و هي حقوق ناضلت و تناضل الحركة من أجل ترسيخها - و بين التطاول على العقائد و المقدّسات.
3- التنبيه إلى أنّ استفزاز الناس أو إثارة قضايا جانبية من شأنه أن يهدّد السلم الأهلي و وحدة الشعب و تجانسه التاريخي، كما يهدّد المسار السياسي الذي تنتظره كلّ الفئات لتحقيق أهداف الثورة.
4- استغرابها للتوقيت الذي تطرح فيه هذه الاستفزازات وتساؤلها عن مرامي و دواعي أصحابها.
"
وقد دعم هذا الاستنكار الهجمة الشرسة لراشد الغنوشي رئيس الحركة على القناة متهما إياها بنخر جسد المغرب العربي ... وأضاف أتباع الحركة تهما أخرى، منها العمالة وخدمة أجندات صهيونية والتهم التي يلوكها العرب عندما يستهدفون من يخالفهم الرأي ويجاهر بأفكاره الشخصية

شريط  الصور المتحركة الفرنسي الإيراني فيه لقطة تخيلية للذات الإﻻهية لطفلة صغيرة. هذا الشريط عرض في الإمارات العربية، وفي فترة سابقة في قاعات السينما العمومية التونسية، ولم يثر في الشارع ردود فعل من أي نوع، فضلا عن أن بث الشريط مرخص له من قبل وزارة الثقافة... ورغم أن نسبة المشاهدة للشريط ليلة بثه لم تكن مرتفعة، إﻻ أن نسبة  التجييش والتعبئة للاستنكار من قبل حركة النهضة والسلفيين في المساجد كانت عالية، بحيث خرجت المسيرات ورفعت الشعارات المنادية بغلق القناة والنيل من صاحبها...وقد سارع مدير القناة للاعتذار لكل من رأى في الأمر مساسا بمشاعره الدينية ولمن اعتبر هذا التجسيد إهانة للقيم الدينية. لكن الهجمة زادت شراسة واعتدي على بيته  بالحرق والتخريب وعلى القناة، وطالبوا برأسه وبهدر دمه...

وقد لعبت حركة النهضة لعبة قذرة ببيانها المذكور أعلاه وبممارسات قاعدتها، فاستفادت  من هذه الحادثة أيّما استفادة في حملتها الانتخابية للمجلس التأسيسي. وصورت نفسها حامية للدين، مبتزة بذلك مشاعر البسطاء من التونسيين. وقد انبرى 144 محاميا من أتباعها يقاضون القناة لدى المحكمة بتهمة المساس بالدين. وكانت المحصّلة أن حصدت في الانتخابات أصوات كل من صدق زعمها... وانتهى السبب الانتخابي للشحن والتجييش على القناة، بيد أن آثارهما مازالت  متواصلة لدى أتباعها في مسلسل محاكمة قناة نسمة، وآخره ما حدث يوم 23 جانفي 2012، حيث تم الاعتداء جسديا ولفظيا على شخصيات إعلامية وأكاديمية وازنة في المجتمع التونسي، جاؤوا يساندون قناة نسمة وحرية التعبير والتفكير ورفض الوصاية على الدين.

في اعتقادي، وهذا ما يعرفه كل التونسيين، أن تجريم قناة نسمة لن يمر بسلام. فالشعب التونسي الذي سالت دماؤه من أجل الحرية والكرامة لن يقبل خنق الحريات وتكميم الأفواه واللجوء إلى العنف لفرض نوع من الرقابة الذاتية على أصحاب الفكر الحر ولشطر المجتمع التونسي إلى أنصار الإسلام وأعداء الإسلام... والأكيد أن الحكومة بقيادة النهضة تعلم أن هكذا مقاضاة للفكر وصمة في جبينها. فردود الفعل العالمية من قبل مؤسسات حقوقية لم تتأخر بالتعبير عن استنكارها لمحاكمة الرأي والإبداع في تونس ما بعد الثورة... سي حمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة سابقا، الذي أصدر  البيان المجيش المذكرور أعلاه،  ورئيس حكومة كل التونسيين المؤقت حاليا، المادّ يديه للدول الأجنبية : يا حنين يا كريم، وجد نفسه  في ورطة. البلد على كف عفريت اعتصامات ومطالبات  وصدامات وقطع طرقات... وينضاف إليها قضية نسمة ووجع رأس من الأقربين والأبعدين. فكيف الحلّ..؟؟؟ 

