mercredi 8 octobre 2014

سمير الوافي يخلق الحدث...ضدّ نفسه

 
قررت الهيكا ، الهيئة العليا المستقلة  للاتصال السمعي البصري، وقف بث برنامج "لمن يجرؤ فقط " الذي ينشطه سمير الوافي على قناة "الحوار التونسي" لمدّة شهر، لما اعتبرته تمجيدا وتبييضا للارهاب ورد على لسان الإعلامي في " قناة المتوسط " نصر الدين بن حديد، أحد ضيوف البرنامج في الحلقة التي شاهدها التونسيون مساء يوم الأحد 5 اكتوبر 2014

كانت الحكومة التونسية قد صنفت  تيار أنصار الشريعة، المنظمة السلفية الجهادية، منظمة  إرهابية بسبب تلطخ أياديها بدماء تونسيين من جيش وأمن ومدنيين،  وزعيمها مطلوب للعدالة التونسية والدولية. وقد أعلن هذا التنظيم محاربة الدولة ممثلة في حماتها:أمنا وجيشا، وجاهر  بالعداء للجمهورية وقيمها...وما زال  إلى اليوم ينشر الرعب في قلوب التونسيين  ويروّعهم بعصاباته الإجرامية وبما يخزّنه  من أسلحة وما يفرّخه من خلايا إرهابية يبلي الجيش والأمن الوطنيان أي بلاء في الكشف عنها قبل أن تضرب أياديها الغادرة الدموية. 

وعن زعيم هذا التنظيم المتطرف الإجرامي، قال الإعلامي نصر الدين بن حديد في برنامج سمير الوافي: "إن زعیم تیار أنصار الشریعة سیف الدین بن حسین ليس إرهابیا.. أبو عیاض صدیقي وهو لیس إرهابیا وأتشرف بصداقته". وأضاف: "لا أخشى في صداقة أبو عیاض رجال الأمن والمخابرات في الداخل والخارج". وقال "لا أخشى أحدا في الدفاع عن صدیقي أبو عیاض". قال كلّ ذلك في تحد واضح لمشاعر عائلات الشهداء وضحايا الإرهاب، المفجوعين في ابنائهم،  ولمشاعر التونسيين عموما... وما تلا هذا القول أفضع وأشدّ نكرا، إذ  دفع  مسؤولية الإرهاب عن ابي عياض وحمّلها إلى أطراف يقول أنها معروفة، في محاولة منه لإحداث البلبلة وصرف النظر عن المجرم الحقيقي وغريم تونس والتونسيين.  أمّا عن اعتذار الإعلامي بن حديد فهو أقبح من ذنبه، إذ اعتبر أنّ التونسيين الذين تفاجؤوا وتأذّوا من تصريحه لم يفهموا كلامه في السياق الذي أراده... نحن، التونسيين، فهمنا جيدا ما قلت. وإن اعتذارك مضلل، تحاول أن تخفف به وطأة ما قلت، ولأنّك في نهاية الأمر تخشى كل الذين قلت أنك لا تخشاهم.

  وماذا عن منشط البرنامج سمير الوافي؟ فقد سمعته يتشكّى  على أمواج إذاعة "موزاييك" هذا الصباح من قرار الهيكا الذي اعتبره جائرا. والحقيقة أن  قرارها وقف بث البرنامج لشهر هو عين الصواب ، وربّما، في نظري، قد قصّرت الهيئة بعدم تغريمها للقناة  ماليّا أيضا، حتّى يقدّر كل متدخل في أيّ قناة خطورة جريمة تبييض الإرهاب. سمير الوافي منشط البرنامج كان دوره استفزازيا، "يتضيحك"، ولم يتصدّ بجديّة ولم يذكّر ضيفه  بالقانون. والحجج الني أوردتها الهيكا والتي دعمت بها قرار وقف بث البرنامج مقنعة...  كان البرنامج مسجّلا،  وكان بإمكان المنشط ان يجنبنا سماع ما نكره، لكنّه تعمّد بث كلام بن حديد بحذافيره ليخلق الحدث... فخلق الحدث ضدّ نفسه: منع بث برنامجه مدّة شهر كامل

