mercredi 30 mars 2011

على هكذا أسئلة ...هكذا أجوبة

تضاربت الأراء، بعد اللقاء الذي جمع الوزير الأول الباجي قائد السبسي بصحفيين من القنوات التلفزية التونسية الثلاث، مساء الأربعاء 30مارس 2011 ، بخصوص أداء الوزير لمهامه وتعاطيه مع الأسئلة التي طرحت عليه

أما بالنسبة إلى النقطة الأولى، فقد كان الوزير الأول، برايي، مقنعا فبعد تكليفه ب3 أساابيع تعرض الحكومة برنامجا كما قال للإصلاح السريع يوم الجمعة 1 أفريل يركز فيه على المناطق الأقل حظا في التنمية، مع برنامج ثان طويل المدى  يعلن عنه في شهر ماي ويبدأ في تنفيذه. هذا ما لم تفعل مثله  حكومة الغنوشي على مدى  شهرين. وقد كان مقنعا في الالتزام بحدوده فيما يخص استقلال القضاء، وكذا الهيئة المكلفة بحماية أهداف الثورة فهو ﻻ يتدخل في أعمالها. وملاحظته بخصوصها  في محلها، فهذه الهيئة أصبحت كسفينة النبي نوح... لكن كل واحد يريد أن يأخذ من جنسه اثنين  ليعزز مكانه... على كل، هؤﻻء لم يكونوا من صناع الثورة كما قال، ولكن ﻻ ضير في أن يكونوا حماتها... وكلامه عن الهجرة غير الشرعية ﻻ مجاملة فيه وهو كلام مسؤول وشجاع . وقد أبدى أنفة في التعامل مع الدول التي اقترحت المساعدة المالية و لم يكن متلهفا على أخذ الأموال قبل أن توضع المشاريع التى ستصرف فيها...وأقر الرجل  بما لم يتحقق بعد خاصة فيما يتعلق بالملف الأمني

أما عن تعاطيه مع أسئلة الصحافيين،  فقد كانت الأجوبة على قدر طبيعة الأسئلة. فبعضها كان مطوّﻻ، من الأسئلة التي ﻻ تطرح مشافهة، حتى أن المسؤول يتبع الخيط ولكن يضيع عليه فتكون إجابته عامة. وفي أحيان أخرى يضم السؤال الواحد أكثر من محور، فيختار المجيب  عفوا أو عمدا المحور الذي تريحه الإجابة عنه.  كما بدا لي ان الصحفيين غير مستعدبن، فما طرحوه من أسئلة ليس فيه جديد وﻻ إبداع بالنسبة إلى المواطن العادي... وليس فيه بحث... فعوضا عن السؤال المتعلق بإقالة  فرحات الراجحي، كنت أنتظر سؤاﻻ متعلقا بتعيين الحبيب الصيد في وزارة الداخلية بدﻻ عنه، وأن يكون لديهم ما يثبت علاقته بأفراد العائلة الفارّة كما يروى، أم أن ذلك محض افتراء.  في نظري على هكذا أسئلة تكون هكذا أجوبة...  وفي العموم كان أداء الصحافيين هزيلاً، خاصة منهم ذلك التابع لقناة حنبعل، فوزي جراد.  والذي فيه طبّة ما تتخبّى:  كثّّر من تكرار : حضرتكم... وسيادتكم و كم ..كم...كم... يحدث هذا ونحن نعيش ثورة الكرامة

إن إرضاء الجمبع غاية ﻻ تدرك. ولنذكر دائما أن هذه الحكومة وقتية انتقالية، وأن الحكومة التي ستجعل تونس تقف على رجليها فعلاً هي التي سيختارها الشعب يوم 24 جويلية 2011، ويقيّم أعمالها، ويحاسبها .. فلنستعدّ لكل ذلك

dimanche 27 mars 2011

لمن تصوّت؟... لمن أصوّت؟

كم تعجبني هذه المرحلة من حياة تونس... كم يعجبني  حال التوانسة اليوم... بعد سنوات من الركود والجمود و اللامبالاة ...هم اليوم في حراك... يحيون في سباق مع الزمن... فالانتخابات قريبة...وهم يبحثون ... ويسألون... ويستشيرون ... يريدون أن يعرفوا ...أن يتعلموا  دواليب السياسة . لأول مرة يشعر التونسي  أنه مسؤول على مجريات حياته المستقبلية  وعلى مصير تونس وتوجهاتها، ويعرف أن لصوته  وزنا، وأن هناك من يخطب وده...ويحس بكل حماسة أن عليه أن يفعل شيئا ما ... صحيح أن كثرة الأحزاب ﻻ تسهل على التونسي  الفرز والاختيار، ولكن يتوجب عليه أن يحزم أمره  ويحدد انتظاراته... ومن يعرض عليه ما هو دون تطلعاته،  يقول له : يفتح الله

