vendredi 13 septembre 2019

العصاب الانتخابي في تونس

إنها فوضى عارمة على صفحات التواصل الاجتماعي بضعة ساعات قبل الصمت الانتخابي... ويتدفق كم هائل من الأخبار تتعلق خاصة بدعم بعض الوجوه المعروفة في التدريس الجامعي أو بعض رجال الأعمال أو السياسيين لهذا المرشح أو ذاك...بعض الأحزاب تنزل على الشبكة العنكبوتية ما تقول إنه نتائج سبر، لسنا ندري مصدرها، وغالبا ما تضع فيه مرشحها في مرتبة مشرفة. وتروج أخبار زائفة عن تنازل مرشحين لفائدة مرشحين آخرين من عائلة سياسية واحدة، أو من عائلات سياسية متقاربة. و كما يقول المثل التونسي "سوق ودلال" كل يسوق لبضاعته، وغالبا ما يكون لهذا التسويق أهداف واضحة للقارئ.  إنه لعمري عصاب جماعي ينتاب النخبة ومستعملي الفيسبوك تحديدا. إنه عصاب حاد ناتج بالتأكيد عن أهمية هذه الانتخابات الرئاسية المفصلية في توجه الجمهورية التونسية الثانية للخمس سنوات المقبلة، وناتج أيضا عن أن نتائج هذه الحملات الانتخابية محددة لمستقبل القائمين عليها...قد نتساءل ماذا يحدث خارج الشبكة العنكبوتية؟ مواطنون يعيشون حياتهم العادية. إذا سألت أحدهم فيما يخص اختياره لمرشحه يكون الجواب في الغالب: إما لست أدري بعد، أو بالنبرة التشاؤمية كلهم متشابهون. ولكن، بالتأكيد، كل مواطن تونسي قرر التوجه إلى صندوق الاقتراع ، قد حسم أمره، وما هذا الجواب إلا تجنبا لجدل عقيم لن يغير من قناعته شيئا...

من مزايا التصويت في الانتخابات تساوي قيمة الأصوات. صوتي يساوي صوت أي مواطن آخر. فلا ينتصبن أحد وصيا على أحد بحجة أنه أكثر وعيا أو علما أو معرفة...صوتنا في انتخابات 2014 كالقطيع تحت مبدإ " الانتخاب المفيد " وتبعنا المرحوم  الرئيس الباجي قائد السبسي، غفر الله له وأسكنه جناته، وقد أدار لتعهداته ظهره وللجميع ...فما حصدنا إلا الندامة، وتشتت الحزب الذي صوتنا له، نداء تونس، إلى اثني عشر فرقة، عدى عن الأحزاب الأخرى، مثل حزب حركة النهضة والجبهة الشعبية وما فرخت من متنافسين، فأصبح اصحاب الأمس المخلصين أعداء اليوم المتناحرين. وكل فرقة تدعي أنها المنجية...فليصوت كل ناخب بحسب قناعته أو حسب حدسه، وهي فرصة من ذهب ليعلم كل مترشح من المترشحين حجم تأييد التونسيين له وقيمته لدى الشعب التونسي..أما في الدور الثاني من الانتخابات فلكل حادث حديث... 