 يا سي سمير،.كأنّي بك لا تشاهد برامجك بعد تسجيلها، أي قبل بثها على شاشة القناة للعموم... والله معك الحق! هي طويلة ومملّة في بعض الأحيان. أيها الصحفي الناجح الذي يشكو، لمن يريد أن يسمع، من حسد الحاسدين على نجاحه.  الحاسدون يروّجون  أنك، يا سيّدي، لم تنجح في شيء معيّن، ألا وهو شهادة الباكلوريا... فاحمد ربك يا أخي، إذ ربّ ضارّة نافعة .. بهذا التوقيف لن تضطر لتخصيص حلقة عن التزوير.. تزوير تزكيات المترشحين للرئاسة أقصد.

lundi 20 janvier 2014

النهضة ونظرية التمكين الإخوانية

خطة تمكين الإخوان المسلمين لحكم مصر كتبت بخط خيرت الشاطر في 13 ورقة وقد ضبطت في منزله عام 1991. وتم على اثرها اعتقاله هو ومجموعته.  وقد أَطلَقَ على عملية التمكين هذه مصطلح "فتح مصر". وأهم ما ورد فى الوثيقة  إشارتها بوضوح بالغ إلى أهمية تغلغل جماعة الإخوان فى المؤسسات الفاعلة فى المجتمع والتي تتميز باتساع مساحة التأثير  والمواجهة، والقدرة على إحداث التغيير،  في إشارة إلى الجيش والشرطة والإعلام والقضاء والمؤسسة الدينية والمؤسسة التشريعية. خطة التمكين هذه رام إخوان مصر تحقيقها بالتدريج وعلى مدى زمني طويل. 

وقد استوحت حركة النهضة الإخوانية استراتيجيتها في محاولة السيطرة على المجتمع التونسي من روح هذه الخطة، بعد أن تفاجأت بالثورة وبوجودها في السلطة. وأرادت أن تطبق بنود الوثيقة على عجل، في الفترة الانتقالية التي سعت إلى تمطيطها، قدر ما استطاعت، لسنتين. وخلص الغنوشي رأس الحركة إلى أن الجيش والأمن غير مضمونين. وقد استعصى الإعلام عن التدجين ، فنعتوه بإعلام العار وحرّضوا عليه. امّا القضاء فهو ينوء تحت كلكل حركة النهضة، وإلاّ كان حوكم رفيق بوشلاكة، وزير الخارجية السابق وصهر الغنوشي، في قضية الفساد المتعلّقة به فيما عرف " بالشيراتون غيت"، وكذا المؤسسة الدينية ممثلة في وزارة الشؤون الدينية  يمسك بزمامها، إلى الآن، شخصيات معروفة بتطرّفها. أمأ  التشريع فموكول للمجلس التأسيسي  وتواجه فيه حركة النهضة أحزاب المعارضة مدعومة بهبّات المجتمع المدني كلّما أرادت أن تمسّ خصوصيات المجتمع التونسي المدنية والحداثية.

 أمّا ما نجحت فيه حركة النهضة الإخوانية نجاحا باهرا في إطار خطّة التمكين لحكم تونس فهو التعيينات في مختلف الوزارات ومفاصل الدولة. فقد تمّ على مدى سنتين من حكم النهضة تسمية 15000  موظفا في إدارات الدولة ، بمعدّل 9 تسميات يوميّا، و80 بالمئة منهم عناصر نهضاوية مشكوك في كفاءتها. والتسميات كلّها موثقة بالرائد الرسمي التونسي. وقد أسمَيتُ هذه العملية في مداخلة سابقة" بنهضنة مراكز النفوذ" (انقر هنا)  وأشرت إلى خطورتها. وبما أنّ هذا التمكين الذي سعت إليه حركة النهضة، بدون وجه حق، هو باطل، والباطل كان زهوقا، فإن مراجعة هذه التسميات ستكون من ضمن أولويات حكومة الكفاءات المستقلّة الجديدة التي سيؤلّفها السيد المهدي جمعة في إطار تحييد مؤسسات الدولة الجمهورية عن التجاذبات السياسية. الحكومة المستقلّة،ولاؤها لتونس لا غير، وستخلف حكومة علي العريّض النهضويّة الإخوانية غير المأسوف على مغادرتها سدّة الحكم، نظرا لتركيزها على خدمة مصلحة حزبها، فكان أن جلبت لتونس  كوارث الاغتيالات السياسية ودخول الإرهاب إلى تونس وعزوف المؤسسات الدولية عن مساعدة تونس ماليّا، فضلا عن الفشل في ملفّات التنمية والاقتصاد.  