الحل، بتوفيق الله، بسيط  اهتدت إليه حركة النهضة من زمـــــــــان، وهو الخطاب المزدوج: ﻷنصارها تقول كلاما، هو مخ عقيدتها، وهوالصحيح، وتسوّق  كلاما للخارج، حتى تبدو في مظهر الحركة المدنية، ثم يذهب أدراج الريح. وﻻ أدل على ذلك من تصريح سمير ديلو صاحب اختصاص "التطمين" في الحركة، يدلي بدلوه في قضية نسمة، ويقول: من لم تعجبه قناة نسمة يفتح قناة أخرى...  الحل عادي وبسيط،  بعد ما صار في البلاد وما أصاب من سوء العباد..!!! وذهبت الحركة إلى أبعد من ذلك، فنشرت يوم الجلسة 23 جانفي بيانا هاك نصّه ( لقراءة الوثيقة أنقر هنا ) .المقارن بين النصين الأول المدين المجيش، والثاني المهادن، الذي نسيت فيه النهضة الغيرة على العقيدة من أجل أن تستتب لها أوضاع الحكم، يتبين له حجم المتاجرة بالدين...
فياعرب، يا إسلام، يا عالم، أفتوني في من له وجهان وله خطابان. ملعون هو في الكتب. فكيف يرجى منه  صلاح أو نجاح أو فلاح...؟؟؟؟  

mercredi 18 janvier 2012

في أداء الحكومة

لم ترسل الحكومة التونسية المؤقتة للشعب رساﻻت غير تلك الشفوية التي تدعو لفك الاعتصامات، وهو مطلب يلتقي على صوابه العاقلون والعاقلات. ولم تتوضح لدينا الأولويات، ولم نر بأم أعييننا إشارات ... منذ حوالي شهرين لم يتحقق إنجاز وما نعمنا بغير  صور اللقاءات على شاشات التلفزات... فهي، الحكومة، منذ وضعت رجلها في الرّكاب، بعبارة الرئيس المؤقت المنصف المرزوقي، لم يحدث على الأرض شيء ملموس في القضايا الكبرى. كل قراراتها كانت محل انتقاد واستنكار، من التعيينات في ميدان الصحافة الوطنية، إلى الحركة في صلب وزارة الداخلية، إلى قرار وزير الداخلية مؤخرا إخضاع الأمن الوطني بصفاقس إلى الفرع الجهوي لحركة النهضة بالجهة (لرؤية الوثيقة انقر هنا)، إلى الاحتفاﻻت بذكرى الثورة التونسية، التي صبغتها الحكومة بصبغة عربية إسلامية، وغابت منها كل أبعادنا الأخري المتوسطية والإفريقية. ولم يحضرها أصدقاؤنا التقليديون الذين هم أيضا نحن على كرمهم معوّلون. فكانت التظاهرة الرسميّة مليئة باللمز والتنابز والمزاح الثقيل ، ولم ترق إلى مستوى الاحتفاليّة