في تقديري أن صوت المرأة سيكون حاسما في المعركة الانتخابية المقبلة...وستمثل الانتخابات في تونس يوم 24 جويلية المقبل معركة فعلية مدارها صوت المراة... المراة ...لمن تعطي صوتها؟  ينبغي أن تحذر المراة  المغالطة  وتحذر المغازلة في السياسة ودغدغة المشاعر، بحيث تكسر الصورة النمطية التي رسمها لها أحمد شوقي بقوله: والغواني يغرّهن الثناء، وتكسر التبعية لخيار الذكور وتبحث عن برنامج يحقق التوازن بين كل أبعادها لأنها نصف المجتمع

هذا حزب النهضة يسوّق نفسه كحزب ديمقراطي، ويضيف ديمقراطية على أسس دينية ...ويحترم الاختلاف... وأسمع كلامك أصدقك ، وأرى أفعالك أتعجب ...فأتباع هذا الحزب ﻻيريدون أن يسمع صوت غير صوتهم ، فلم يقبلوا الاختلاف وأفسدوا مسيرات مخالفيهم في الرأي... وهذا حزب آخر ديمقراطي تقدمي، ولم أفهم ما معنى تقدمي إﻻ البارحة 26 مارس عندما شاهدت في أخبار المساء زيارة الوفد الفرنسي للأستاذ نجيب الشابي. زاروه دونا عن غيره من  مسؤولي الأحزاب الأخرى. هل فعلوا ذلك لسواد عينيه؟ عندما نعود إلى التاريخ القريب  نذكر أن القائمين على هذا الحزب رحبوا بما ورد في الخطاب اليائس الذي وعد فيه  المخلوع بالإصلاحات، ووافقوا على حكومة إنقاذ وطني برئاسته في اخر يوم من أيّامه. فمنهجهم ليس بعيدا من منهجه. مُنى فرنسا أن ينجح هذا الحزب في الانتخابات، فتقدمي معناها منفتح على الغرب، ربما بتوجهات سياسة بن علي وانفتاحه. بالتعبير الواضح يكون حزب النهضة ديمقراطي رجعي وحزب نجيب الشابي  ديمقراطي تقدمي

والمشاهد لبرنامج القاموس السياسي الذي تبثه القناة الوطنية مساء، والذى يعرف بالمصطلحات السياسة ويهتم بتقديم الأحزاب الناشئة، يكتشف  محدودية تصورات هذه الأحزاب في مواجهة طموحات التونسيين، إذ جلها يركز على الهم الاقتصادي. التونسي مثقف  تحمل هويته أبعادا متعددة  يحتاج إلى ديمقراطية على حد عبارة الأستاذ عياض بن عاشور: ﻻ غربية وﻻ شرقية ... لأن تونس عربية إسلامية إفريقية متوسطية،  فالحزب الذي في برنامجه تحقيق  ديمقراطية تونسية تحقق التوازن بين هذه الأبعاد المختلفة، يتمتع في إطارها التوانسة  بحقوقهم في العيش الكريم المرفه ويلتزمون بواجباتهم  ويحققون ذواتهم رجاﻻ ونساء على قدم المساواة تجمع بينهم الأخوة في تونس، هو الحزب الذي ينبغي أن تصوت له المراة ، والرجل أيضا في رأيي...وسأصوت له أنا 

