lundi 22 octobre 2012

وجه النهضة


يحلو للبعض الحديث عن صحوة إسلامية في تونس. والقول برأيي خطأ. فتونس لم تنم عن إسلامها أبدا. بل أرجّح القول عن حراك ديني غريب عن تاريخ التوانسة، المسلمين جلهم، المتآلفين على مذهب غالب... وعلى مدى تاريخنا الحديث لم تُعرف صراعات في تونس ذات طابع ديني، حتى طلعت علينا حركة الاتجاه الاسلامي السلفية وزعيمها راشد الغنوشي، وفعلت الأفاعيل ليس لترسيخ الدين أو تقريبه من الناس وتقريب الناس منه أو تحسين وعيهم الديني وأدائهم في العبادات. وإنما لتكفير من لا يرى رأيهم ولإقامة الدولة الدينية بالحيلة والمخاتلة... 

اسم حركة النهضة اسم تنكري لتغطية وجه الحركة السلفي الذي ينكشف قبحه تدريجيا: بتصريحات الجبالي رئيس الحكومة حول الخلافة السادسة، وبتصريحات شورو نائب النهضة تحت قبة المجلس التأسيسي بإقامة حدّ قطع الأيدي والأرجل على المعنصمين المحرومين، واعتبارهم المفسدين في الأرض، وبتصريحات الغنوشي الذي اعتبر فيها التونسيين الذين ليسوا معه هم علمانيين ضد الإسلام وضده.  وينكشف وجه النهضة القبيح أيضا بممارساتها في الاستئثار بالسلطة والقرار دونا عن شريكيها في الترويكا وفي تقويض أسس البناء الديمقراطي: بنهضنة مفاصل الدولة واستهداف حيادية الأمن والجيش وعرقلة استقلال القضاء والإعلام وبقية المؤسسات، وبتشريع العنف السياسي على خصومها بدعوى قطع الطريق على الفاسدين وأزلام النظام السابق، والحال أن حكومة النهضة  تعتمد على كوادر النظام السابق من التجمعيين في مناصب حساسة، وزارية وحكومية، واقتصادية هامة... 

بصراحة حزب النهضة الذي تأكد- بالعمل والقول- انعدام كفاءة كوادره وفشلهم في إدارة البلاد وتأكّد إيغاله في الشمولية والإقصاء،  قد أدخل البلبلة على البلاد والعباد. وخلاصة القول، أن تونس ليست بحاجة إلى أحزاب دينية  أو إسلامية، فالإسلام مقامه محفوظ في صدور التونسيين جميعا. وحفظ الأوراد وكتب الفقه لا تصنع السياسي الناجح وقد أثبتت حكومة النهضة بالتجربة ذلك، فقد ازداد تحت حكمها الوضع الاقتصادي سوءا، وانتشرت الفرقة بين الناس، وعمّ الخوف في الحاضر ومن المستقبل...  بل هي في حاجة إلى أحزاب مدنية وطنية تختلف وتلتقي على مصلحة تونس أولا وفي كل الأحوال...