  فوتت الحكومة المؤقته على نفسها فرصة غير مكلفة ماديا، فرصة ببلاش،  تبدو فيها حكومة مسؤولية. لم تحسم في قضية كلية الآداب بمنوبة التي تصر فيها كمشة من المنقبات مدعومات  بثلة من الطلبة وميليشيات ﻻ تنتمي إلى المجتمع الطلابي على تجاوز القانون الداخلي للكلية الذي يحجر النقاب في قاعات الدرس والامتحانات. ويقيم الجميع هناك خياما للاعتصام حتى تحقيق مطلبهم. وهو مطلب سال في خصوصه حبر كثير في مقاﻻت كتبها أساتذة وبيداغوجيون يثبتون فيه شطط هذا المطلب وعدم تواقفه مع قواعد العملية التعليمية. ومن أدرى من أهل الاختصاص؟ رغم ذلك رحّل الوزير التعليم العالي الحل إلى حين كتابة الدستور، وفضلت الحكومة أن تبقى الكليات على فوّهة بركان وساحة قتال. والحال أن الدكتور الطيب البكوش وزير التربية والتعليم في الحكومة الانتقالية السابقة، حكومة السيد الباجي قايد السبسي، قد أقدم على إجراء مسؤول في بداية السنة الدراسية 2011-2012 ، فأصدر قانونا يمنع النقاب في المدارس الراجعة لوزارته بالنظر فحسم المسألة. والحق يقال : السيد الطيب البكوش هو رجل المواقف ﻻ يحسب الحسابات الضيقة أمام ما تفرضه عليه المسؤولية، أستاذ جامعي وكاتب ومترجم وحقوقي ونقابي خبر السجون وعرف بصلابة العود وبصادق الوطنية

وكان بإمكان الحكومة أن تقيس على منوال ما فعله السيد الطيب البكوش. وكان بالإمكان أن يكون حل الإشكالية في منوبة وإنهاء الاعتصام فيها إشارة منها إيجابية، تؤكد علوية قوانينها وما لها من فاعليّة. وإحجامها عن فك اعتصام كمشة مطالبها ترفية، يجعلها محجوجة ﻻ تقدر على حل اعتصامات  أناس مطالبها  القوت والشغل، وهي مطالب أساسية.  وقد زاد الطين بلة ما أقدم عليه رئيس الجمهورية من عفو عن 9000  سجين وإطلاق سراحهم في المجتمع، وما أثاره من الجدل.. صحيح أن من حق رئيس الجمهورية المؤقت أن يفعّل صلاحية من صلاحياته القليلة. لكن هل أن هذا الإجراء أكيد؟ هل أحسن اختيار المواعيد؟ فيا أيّتها الحكومة الموقرة المؤقتة، وأيها الرئيس ذو النوايا الحسنة المؤقت رفقا بالناس، رفقا بالمحروسة...!!! كفى بطءا.  كفى قرارات وتصريحات غير مدروسة. كفى الناس وعودا،  بعضها يصل إلى حد الاستغباء، من قبيل وعد راشد الغنوشى رئيس حركة النهضة بأن تكون 2012 سنة الزواج للفتيان والفتيات. منين يا حسرات...!!! ما لقاش لقمة يلقمها، قالوا لو خوذ عروسة كلّمها

jeudi 12 janvier 2012

يا سيدي الوزير

سيدي وزير التعليم العالي المحترم
منذ ظهرت في برنامج "الصّراحة راحة" لم يعرف العديد من أساتذة التعليم العالي الرّاحة. فسلطة الإشراف الممثلة في شخصك الكريم، تجاهلت أوكد مشاكلهم التجاهل العظيم... ورحّلتَ حلّ قضية النقاب، التي عطّلت في كلية منوبة الأسباب، إلى أن يُصاغ الدستور في غضون عام - إن شاء الله - ويُطبع في كتاب... أما عن الاستشارة القانونية بشأن النقاب التي معاليك أجراها، فلم نعرف ما جدواها؟ وذلك لأن  قضية النقاب مُنزّلة في بيئة جامعية، وكان أجدر وأولى أن تكون الاستشارة بيداغوجية وتعليمية. وحتى لو كانت الاستشارة التي استشرتها إيجابية، فالمحصلة هي هي، بحكم أنك سيدي الوزير - كما قلتَ - ﻻ سلطة لديك، في هذه المرحلة بغياب الدستور، لإصدار القوانين  والمناشير. فالسؤال الوجيه في هذه الحال: ما الفائدة من جلوس سيادتك على كرسي الوزارة الوثير؟... وأختم خطابي لك بالتعبير عن خشيتي من أن يكون الفكر المتنوّر في التعليم  يواجه من الأزمان، في هذه الأيام، الزمن اللئيم