mercredi 23 mars 2011

تصفية الكلمة المضادة ... وتصفية الخصوم

فكرة كتابة هذه المداخلة  أتت من حادثة وقعت منذ ساعة تقريبا عندما تفرجت على شريط  فيديوعلى الفيس بوك وضع له عنوان: هام جدا !!! جرائم الحبيب بورقيبة.ج1 .  وفي الشريط  حديث عن تصفية الزعيم الراحل الحبيب بورقيبة لخصومه السياسيين. هذه الحقبة أثرت بدون شك في تاريخ تونس إذ أفرغت الساحة السياسية من الأفكار ومن المنافسة ومن الزعامات... إلى حد  جعل زين الهاربين  بن على، الأفّاق قاطع الطريق الجاهل، يطمع في الحكم، وناله على طبق من ذهب... وجعل عائلتي بن علي والطرابلسي تتنافسان على الثروة والسلطة جهارا بهارا...وجعل ليلى الطرابلسي كما راج تطمع هي أيضا في الحكم... فبعد أن نالت لقب سيدة تونس الأولى، وبعد أن نالت شهادة الدكتوراه في القانون، بدأت تخطط، كما يروى، لكي تكون أول رئيسة جمهورية عربية. جرائم بورقيبة وقد اصبح الرجل من التاريخ  يحاسبه عليها التاريخ. وجرائم بن علي المخلوع وأتباعه ينبغي أن تحاسبه عليها عدالة  شعبية منصفة. ينبغي أن نعرف الماضي وماحصل فيه من أخطاء فنستفيد منها، وأن نتتبع الحاضر بكل يقظة حتى نبني مستقبلنا على أسس سليمة. بعد أن تفرجت على الشريط علقت عليه...لكن في لمح البصر محي التعليق... فعلقت على الشريط نفسه تعليقا ثانيا ... وبأسرع من لمح البصر، هذه المرة، فسخ التعليق الثاني

وقد كتبت في التعليقين ما معناه: ثمة أناس لم يكونوا في السلطة  في مرحلة من تاريخ تونس وأفتوا بتصفية 23 مثقفا تونسيا...وسوف نرى فتاوى التصفية تتهاطل على رؤوس التوانسة، لو-ﻻ سمح الله - وصل هؤﻻء وأتباعهم إلى السلطة... فإخوان النهضة يتبعون سياسة التسلويس حتى يتمكنوا... وكل الوسائل صالحة لتحقيق غاياتهم. فقد سمعت واحدا من المنتمين إلى النهضة في برنامج على قناة نسمة ينادي مي الجريبي الأمينة العامة للحزب الديمقراطي التقدمي بصديقتي مي ، وناداها مرة ثانية بالصديقة مي... ولن أتعجب من سماعه في مناسبة أخرى ينادي حمة الهمامي، زعيم حزب العمال الشيوعي التونسي، برفيقي حمة، أو بالرفيق حمة

 من فسخ التعليقين  ﻻ يختلف عن الزعيم الحبيب بورقيبة وﻻ عن الرئيس المخلوع، لأنه  مثلهما ﻻ يقبل النقد وﻻ يقبل الراي المخالف... وتفزعه الحقيقة... ويشعر بأن الكلمة تهدده ، أو تهدد التيار الذي ينتمي إليه. ومن يقدر على تصفية الكلمة اليوم بفسخها حتى ﻻ تصل إلى جمهور محدود، يكون قادرا غدا عندما يتسلم السلطة على تصفية الاشخاص جسديا حتى ﻻ تصل أفكارهم إلى الناس. لقد كان بورقيبة وبعده  المخلوع يتصرفان بمفعول سكر السلطة والخوف عليها. والسكر كما صنف خمسة أنواع: سكر الشراب، وسكر الشباب، وسكر المال، وسكر الهوى، وسكر السلطان. ولم يكن الشيخ راشد الغنوشي واقعا تحت  مفعول  أي نوع من المسكرات المذكورة عندما أفتى بتصفية مواطنين تونسيين. فما كان - معاذ الله - يتناول الخمر. وما  كان شابا متهورا عندما أهدر دم مخالفيه في الرأي. وما كان - كما حدّث عن سيرته - ذا مال حديث أو تليد يطمعون فيه. وما كان إفتاؤه عن هوى  وحب لهؤﻻء حتى تصح فيه مقولة: ومن الحب ما قتل.  وما كان ذا سلطان يخاف عليه وقتها من هؤﻻء التوانسة  الثلاثة والعشرين الأبرياء المتسلحين بالقلم وعزته... إنما السكر حالة عرضية تزول بزوال سببها. وإن ما دفع الشيخ إلى هذه الفتوى ويدفع أتباعه إلى ممارسات إقصائية إلغائية من قبيل محو تعليق  بسيط ﻻ يصب في مصلحتهم على سبيل المثال...  أخطر بكثير. إنّه داء مزمن ، ﻻدواء له... إنه التعصب ...فالشيخ راشد الغنوشي، كما الزعيم بورقيبة وبن علي المخلوع، يتشدق بالديمقراطبة ... ولكن ﻻ يؤمن بالديمقراطية وﻻ بالتعدد، ﻻ هو وﻻ أتباعه ... إنه متعصب ... والتعصب ﻻ مرادف له سوى الدكتاتورية