samedi 11 janvier 2014

وخرج علي العريّض من الباب الضيّق

لم يؤل الحوار الوطني في تونس إلى التوافق المنشود، بل إلى الثصويت الذي رفضته النهضة في البداية كآلية لحسم الخلافات، ثم عادت وقبلت به عند ترشيح السيد المهدي جمعة وزير الصناعة في حكومتها المنتظر استقالتها. ونتج عن ذلك انفراط عقد المتحاورين، وعدول بعض الأحزاب كالحزب الجمهوري والجبهة الشعبية عن مواصلة الانخراط في الحوار. أما الرباعي الراعي للحوار فرأى أن اختيار السيد المهدي جمعة المشهود له بالاستقلالية والكفاءة لتشكيل حكومة كفاءات، بقطع النظر عن الآلية،  يجنب تونس انسداد الأفق والذهاب إلى المجهول.

هذا وقد قدم رئيس الحكومة علي العريّض استقالة حكومته إلى رئيس الجمهورية يوم 09 جانفي 2014، وهو يوم أغبر بلغت الاحتجاجات فيه الذروة في ولايات تونسية متعددة. احتجاجات على ميزانية 2014 التي ضاعفت الضرائب لتثقّل على قطاعات واسعة وحيوية من الشعب المنهك أصلا بغلاء المعيشة.  وأذكّر بأنّ حركة النهضة دخلت  إلى الحكم من الباب الواسع عندما تحصلت على أغلبية مريحة في انتخابات 23 أكتوبر2011. لكن ركبها الغرور، وظنت أنّها بأغلبيتها يمكن أن تسيّر البلاد كما تشاء وأن تكتب الدستور الذي تريد، ونسيت أمرا هامّا: أن هذا الشعب  قد شبّ عن الطوق، وأنه اكتسب حريته بتضحياته، وأنه تعلّم، حديثا وبعد تجربة مرّة، أن لا يسلّم أمره إلى حاكمه أيّا كان دونما يقظة ومتابعة. 

لقد خاضت الحركة طيلة سنتين مواجهات متعددة خسرتها كلّها والدليل على ذلك ما كتبه أحد مؤيّديها بالدارجة التونسية في صفحته على الفيسبوك: "إلى النهضة...
شفناك تخسر في كل جولة حاربتي فيها و ما سيّبناكش ...خاطر عارفين قوّة الناس اللّي تحاربي فيهم ...
خسرتي في معركة كمال اللطيّف ...
خسرتي في معركة سامي الفهري ...
خسرتي في معركة تحصين الثورة ...
خسرتي في معركة استرجاع الاموال و محاسبة الفاسدين ..
خسرتي... و خسرتي... و خسرتي ...و ما سيّبناكش...
لكن إنك تدوّريها كذب و بلعوط وتخديم مخّ وعود مستحيلة ...خاطر تعرف الشعب بوهالي و يصدق ...هذي ما نسامحكش عليها ..."وأنا أستسمحه في نقل ما كتب ولا أوافقه الرأي في كون هذا الشعب بوهالي. الشعب التونسي ذكي جدأ بالفطرة وبالوعي. هذه الحروب التي يذكرها  صاحب النص هي بسيطة أمام  مواجهات خاضتها النهضة لتغيير نمط المجتمع التونسي في صلب المجلس التأسيسي، منها على سبيل الذكر محاولة فرض الشريعة مصدرا أساسيا للتشريع في الدستور،أو التراجع في مكاسب المرأة التونسية بالتنصيص عليها مكملة للرجل لا مساوية له، وفي محاولة تقييد حقوق الانسان الكونية، وفي مسألة مدنية الدولة...كل هذه المواجهات خرجت منها حركة النهضة منكسرة... وقد كانت لها صولات خارج المجلس بمواقف وتصريحات أعضائها التي تستهدف الوجه الحداثي لتونس، تشجع السلفيين مطيلي اللحى لبسة القمصان الذين قويت شوكتهم مع حكومة النهضة حتى اكتوى الشعب بإرهاب أنصار الشريعة فخفت بريقهم وأخذت الحركة مسافة منهم.

هكذا إذن، دخلت حركة النهضة الحكم من الباب الواسع، بيد أنّها اليوم تخرج  منه، لكن من الباب الضيّق، فاشلة في الأمن وفي التنمية وفي توفير موارد لميزانية 2014، لأنها على مدى حكمها خاضت الحروب الخطأ التي لا تمت إلى حاجات الشعب التونسي الكريم الأصيل بصلة، ولم تركز على عدوه الأساسي الذي أثقل كاهله وسبّب انتفاضته مطالبا بالشغل والكرامة. هذا العدو هو الفقر والبطالة