dimanche 8 janvier 2012

مؤقتون ... ولو كرهتم

السيد سمير ديلو من الوجوه البارزة في حركة النهضة المكونة للإئتلاف الحكومي في تونس بمعية حزبي المؤتمر والتكتّل، الذين تعتبر مشاركتهما في الحكومة رمزية نظرا لكون الوزارات السيادية كلها قد استأثرت بها الحركة. قبل الانتخابات كان السيد سمير ديلو نسب لنفسه اختصاصا هو" التطمين". وقد اضطره لذلك كثرة ما يصدر عن مسؤولي النهضة، وخاصة رئيسها راشد الغنوشي، من  خطاب مزدوج  ومن مواقف ﻻ تستقيم مع النظام الديمقراطي المنشود.  فكان في كل مرّة يطلع على شاشة التلفزة يوضّح أو يؤوّل أو يكذّب أو يدلي بتصريحات عامّة ﻻ تسكن في الحقيقة هواجس التونسيين... أمّا في تشكيلة الحكومة الجديدة فقد عيّن الرجل وزيرا لحقوق الانسان والعدالة الانتقالية وناطقا رسميّا باسم الحكومة... وقد تناول محلّلون هذه الوزارة بالنقد واعتبروا أن ﻻ مسوّغ لوجودها. فحقوق الانسان ﻻ ينتهكها في الغالب إﻻ النظام الحاكم. فكيف يكون النظام خصما وحكما؟؟؟  فضلاً عن أن الرابطة التونسية لحقوق الانسان مؤهلة وكفيلة برصد التجاوزات، من أي طرف كان، ومواجهتها.  أما عن العدالة الانتقالية فيمكن أن يوكل أمرها إلى وزارة العدل. وبذلك يكون إنشاء هذه الوزارة من باب الترف، الذي نحن في غنى عنه، في هذه المرحلة الاقتصادية الدقيقة

هذا وقد حافظ السيد سمير ديلو على مهمته التواصلية الأولى التى أصبحت رسمية بعد تشكيل الحكومة، والتي يبرع فيها أكثر من غيره من النهضاويين برحابة صدر وبابتسامة عريضة. إﻻّ أن رحابة صدره،  في لقائه مع الصحفيين مساء الجمعة في السادس من جانفي، قد خانته بسبب استعمالهم في كل مرّة كلمة "مؤقت" عند الحديث عن الرئيس الحالي المؤقت السيد المنصف الرزوقي، أو "المؤقتة" في نعت حكومة السيد حمادي الجبالي المؤقتة... لقد خرج الرجل عن طوره مشيرا إلى أن الرئيس السابق فؤاد المبزع تصح فيه صفة المؤقت أما الرئيس الحالي فقد تم انتخابه وﻻ يصح فيه هذا التوصيف، وأضاف أن الحكومة ليست مؤقتة بل هي انتقالية سواء دامت الفترة، أي فترة التأسيس، سنة أو سنة ونصف أو أربع سنوات أو دورة كاملة، خمس سنوات... وهذه الملاحظة الأخيرة أراها استفزازية وتهديدية، لأنه استدعى فيها إلى الذاكرة حركة غير مشرّفة للترويكا تمثلت في رفضها تحديد المدّة التأسيسية بزمن. وفي ذلك مخالفة لكل الأعراف. أمر غريب أن تحكم السلطة التنفيذية برأسيها، في مجتمع يؤسس للديمقراطية، رسميا لمدّة مفتوحة ﻻ يعلمها إﻻ الله، وأن يكتفى بالتزام أخلاقي من حركة النهضة بان ﻻ يقع تجاوز السنة.. وهذا الاستفزاز المهدّد، في تقديري، يتجاوز الصحفيين ليمسّ جميع التونسيين: سنبقى مؤقتين بنعتكم أوانتقاليين بنعتنا حتى 5 سنوات، والمسكوت عنه: فترة سنة  للتأسيس ﻻ تلزمنا... فاشربوا من البحر... لم أفهم شخصيا لِمَ  بدا علي الرجل الانفعال من توصيف " المؤقت والمؤقتة "؟؟؟  أليس كل ما ومن في الوجود مؤقتا، عدا وجه العزيز الدائم؟؟؟  وأختم بقولي للسيد ديلو: أنتم مؤقتون ولو كرهتم.  بتوصيف قوانين الدنيا كلّها، رئيسا وحكومة، مؤقتون مؤقتون

