mardi 1 décembre 2015

إعادة نفخ الحياة في جثمان حزب التجمّع المنحل ليطلع إلى الشعب في خلق آخر

إن الخلاف الحاصل بين الفرقاء في نداء تونس ليس خلافا بين الاشخاص كما يحلو للبعض تبسيط ذلك، فحافظ السبسي لا يقارن بمحسن مرزوق على أي مستوى: مستوي النضج النفسي والثقافة والخطابة والتاريخ النضالي والعلاقات الداخلية والخارجية.  ومحسن مرزوق  يعرفه الناس. أمّا حافظ قائد السبسي فالناس بصدد اكتشافه. وكان تواصل مع التوانسة من خلال لقاء خاص معه بثته قناة نسمة التونسية  تبنى فيه مهاجمة منافسه محسن مرزوق بخطاب التجمع -حزب المخلوع بن علي قبل الثورة - في تخوين خصومه. اتهم حافظ قائد السبسي محسن مرزوق بالاسم، اتهمه بالتخابر مع السفارات الأجنبية، وبالمسّ من مقام الرئيس-الذي هو أبوه- وبنعت الحكومة بالفشل وبالسعي إلى إسقاطها، وبالخيانة العظمى. وقد بدا أمام المتفرّجين يبحث عن الكلمة فلا يجدها وعن الفكرة فلا تأتيه رغم محاولات محاوره انتشاله من مآزق الخطاب، مع العلم أن اللقاء التلفزي مسجّل. ويعلم الله وحده كم وقتا دام تسجيل اللقاء، لكن علم المشاهدون علم اليقين بعد مشاهدة اللقاء لماذا لم يكن الحوار على شاشة التلفزة مباشرا.
عندما تقرأ سيرة محسن مرزوق ترى كيف نحت الرجل ذاته ثقافيا وفكريا ونضاليا، اما حافظ قائد السبسي فقد أجاب عندما سئل عن تاريخه السياسي: قد نشأت في بيت يهتمّ بالسياسة. وهو يقضي بعضا من وقته- كما ذكرت مجلّة جون أفريك في عدد تحدّثت فيه عن النزاعات التي تعصف بنداء تونس-  بلعب الورق مع أصدقائه، وكان يطمح زمن بن علي أن يكون في الهيئة المديرة للترجي، طموح منع تحققه أصهار بن علي المخلوع.
إن جوهر الخلاف في الواقع هو بين مشروعين. مشروع اقترن باسم محسن مرزوق، لكن في الحقيقية يدافع عنه ال31 نائبا في مجلس نواب الشعب وجمع كبير من الندائيين. مشروع يريد تكريس الديمقراطية في كلّ المجالات بدءا من الحزب ويريد أن يكون المؤتمر الأول لحزب نداء تونس انتخابيا. والمشروع الثاني يريد أن يكون المؤتمر الأوّل للحزب تأسيسيا. ويدعم هذا الرأي تجمّعيون سابقون منهم رجال أعمال وندائيون كثر يريدون منصبا  عن طريق التعيين قد لا يحصلون عليه بالانتخاب. هذا المؤتمر التأسيسي يُثبّت كل كوادر الحزب في مواقعها، وكانوا اشتغلوا في هيكلة الحزب على تنصيب الموالين لهم وإبعاد من له رأي مخالف على المستوى المحلّي والجهوي ...وقد حُرّكت ماكينة التجمّع المعطّلة كما ورد في مجلّة جون أفريك في استنفار كوادر التجمع لما لديهم من خبرة ومعرفة بجهاتهم. وقد رأينا نموذجا من فاعليّة هذه الماكينة في إبطال إجتماع المكتب التنفيذي لنداء تونس في الحمّامات بالعصيّ والهراوات. أمّا الانتخابات فيمكن إجراؤها فيما بعد، بعد سنة أوسنة ونصف. وللتذكير،  لم يعرف التوانسة على مدى23 سنة من حكم التجمّع انتخابات نزيهة. هذا يعني أن حزب النداء سيصير بعد مؤتمره التأسيسي إلى ممارسة ديمقراطية وهمية. بالصريح الواضح، المشروع الذي يدافع عنه هؤلاء هو إعادة نفخ الحياة في  جثمان حزب التجمّع المنحل ليطلع إلى الشعب في خلق آخر.
لكن لماذا نجد حافظ قائد السبسي في واجهة الصراع حتّى اقترن المشروع باسمه؟ والرجل، حافظ هذا-على حدّ قول عمر  صحابو الصحفي المعروف- ليست لديه صفات القيادة. رأي أدلى به في برنامج لمن يجرؤ فقط، وقد اطلع عليه المشاهدون في الإشهار للبرنامج ولكنه حذف عند بث البرنامج كاملا.  حافظ قائد السبسي ، رجل عادي جدّا، لم يشتغل بالسياسة من قبل  تريده المجموعة صاحبة المشروع الثاني واجهة، يطمّعونه بالسلطة ويطمعون والده بالاستقرار، وما يكسبون  هو أن يكون القرار الفعلي بأيديهم، بما أن حزب النداء هو الحاكم. رؤوف الخمّاسي وشفيق الجرّاية ونبيل القروي وجوه داعمة لحافظ قائد السبسي، ذكرتها مجلّة جون أفريك، تعطي من مالها ووقتها لتمكين نجل الرئيس من النفوذ، ليس حبّا فيه او إيمانا بقدراته، بل لتصنع منه طرطورا جديدا. وغاية منى أصحاب المشروع الثاني أن يتخلّصوا نهائيا من الذين يدعون إلى مؤتمر حزبي انتخابي، وأغلب مؤسسي نداء تونس من بينهم، حتّى يضعوا أيديهم على حزب جاهز فائز.