ملاحظة: من  أعطى ليلى الطرابلسي الدكتوراه في القانون ينبغي أن يخضع للمحاكمة ، وﻻ بد أن تسحب منها هذه الشهادة حتى يرد الاعتبار للشهادات التونسية

vendredi 18 mars 2011

الطفرة الحزبية الفقّاعية في تونس الثورة

دعوت في مداخلة سابقة، والحق يقال بكثير من الحماس، إلى التعدد في تونس بعد الثورة، بما في ذلك تعدد الأحزاب. وقلت بالحرف في هذا المجال: أﻻ بعدا للواحد... ومرحبا بغيره من الأعداد... لقد رحبت بالتعدد بكل تلقائية ودونما تدقيق، فاستجيب لأمنيتي... لكن كما استجيب في الأسطورة الشعبية التونسية إلى أمنية الخادم التي انفتح في وجهها باب العرش في ليلة القدر بينما كانت تطل من نافذة غرفتها وتفكر في جمال سيدتها وطول شعرها  وسماحته. ومن فرط  انبهارها بالنور الذي غمر المكان وسعادتها بذلك وحماستها، تمنت على الله أن يكبّر رأسها أكثر بعشرات المرات من رأس سيدتها، وكانت تقصد بكبر الرأس طول الشعر، وذلك لأن شعرها من قصره كان اشبه بحب الفلفل الأسود. فكان أن لُبّي الطلب حرفيا وكبر رأسها إلى حدّ انّه علق ولم تتمكن من إدخاله من النافذة

لم أكن أتوقّع ، وفي اعتقادي ما من أحد كان يتوقع، أن يصل عدد الأحزاب المرخص لها بالنشاط في تونس بعد الثورة إلى 37 حزبا.  هل تسع الساحة السياسية هذا الكم المفزع من الأحزاب ؟ وهل يخدم هذا التشظي العملية السياسية حتى تكون سليمة وموفقة؟ أم أنّه يخدم حزبا معينا ذي أجندة معينة يقول ماضيه أنه ﻻ يعترف بالديمقراطية  وﻻ بالتعددية، وقد مارس العنف ضد التونسيين قديما،  وحديثا  في مواجهة المسيرات المؤيدة للائكية؟  إن هذه الطفرة الحزبية تجعل الأحزاب على المشهد السياسي أشبه بحقل فقّّاع.  الفقاعات  في أغلب الأحوال متشابهة وتكون صغيرة و متلاصقة، وتجد أحيانا قليلة فقاعا منفردا قائما بذاته قوي الساق  ناميا. جل الأحزاب الناشئة غير معروفة وليست لها قواعد جماهيرية وخلفياتها متقاربة وبالتأكيد ستكون برامجها متقاربة أيضا، وتلك هي الفقاعات الصغيرة، ﻻ تملأ العين وﻻ تقنع،  وسوف تفسد العملية السياسبة، ولن تزيد كثرتها الناخبين إﻻ تشظّيا  ولن يزيدها  ذلك توفيقا.  إن الأحزاب التي عرفت بنضالها ضد النظام السابق  وعرف بعدائه لها،  لأنها تحمل مشاريع تتفاوت في الوضوح، ولكنها تزعجه، هي في نظري الفقاع الكبير. وإن كثرة الأحزاب الناشئة سوف يخدم بعض الأحزاب المشهورة وسوف لن يكون في مصلحة البعض الآخر. وما نخشاه أن ﻻ تخدم هذه الوفرة  بالضرورة أفضل الأحزاب،  أي الأحزاب المدنية  