vendredi 6 janvier 2012

يا شعب قطر

نحبك يا شعب قطر الشقيق... ولأننا نحبك نريد أن يتحقق لك ما أعاننا على تحقيقه أمير قطر بالمال والإعلام، نظام ديمقراطي، نظام جمهوري حقيقي... أمراء قطر ينفقون الوقت والمال لتحقيق رغبة الشعوب العربية في الحياة الكريمة وفي الديمقراطية وخيرا يفعلون ... لكن لماذا بالخير على شعبهم يبخلون؟؟؟... أما كان من الأجدر أن يبدؤوا بشأنهم،  فيرتّبوا بيتهم، ويرشّدوا حكمهم...أم أن الشعب القطري غير جاهز للديمقراطية، وﻻ يصلح إﻻ أن يكون رعيّة، وﻻ تنفع معه إﻻ إمارة وراثية، ولّت نفسها مدى الحياة عليه وصيّة، تهمش طاقاته وموارده البشريّة، وتهدر ماله، وتعرّض للخطر أجياله

إن كان لدى قطر فائض من الأموال تعطيه، فليس أحق به من قطاع غزة وذويه... لكن هذا مُحجّر عليها، حتى تُمكّن من وهم اللعب في ملعب الدول الكبرى وما إليها... ورئيس وزاء قطر يعتقد أن له وزن في تحريك الملفات، والحقيقة أن ﻻ وزن له سوى وزن ما تستثمر إمارة قطر في الدول الغربية من رياﻻت... وحاله في العالم، في الدول العربية أو في الأسرة الدولية، التي تعاني كلها من أزمة اقتصادية، يذكرني بقول "بكّار" الذي اغتنى بعد فقر: الدراهم دَرهموني وخَلّوا اسمي يُذكار،  بعد ما كنت بلا  قيمة أصبحوا ينادوني: يا سي البكّار. وقد شاع قوله بين الناس مثلاً.. إن دوام الحال من المحال، وضرب من الخيال ... والأيام دول.  وإن بوادرالفجر والأمل، وطلائع البناء، هبت من تونس الإباء،،  وستطال أرض العرب كلها بلا استثناء 

dimanche 1 janvier 2012

المرزوقي في حملة مبكرة للرئاسة المقبلة

يروى، والعهدة على من روى،  أن رئيس الجمهورية التونسية الحالي االمؤقت، الدكتور المنصف المرزوقي، كان متفوقا في دراسته بمختلف مراحلها بحيث كان يطلع الأول على دفعته في كل مرّة.  وقد استنتج بعض المعلقين  من ذلك  سبب تمسكه بأن يكون أول رئيس لتونس بعد الثورة، هي عقدة تجذرت في نفسه،" أن يكون الأول " دائما، بما في ذلك أول رئيس للجمهورية. أما انا فأستند إلى المقدمة نفسها وأستنتج استنتاجا مختلفا. إن تفوق الدكتور المرزوقي  الدراسي  يدل على نباهته، فقد أدرك الرجل ببعد البصر أهمية أن يكون الرئيس الأول  وفي هذه المرحلة الوقتية التأسيسية  والتى ستؤدي فور الانتهاء من كتابة الدستور إلى انتخابات برلمانية ورئاسية. أدرك أن الرئاسة الوقتية يمكن أن تكون مركبا ممتازا إلى الرئاسة الشرعية. ومن ثم بدأ السيد المنصف المرزوقي حملته الانتخابية للرئاسة المقبلة الشرعية  مباشرة وهو يركب الرئاسة الوقتية... فيما يضحك بعض التونسيين من هذه الرئاسة الموكولة له المنزوعة الصلاحيات يعي هو تمام الوعي أهميتها، إذ يتاح لرئيس الدولة في منصبه ما ﻻ يتاح لغيره، من ذلك الدعاية لنفسه والتعريف بها واستغلال صفته ليتقرب من شرائح الشعب باستعمال جهاز الدولة والإعلام الوطني سنة كاملة، وﻻ لوم عليه في ذلك أو تثريب... بكى على الهواء على شهداء الثورة وانتحب على المصابين فيها. وقرر بيع القصور الرئاسية ليفيد بها في التشغيل.  وتخلى عن جزء كبير من مرتبه لفائدة الدولة. هذه الحركات يمكن أن يكون فيها صادقا، ولكنها في المقابل ربما تُوجد له قاعدة شعبية متعاطفة من طبقة الفقراء والمعوزين... ويلتزم بالظهور بالبرنس من وبر الجمال وفي ذلك رسالة إلى أهل الجنوب عامّة وإلى شريحة عمرية معيّنة... ويتقرب علنا من حركة النهضة ذات الاتجاه الإسلامي  مغازلة لقاعدتها بعدما توضّّح له مدى انضباطها والتزامها في انتخابات المجلس التأسيسي، بما مكن حزب النهضة من أغلبية مريحة جعلتها تمسك بسلطة القرار في الحكومة الجديدة. فكسب ود النهضاويين يمكن أن يؤمّن له، في تقديره، فوزا أكيدا في الانتخابات الرئاسية المقبلة

