dimanche 15 avril 2012

في الولدنة السياسية

إن مظاهر الولدنة في  السياسة متعددة، وأغلب  هذه المظاهر متوفرة في ممارسات حركة النهضة. والولدنة مقترنة بالكلام غير الموزون، وبقلة الخبرة، وبعدم القدرة على تحمل المسؤولية... وقد أكثر منتسبو النهضة  من التصريحات في تمجيد حركة  النهضة بالمبالغات: حركة عريقة عمرها 30سنة، راشد الغنوشي فيلسوف الثورة، 40 في المائة من التوانسة صوتوا للنهضة، نضالات النهضة...أمّا قلة الخبرة السياسية  فتبدو في إعطاء الأولوية للحسابات الضيقة، كافتعال رموز هذه الحركة لمواقف تهيّج بها أتباعها  لتشدّهم إليها، لكنها مواقف لا تخدم الوطن وتبث الشقاق والفرقة بين أبناء تونس، من ذلك تشويه وتحريف المصطلحات كالعلمانية والديمقراطية ومنها اقتراح الشريعة مصدرا  للدستور، ومنها النيل من رموز المعارضة واتهام طرف منها بالعنف الستاليني الثوري. ولأنّ كل فعل يولد  رد الفعل،لا تستقر الأمور. وذلك ليس في صالح النهضة.... الأصل أن حركة النهضة تتصرف كالأطفال، يريدون كل شيء في آن واحد . فهي  تريد أن تحكم، وفي الوقت نفسه تريد أن تؤمن لنفسها نتائج الانتخابات المقبلة، وذلك  بإبقاء أتباعها على درجة عالية من الحميّة والتأهب... ويشبه حالها هذا حال الحمار في المثل عند الفلاحين " رأسو في المخلة وقلبو  يردك  على المطمور "... فلا هو ينعم بما يأكل من المخلاة ولا هو يضمن لنفسه ما في المطمورمن علف

أما انعدام القدرة على تحمل المسؤولية فيتجلّى في أن الحكومة المنبثقة عن النهضة لم تقدر، إلى حد اليوم، أن تُقنع بأنها حكومة كل التونسيين، إذ سرعان ما ينزلق المسؤولون الحكوميون من خطاب الدولة إلى خطاب حركة النهضة، من ذلك  سخرية  وزرائها في داخل تونس وخارجها من الأحزاب الأخرى ناعتين إياها بجماعة الصفر فاصل في إشارة إلى نتائج بعض الأحزاب في انتخابات المجلس التأسيسي، ومن ذلك اتهام المعارضة بالتآمر أو العمل لإسقاط الحكومة، ومنها خفة اليد في استعمال القمع للتظاهرات... كل هذا كما يقول المثل كوم وتعنتهم في تقسيم المجتمع واستعداء الناس أحياء وأمواتا كوم ثاني . هذا بورقيبة رمز من رموز تونس والنضال ضد المستعمر وباني تونس الحديثة،  رحمه الله، ينعتونه بالمجرم السفاح عدو الإسلام، وقد أنكروا من سجلّه كل إنجاز.أما بن علي فهو طاغية، عذبهم كما يقولون وأدخلهم السجون، ولكنه يتمتع إلى حد الساعة بخيرات التونسيين المنهوبة في بلاد الحرمين الشريفين وبتغاضي حكومتهم عن جلبه إكراما لطغاة ذلك البرّ الذين أجاروه. أتباع النهضة استأثروا بالانتماء للعروبة والإسلام لا يرضون أن يتكلم باسمهما غيرهم. أما بقية التونسيين، فهم بنظرهم، إما أيتام بورقيبة، أو أزلام المخلوع بن علي، أو يساريون، كفرة فجرة،  لواطيون وعاهرات. هذا التبسيط الساذج للمشهد السياسي من قبل  الحركة الحاكمة، وهذا النزوع إلى الإقصاء والتكفيروالتخوين الذي طال حتى الإعلاميين لا يخدم مصلحة تونس ولن تنجح  به الحكومة في إدارة دفّة البلاد