والحل، برأيي، أن تسعى هذه الأحزاب المُحدثة إلى التفاعل بينها بالحوار والتشاور والبحث عن القواسم المشتركة لتتكتل على أساسها في مجموعات جديدة من الأحزاب، فيتقلّص بذلك عدد الأحزاب، ويكون ذلك أجدى للجميع وأجدى للديمقراطبة في تونس. فليس الحين حين بحث عن المصلحة الشخصية وﻻ عن الزعامة، لأن هذه المرحلة  مصيرية في تحديد مستقبل وطننا. الواجب في نظري  طرح مشاريع واختيارات حقيقية واضحة فارقة ومتنافسة وتوجّهات جلية  محدودة أمام الناخب التونسي حتى يتمكن من أن يقارن بينها ويختار أنفعها له ولتونس.  وبذلك فحسب تتحقق الاختيارات السليمة وتكرس الديمقراطية الحقيقية في هذا البلد العزيز

mardi 15 mars 2011

هيبة الدولة من هيبة القائمين عليها

 انكشف زيف وعود التغيير التي وردت في بيان 7 نوفمبر. وكشف النظام البائد عن وجهه البوليسي القبيح وعن ممارساته في نهب ثروات الشعب التونسي بطريقة ممنهجة منظمة، وبتنافس شرس بين العائلتين المتصاهرتين الحاكمتين بخصوص  من يكدس أكثر، وتفتقت قرائحهم على وسائل في الإثراء هي أقرب إلى نسج الخيال. وعلى منوالهم نسج المسؤولون  في مختلف المستويات،  حتى أن كل مسؤول في السلطة ﻻ يسلم من يديه ما يقدر عليه. كل يتأمّر وينهب في مستوى اختصاصه وعلى قدر ما تطال يداه، بدءا من رئيس الدولة إلى الوزراء والمدراء والوﻻة والمعتمدين ورؤساء البلديات والعمد... وشُدّ الوثاق على رقاب التونسيين بالترهيب والتخويف حتى ضاقت بهم  السبل، فتمردوا على النظام  وكفروا به وبرموزه، وخلعوا لبوس الخوف، وكسروا أيقونات النظام جميعا وتحللوا من كل ما يمت له بصلة. فأسقطوا الرئيس وشردوه وأسقطوا حكومتين ممتاليتين...  وتسلحوا في ثورتهم المجيدة برمز تونس الثابت علمها ونشيدها الوطني. لم يفتر حب تونس في قلب أبنائها أبدا...  ولكنهم كرهوا الدولة ومقتوها لتماهي الدولة مع التجمع الحزب الحاكم، فكان بين الشعب ودولته قطيعة بكل معاني الكلمة. فتلك الدولة جلدت ظهره وأفرغت  خزائنه وأكلت ماله واحتقرته فسخط عليها. وكان أفضل معبر عن ذلك السخط  كلمة : ارحل،  واجهت بها الجماهير المسؤولين في النظام  السابق الذين أريد لهم التسلل من جديد إلى مسؤوليات سياسية في هذه المرحلة الانتقالية 
   
وحتى تسترد الدولة في هذه المرحلة  هيبتها ينبغي ان تكتسب ثقة الناس التي فقدتها بسبب ممارسات النظام غير المأسوف عليه ورموزه. فمن تعريفات الهيبة هي أنها الخوف مصدرها الإجﻻل. وﻻ تجل كائنا من كان حتى يستحق ذلك. وقديما قال ابن المقفع: الرجل ذو المروءة يكرم على غير مال كالأسد يهاب وإن كان رابضا . فما يتصف به الكيان سواء كان شخصا أو مؤسسة أو دولة من صفات طيبة ومن سمعة نظيفة يكسبه  تلقائيا الهيبة.   وإنّ هيبة الدولة من هيبة القائمين عليها، فليكونوا أناسا ﻻ غبار عليهم، يصدقون في خدمة  تونس وفي إنجاح ثورتها. وﻻ فائدة من تكرار الممارسة ذاتها في كل مرة يعمد إلى تغيير أو تعيين مسؤولين...ﻻ لتعيين التجمعيين في مسؤوليات مؤثرة في هذه المرحلة الانتقالية في أي مستوى كان؛ لأن ذلك يستفز شعب الثورة  الذي دفع ضريبة الدم في سبيل التخلص منهم. فكيف يطردهم من الباب فيعادون إليه في كل مرة من الطاقة؟  وقد يدفعه استشعاره لخطرهم في كل مرة إلى معاودة الاعتصام. فنعود من جديد إلى الشد والجذب، وإلى الأخذ والرد...وفي هذه الحال نقول: على هيبة الدولة السﻻم.  إن هيبة الدولة في هذه المرحلة ﻻ تكتسب إﻻ بالقطع الفعلي مع العهد البائد.  فريّحنا، يا معالي الوزير الأول، أيها الحريص علي هيبة الدولة، من هؤﻻء التجمعيين حتى يخرجوا من رؤوسنا ومن حياتنا...وحتى ﻻ ننفق الوقت الثمين في العسّة خوفا من أن يتسربوا إلى  مناحي حياتنا فيخربوها من جديد... وحتي نفرغ بكل طمأنينة إلى بناء تونس الجديدة  تونس الديمقراطية  