ومن مظاهر التقرب من النهضة والعمل على استدعائها بالاسم أو بالممارسة تشبهه براشد الغنوشي واعتباره قدوة له. وبدا ذلك في النكتة الشهيرة التي أضحكت محارويه من القناة الوطنية، ومفادها أن ابنتي الرئيس المؤقت قالتا له بعد أن سكن القصر الجمهوري في قرطاج: يا أبي قد أصبحت الآن رئيسا للجمهورية ويجب أن تعتني بهندامك وان تضع ربطة العنق. قال: قلت لهما لن أضع ربطة العنق حتى يضع راشد الغنوشي ربطة عنق ... وضحك الرئيس... وضحك محاوراه... وكان حريا بالتوانسة، مهما كان مشربهم، أن يبكوا لسماع هذة النكتة لأنها ﻻ تدعو إلى الاطمئنان البتة لأسباب عديدة... ومن هذه المظاهر تصرحاته النارية ضد فرنسا، والحال أنه  قضى سنين يتيتّم على أرضها  لمّا كان مغضوبا عليه... ومنها طريقته في السلام، حيث دأب المسلمون على افتتاح كلامهم بالسلام مرة واحدة بينما رئيسنا يسلم ثلاثاً : السلام عليكم ورحمة الله وبركاته السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .السلام عليكم ورحمة الله وبركاته... ومنها ظهوره على شاشة التلفزة الوطنية في رأس السنة الميلادية 2012 ليهنئ التونسيين بالعام الجديد، وبالمناسبة أشار إلى أن الاحتفال بهذا الحدث ليس من العادات والتقاليد العربية الإسلامية... فعل ذلك لتأكيد صورته كمتمسك بالهوية العربية الإسلامية... بما ذكرت من خطاب وحركات يسوّق المرزوقي نفسه رئيسا للمرحلة المقبلة لجماهير النهضة وربما لمسؤوليها أيضا...  ولقد أدخلت تصرفات الرجل ومواقفه والبعض من تصريحاته  الحيرة  لدى الكثير من التونسيين الذين عرفوه وظلوا يتساءلون: ماذا أصابه؟؟ ما الذي طرأ عليه؟؟ والأمر أنّه، بكل بساطة، بدأ حملته الانتخابية مبكرا للفترة الرئاسية المقبلة. وهو يراهن على الحصان الفائز في تقديره وهو حزب النهضة...فلا تتعجبوا من مزيد من مظاهر الورع يبديها رئيس الجمهورية المؤقت السيد المنصف المرزوقي فيما تبقى من هذه السنة 2012 أعادها الله على الشعب التونسي باليمن والبركة....ﻻ تتعجبوا من شيء... فقد يكون المنصف المرزوقي مرشح النهضة للانتخابات الرئاسية المقبلة