mercredi 11 décembre 2013

مآل الحوار الوطني

رغم ما نسمعه، على الساحة السياسية التونسية، من كلام معسول مدهون بالزبدة عن الحوار وأهميته في حلّ الخلافات بين التونسيين، وعن ضرورة التوافق بالحوار على شخصية محايدة تتولّى رئاسة حكومة تنقذ البلاد من الهاوية، وعن إشادة الجميع بدور الرباعي الراعي للحوار وبصبره، فإنّ ما يحدث من حراك لا يتوفّر فيه شرطان أساسيان للحوار، أحدهما: الاعتقاد  الصادق في الحوار كآلية للتفاوض ولتقريب الشقة ولجسر الهوّة بين المتحاورين، وثانيهما: التفاعل المباشر بين الأطراف التي تحمل رؤى تصل إلى حد التناقض، تفاعل يسمو عمّا تحمله بعض الأحزاب لبعضها من عداوة ضاربة في تاريخ نضالها، تفاعل لا يقدّر غير مصلحة الوطن. ما يجري اليوم هو حركة نشيطة للرباعي صاحب مبادرة الحوار بين الأحزاب يلفّ، ويسمع هذا وذك. وهو في ذلك أقرب إلى وسيط  بين غضابى متمترسين وراء اختياراتهم  ويتبادلون تهم إفشال الحوار. 
والحقيقة أن من سيفشل الحوار أو ينجحه هو من بيده الحلّ والربط. والحل والربط في هذه المرحلة بيد حركة  النهضة. فهي في سدة الحكم وهي من سيعطيه، ولأن المعارضة لا تملك ثقلا ظاهرا - ولا أعتقد أن لها ثقلا خفيا - ولا تملك أي ورقة ضغط تمكّنها من تغيير الحكومة. إذن كل شيء على مزاج حركة النهضة التي بيدها السلطة. أعطوني سببا واحدا يجعلها تتخلّى عن الحكم!!! تقول: فشلت الحكومة، النهضاويون يقولون الحكومة غير فاشلة - بالطبع ما دامت إخوانية - تقول: الفقر عمّ السواد الأعظم من الشعب، يقولون بعد كل الثورات تمر الشعوب بمثل هذه الأحوال، وليس لدينا عصا سحرية.  تقول: الدولة على شفير الإفلاس، يقولون سنستنبط ضرائب وأتاوات نملأ بها خزينة الدولة. تقول: في حكمهم  زاد انخرام الأمن وجدّ عندنا الإرهاب الذي لم تعرفه تونس من قبل، يقولون الإرهاب لا تسلم منه أية دولة في العالم. ويقولون تريدون حوارا، نحن أيضا مع الحوار ، ونجلس في الحوار، ولكن لن تفرضوا علينا شيئا.
بالمختصر المفيد، هذا الحوار سيُعلن فشله يوم 14 ديسمبر 2013، لأن حركة النهضة لن تفرّط في السلطة التي لطالما مجّدها راشد الغنّوشي،وذلك لسببين أولهما: اعتبارات عقدية، فاعتراف الحركة بالفشل فيه إقرار - بعد فشل الإخوان في مصر - بعدم الأهلية السياسية لتنظيم الإخوان المسلمين في إدارة شؤون البلاد والعباد، وفيه  حكم على الإسلام السياسي بالعحز عن إدارة الدولة الحديثة. زد على ذلك أن الحوار وطني، والإخوان لا يقيمون وزنا للوطن، لأنّه ليس مفهوما جوهريا في الفكر الإخواني، فمصلحة الإخوان مقدّمة على  مصلحة الأوطان. ثانيهما: لن تسمح حركة النهضة للاتحاد العام التونسي للشغل بالذات وهو طرف فاعل في الرباعي الراعي للحوار أن يلعب دورا تاريخيا في إنقاذ البلاد  يُحسب له. فالحركة تعادي المنظمة الشغيلة. وكانت لها صولات يذكرها الجميع في محاولة إلحاق الأذى بها عن طريق مليشياتها المسماة برابطات حماية الثورة في مناسبات عدّة أهمّها إحياء الاتحاد للذكرى 60 لاغتيال مؤسّسه المرحوم فرحات حشاد. ولا أعتقدني أبالغ عندما أقول إن حركة النهضة الإسلامية تحسب الاتحاد العام التونسي للشغل- كما أمينه العام - محسوبا على اليسار العلماني فكيف تسعي إلى إنجاح مبادرة هو عمودها الفقري؟؟؟