mercredi 9 mars 2011

مهبول يهبّل جماعة

وﻻدة الحرية في الشقيقة ليبيا متعسرة... خوف وفزع، آﻻم ومعاناة،  موت ودمار... وتهديد بالويل والثبور وبعظائم الأمور...ورغم ذلك فإن معنويات الشعب الليبي الشقيق مرتفعة.  لقد شبّ هذا الشعب ذو الأمجاد  عن الطوق، وضجّت في عروقه دماء الحرية، ولن يرضى عنها بديلاً. وصدحت أصوات الشباب الثائر ودوت عاليا: ثورة حتى النصر...النصر أو الشهادة...  كلّ أنظار العرب وتطلّعاتهم  ومهجهم  معلقة بأخبار ليبيا، ندعو لهم،  وبكل سخط ونقمة ندعو على القذافي وعلى غيره من حكام العرب وعلى الجاامعة العربية،  التي تأسست قبل أن تنشأ فكرة الاتحاد الأوروبي، ولكنها لم تجمع بل كرست الفرقة والقطرية بامتياز، فلم تكن جامعة، بل قامعة لتطلعات الشعوب على مدى أكثر من نصف قرن. فدخلنا القرن الواحد والعشرين على حال من التشرذم  والوهن، ﻻ نملك في مواجهة تحديات مصيرية على شاكلة ما يحدث في ليبيا، سوى الشعور بالعجز- والدعاء مظهر من مظاهره - والشعور بالقهر والخزي لأننا عاجزون ولأننا ننتظر أن يحل معضلاتنا أعداؤنا والمتآمرون على أرضنا، فلسطين، والطامعون في خيراتنا

 وما عسانا نفعل؟ فحااكم ليبيا مجنون يعاني من هبل مزمن. ولقائل أن يقول: هذا الرّجل مهبول فينبغي لأهله أن يداووه. لكن مصيبة ليبيا وطامتها العظمى أن للقذافي سبعة أبناء ، وكما يقال : الولد سرّ أبيه. يعني ذلك أنهم في مثل جنونه جميعا، يضاف إليهم أتباعه المحيطين به، الذين  يعتقدون أنّ  هذه الترّهات التي يدلي بها القذافي  للصحافة - من تهديد بالقاعدة،  وتهديد بانفتاح جحيم الهجرة على أوروبا وبأنّ سقوط نظامه يمثل تهديدا لإسرائيل -  سيصدقها أحد. القذافي وأبناؤه وأتباعه كلهم يعيشون فى حالة انفصام عن الواقع، فهم مجانين. وإن كان المهبول يهبّل جماعة، ففي ليبيا جماعة مهابيل دوّخوا العالم... يقتلون بدم بارد أهلهم وذويهم العزل. ولأن المجانين عاجزون عن تقدير الواقع، فهم ينتظرون السند والنجدة من الخارج. هذا الخارج الذي أرعبه هذيان الزعيم القائد وروعته بشاعة ما يحدث على أرض ليبيا. لكن من ينقذ هؤﻻء  المجانين من الحتمية، حتمية السقوط  والانكسار بفعل إرادة الشعوب...هذه الحتمية التي قررها أبو القاسم الشابي في بيتيه الشهيرين 
  إذا الشعب يوما أراد الحياة  ***  فﻻ بد أن يستجيب القـدر
وﻻ بد للظلم أن ينجلـــــي  ***  وﻻ بد للقيد أن ينكســـــــــر
ومن ينقذ هؤﻻء من أحفاد عمر المختار، صاحب القول المأثور : نحن ﻻ نستسلم ...ننتصر أو نموت.  برأيي،هؤﻻء، ﻻ أمل لهم في النجاة...ﻻ أمل لهم في الحياة   