 برأيي، حتى تستقر الأمور لحكومة النهضة فتشتغل بكل أريحية، هي أمام حلّين لا ثالث لهما. إما المداومة في الولدنة بوهم أنها قد تبزّ الأخرين في عملية شدّ وجذب فتنتصر على معارضيها وتنفذ أجندتها كما يحلو لها... ولن يحصل ذلك إلاّ أن ترش بالفتّاك  الآخرين الملاعين فتقضي عليهم وترتاح منهم...أو تقبُّلُ الاختلاف الذي هو سنة الحياة ورافد من روافد التصحيح والتطور... فتمدّ هذه الحكومة يدها  لبقية أبناء تونس، لمخالفيها في الرأي، في إطار إستراتيجية جديدة مبنية على الشراكة، لا على الاستعداء والكراهية.  استراتيجية تؤلف بين التونسيين،  وتركز على المسائل الأساسية التي تخص مطالب الناس، فتُخرس بذلك الأفواه وتُجفف الأقلام التي تفتقت مواهبها، في عهدها، في فنون السباب والشتيمة وفي أدبيات التقسيم والحقد

 يردك: يدق بشدّة خوفا على ما يوجد بالمطمور من علف


هذه الصورة جمعت جنبا إلى جنب صورة الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة وصورة رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي

 

samedi 14 avril 2012

ميليشيا مناضلة

احتفالية تخليد ذكرى شهداء 9 أفريل 1938 في تونس قوبلت بقمع المحتفلين قمعا وحشيا طال جمعا ممثلا لمختلف شرائح المجتمع، من حقوقيين ومحامين وممثلين للمجتمع المدني ورؤساء أحزاب  ونواب للشعب في المجلس الوطني التأسيسي وصحافيين  وجرحى الثورة- من مدينة سيدي بوزيد منطلق الربيع العربي- وأناسا من عامة الشعب نساء ورجالا... المتضررون والمراقبون وشهود العيان يقدّرون أن مستوى القمع يذكّر بل يفوق ما كان يُسلّط في زمن بن علي، ويدعمهم في شهادتهم ما بُثّ على صفحات التواصل الاجتماعي من أشرطة فيديو موثقة للقمع. ذاك اليوم وسم باليوم الأسود في حياة التونسيين بعد الثورة

 ومازال هذا الحدث يثير إلى اليوم جدلا في الشارع التونسي وفي وسائل الإعلام من زواياه المختلفة، وأبرزها مشاركة عناصر مدنية إلى جانب أعوان الأمن في عملية قمع المحتفلين . لقد كانت هذه العناصر انتقائية في إعمال عصاها التي كانت تطال رموز المعارضة وكل من عُرف له موقف منتقد للحكومة أو لحركة النهضة الحزب المهيمن في الحكم، وكانت تدعم التعنيف المادي بالشتيمة بما يدل أن هذه العناصر ليست حيادية. وقد اعتبرها ضحايا العدوان من ميليشيات النهضة، في حين نفى وزير الداخلية وجود ميليشيات للحزب الذي ينتمي إليه. وقد دعم هذا النفي "الصحبي عتيق" ممثل كتلة حركة النهضة في المجلس الوطني التأسيسي قائلا: نحن ليس لدينا ميليشيا لدينا مناضلون... وأنا أقول هذا لا ينفي ذاك، لحركة النهضة ميليشيا مناضلة تدعم حكومتها بكل الوسائل بما في ذلك الاعتداء على المعارضين

في الحقيقة لا يصعب تمييز الميليشيا من قوات الأمن، فمن بين ما يميز الشرطة النظامية  التونسية أن هراواتها عصرية مستوردة، أما هؤلاء فهراواتهم ليست يد المكنسة التى تستعملها الشرطة السودانية والباكستانية وغيرها تقشفا في النفقات، بل هي العصا الغليظة التي يعرفها الفلاحون جيدا أي مقبض الفأس أو الرفش، وذلك رغبة منهم في الأذى والتشفّي... وأختم بقولي هذا للترويكا الحاكمة: لا دمغجة ولا منع ولا قمع ولا إجراءات فوقية بعد الثورة... لقد خرج المارد التونسي من القمقم ولا سبيل لاحتوائه إلاّ بالإقناع، فأقنعوه بأدائكم، بالإنجازات، بالتشغيل، فسيصفق لكم  كما يصفق عناصركتلة النهضة لبعضهم البعض في المجلس التأسيسي، ولن يكون ذلك من باب المجاملة أو العصبية كما يفعلون، بل إعجابا بكل تأكيد
هذا الشريط بعرف ببعض عناصر الميليشيا