vendredi 4 mars 2011

يعرف تونس زنقة زنقة، بيت بيت، فرد فرد

ليس هناك مسؤول على وجه الدنيا ﻻ يمكن أن يعوض. لكل فرد في اختصاصه بديل ، بل أقول بدﻻء. وتونس وﻻدة أحرار وأخيار. افتح باب تجد وراءه  مشروع  وزير أو خبير... كفانا ما عانينا من عقلية التباكي والتشاكي والمناشدة والتزكية، والهلع على غرار: يا أبانا  يا أبانا، استجب لدعانا، وعاود المكانا، نحن بعدك في ضياع وحزانى
ليس لأحد مزيّة وﻻ فضل على تونس، إذ ليس هناك من الوزراء وﻻ غيرهم من خدمها متطوّعا، بل أخذ الجميع أجورهم مجزاة. وقد تكشف الأيام مقدار النهب الذي مارسه المسؤولون فضلاً عن أجورهم الخيالية. ويكذب من يقول: ضحيت وخدمت ليل نهار. كان يؤدي عملاً  ويتقاضى أجرا. وﻻ فائدة من تدويخ الناس بإثارة الشفقة وابتزاز قلب التونسي الحنيّن

إن تقلد السيد محمد الغنوشي رئاسة الوزراء ما كان لينجح، لأنه لو كان فالح كان فلح من البارح. فهو يمارس ذات العمل  13سنة إبان حكم المخلوع  في برج عاجي حتى قيدت البلاد إلى حافة الهاوية. والشعب التونسي رفض أن يتمادى في تجريب المجرب لأن عقله ليس مُخرّب

  برأيي أن السيد الباجي قايد السبسي هو رجل المرحلة المناسب، ليست له طموحات سياسية مستقبلية، وﻻ تتعلق به قوى جذب مشبوهة، وهو رجل  سياية بامتياز، محنك، تقلب في مناصب الدولة المختلفة ويعرف دواليبها.  وهو مدرك أكثر من سلفه لدواعي الثورة ،لأنه كان يعيش بين الناس حياة عادية. ومن المؤكّد أنه يعرف تونس زنقة زنقة ، بيت بيت ، فرد فرد ويعرف حاجاتها أيضا، وعلى هذا الأساس سيختار طاقمه الوزاري في هذه المرحلة الانتقالية تحت شعار الكفاءة أوﻻ. ﻻ للاسترضاء... وﻻ للتقليعة،  كما حدث في استكتاب  سليم عمامو، أصغر كاتب دولة من الشباب. ماهو رصيده السياسي؟ وبماذا  نفع توظيفه في تلك الخطة الشباب  ؟ و ما إدخاله للحكومة السابقة إﻻ دليل على أن محمد الغنوشي لم يفهم شيئا من الثورة      

jeudi 3 mars 2011

ﻻ نستسلم...نعمل ونطالب

أطل علينا رئيسنا المؤقت  بخطاب مطمئن  في مجمله، حرص محرروه أن يكون متجاوبا مع طموحات الشعب التونسي وخاصة المعتصمين بالقصبة وأكثرهم من الشباب.  وكان ذلك على مستوى المضمون وعلى مستوى الأسلوب باختيار العبارات المناسبة لهذه المرحلة، منها ما تعلق بالماضي بدون مواربة: القطع مع النظام البائد وممارساته، الظلم الطغيان التزوبر وفساد الدستور وعجزه عن مسايرة الثورة واستحقاقاتها...ومنها ما تعلق بالحاضر:   كالمفردات التي تخص الثورة  وكشجب  قوى الردة وتحركاتهام وممارساتهم وقراره الاستمرار في مهامه حتى انتخاب المجلس التأسيسي وبذلك قطع الطريق عن نعيب البوم ممن يهول علينا بالفراغ  بعد 15 مارس وكذلك دعوته إلى عودة الناس إلى نشاطهم وإلى العمل... ومنها ما تعلق بالمستقبل:  وسماه خطة عمل، كإقرار هيئة حماية /تحقيق أهداف الثورة والإصﻻح السياسي والانتقال الديمقراطي التوافقية وما أوكل إليها من وضع قانون انتخابي  في أجل أقصاه نهاية شهر مارس. ويوظف هذا القانون في انتخابات المجلس التأسيسي التي ضبط تاريخها،  وهو24   جويليا. ولقد أراحني ودعاني إلى التفاؤل اختيار كلمة خطة عمل. فالعمل قابل للأداء والإنجاز. أمّا خارطة الطريق - وإن كان المعنيان مترادفان في السياسة - فهو مصطلح سيء الذكر بالنسبة إلي، مقترن في وجداني بأمريكا، تكرر كثيرا في النزاع الفلسطيني الصهيوني. وكم سطرت من خارطات لم تنفذ أية واحدة منها
لكن ماذا عن حل مجلسي النواب والمستشارين المسكوت عنه في هذا الخطاب؟ أرى أن الإجابة جاءت قي ضمني الخطاب، فالقطع مع الماضي يستوجب بالضرورة حل هذين المجلسين. برأيي بعد هذا الخطاب أصبح المجلسان من الماضي، ولكن يجب أن نسمع ذلك بصريح العبارة حتى ننعم باليقين
  فيا أبناء تونس، الهنشير الكبير تونس الغالية، ما زالت الفرصة سانحة لإنقاذ الصابة والغلّة... لإنقاذ الاقتصاد. لقد أصبحت ثورة تونس نموذجا يراقب ويتابع، فلنجعلها بهية نقية من كل التبعات السلبية. ومهما يكن من أمر، ﻻ نستسلم لما ينافي مبادئ الثورة التي دفعت فيها ضريبة الدم... لكن نعمل ونضغط ونطالب، والحلول لتحقيق ذلك كثيرة 

mercredi 2 mars 2011

الجيش الوطني التونسي امعلّم ومُعلّم وعبقري

  الجيش التونسي  قمة في الوطنية ، فهو الذي جعل ثورة الشباب ، ثورة الشعب التونسي ثورة أنيقة، إذ كنس الرئيس المخلوع كنسة واحدة  كما تكنس الحشرات البشعة السامة. فكانت ضربة امعلّم خلّصتنا من الدكتاتور وعهده في لمح البصر. ثم عاهد هذا الجيش شعبه التونسي في أول إطﻻلة له، أمام المعتصمين المطالبين بإقالة حكومة الغنوشي قي ساحة القصبة، على لسان قائده الجنرال رشيد عمار- كمّل تونس الحبيبة  وعمّرها برشاد عقله - عاهدهم على حماية الثورة بقسم عزيز على قلوب النونسيين إذ قال: قسما بالله لأحمينّ الثورة.  وهو إلى اليوم، هذا الجيش العظيم، صابر على أهل تونس  الذين هم ناسه  يراقبهم ويحميهم وهم يمارسون ويتعلمون لعبة الديمقراطية. الجيش التونسي مُعلّم الجيوش قيم الوطنية والإخﻻص والوﻻء للوطن. رفع السقف عاليا أمام الجيش المصري ، فلم يترك له من خيار  سوى الوﻻء لشعبه، على الرغم من منزلة حسني مبارك في الجيش المصري. بل ولم يكن أداء الجيش المصري في مستوى أداء الجيش التونسي إلى حدّ الآن.  وستتبع نهجه في الوﻻء للشعوب لا الجيوش العربية فحسب بل كل جيوش العالم. هذا الجيش التونسي أعطى درسا في الوطنية لكلّ العالم، فكيف تخرج علينا أصوات تشكك فيه وتنذرنا بأنه قد يستولي على السلطة  كما فعل الجيش الموريطاني؟  فلتخرس هذه الأصوات  المهوّّلة التي تريد أن تبث البلبلة في نفوس التونسيين. إن الجيش الوطني التونسي ﻻ يمكن أن يكون تلميذا لأحد لأنّه بكل بساطة امعلّم ومُعلّم وعبقري