mardi 10 septembre 2019

يوسف الشاهد رئيسا للجمهورية: هل يفيد ذلك تونس

                           
كان يوسف الشاهد، قبل ثورة 14 جانفي 2011، نكرة بالنسبة إلى التونسيين إلى أن عيّن  كاتب دولة  للفلاحة  في إطار اختصاصه كمختص في الفلاحة، ثم سمّي في حكومة السيد الحبيب الصيد فيما بعد وزيرا للشؤون المحلية، وفجأة خلف رئيس الحكومة  بقرار من رئيس الجمهورية. ويبقى أمر هذه التعيينات والترقيات المتسارعة غامضا بالنسبة لأغلب التونسيين ، خاصة أنه لم يعرف للرجل، من قبل، تاريخ سياسي أو نضالي يعتد به، عدا انتماءه مع صديقه سليم العزابي إلى الحزب الجمهوري.. وهو، كما قال، حفيد راضية الحداد رحمها الله  وخاله حسيب بن عمار. 
1- في تفنيد بعض أسس اختيارالاستاذة رجاء بن سلامة التصويت ليوسف الشاهد
يهمني في هذا الإطار أن أفند بعض الأسس التي على أساسها أعلنت السيدة رجاء بن سلامة مساندتها للشاهد في الانتخابات الرئاسية. وأرد عليها لأنها مثقفة وصانعة رأي وأخشى ان  تكون قد غفلت عن بعض المعطيات في هذه المساندة.
- أولا تقول إن يوسف الشاهد كان متعاليا في حملته عن السفاسف الإيديولوجية والشعبوية: يوسف الشاهد لم يكن متعاليا ولكني أجزم أنه ليس مثقفا ولا معرفة له بالإيديولوجيات، فهو تقني في مجال اختصاصه الضيق، ويدل على ذلك سيرته الذاتية ونشاطه قبل الثورة...أما الشعبوية فهو يمارسها  الآن بأبشع أشكالها في حملته الانتخابية في الجهات، منها حشد الناس بالغرة، وشراء الأصوات كما حدث في الكاف، وقد وعد حزبه بفتح تحقيق في الأمر، ولست أدري أولد التحقيق أم قبر قبل الولادة. 
- ثانيا إفشاله مشروع التوريث: أسال الأستاذة من كان رئيس لجنة 13 التي سماها الباجي قائد السبسي لمعالجة الإنقسام الذي حدث في نداء تونس بسبب سعي حافظ قائد السبسي للاستيلاء على الحزب ورفضه عقد المؤتمر الأول لنداء تونس خوفا من عدم فوزه في الانتخابات،  رئيس اللجنة هو يوسف الشاهد . وكانت النتيجة أن مكّن يوسف الشاهد لحافظ ابن الرئيس، وتوّج التمكين بمؤتمر سوسة الذي أصبح فيه حافظ قايد السبسي مديرا تنفيذيا للحزب " صاحب الباتيندة " كما يقول التونسيون. وقد قال الباجي قولته الشهيرة في دعم ابنه وتخليه عمن التفوا حوله وبنوا حزب النداء كبيرا وأوصلوه إلى الرئاسة" إلي ما عجبوش يمشي على روحو"." وفعلا غادر نداء تونس ثلة من أبرز مؤسسيه من بينهم  محسن مرزوق الذي شنت عليه حملات تشويه قادها نجل الرئيس والمتزلفين له في تلفزة نبيل القروي وكثير من وسائل الإعلام ...من خاض معركة التوريث هو محسن مرزوق ولزهر العكرمي ومنذر بالحاج علي وثلة من خيرة مثقفي تونس. وقد خرج محسن مرزوق من خصومة التوريث بجروح يعاني من تبعاتها إلى اليوم ، كما يقول المثل الفرنسي Il y a laissé des plumes . هذه الخدمة التي قدمها  يوسف الشاهد في مشروع التوريث لحافظ قائد السبسي كوفئ عليها بأن سمي رئيسا للحكومة...والخلاف جد بين الرجلين فيما بعد عندما أدرك الشاهد أن  دلال حافظ  وغطرسته لا حدود لهما فتصدى له خوفا على منصبه، وقتها، فقط ، استعمل ورقة التوريث  ضد حافظ ، وذلك لمصلحته لا لمصلحة تونس. 
- ثالثا محاربته للفساد: أحيل الأستاذة رجاء، فقط في هذا المجال، على أقوال السيد شوقي الطبيب رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الذي صرح أن أعضاء في حكومة الشاهد تتعلق بهم ملفات فساد، والشاهد بلا شك يعرفهم بالاسم. فهو لم ينظف بيته وحوله بل ومنح هؤلاء حصانة بوجودهم في حكومته.

 2 لماذا لا أختارالشاهد رئيسا لتونس: أقول لقد قادت الصدف يوسف الشاهد إلى السلطة ومن حقه أن يريد المداومة فيها، ولكن من واجبنا أن نتنبه إلى خطر تداعيات نجاحه في الانتخابات الرئاسية.... يقول المثل التونسي "إلي لدغو حنش يبات يستخايل " مرعوب من ان يلدغ من جديد. وكم لدغ التونسيون من مرة....إن المخطط لمشروع الشاهد الذكي هو صديقه سليم العزابي، وهو مهندس إنشاء الحزب والمفاوضات لاستقطاب الوجوه المعروفة والنواب المشهورين في مجلس النواب بالسياحة الحزبية، حتى ولد الحزب كبيرا كما قال، وفاته أن من يولد كبيرا يهرم سريعا ويموت أسرع ، وحزب نداء تونس أصدق مثال على ذلك... والخطة أن يمكن ليوسف الشاهد، الذي هو في الحكم اصلا، بآليات الديمقراطية كي يصبح رئيسا لتونس  بالاتنخابات لدورتين، على أن يرشح العزابي لرئاسة الحكومة، ثم يترشح بعد ذلك الأمين العام لحزب تحيا تونس سليم العزابي هو الآخر للرئاسة، وقتها يكون يوسف الشاهد رئيسا للحكومة لدورتين، وسليم العزابي " ليس قطوس يصطاد ليوسف الشاهد أو لتونس أو لله"، فكل شيء بثمن. وهكذا دواليك دورتين بدورتين على نموذج "بوتين - مدياداف" في روسيا، وفي الصورة شبيه بوتين هو العزابي وشبيه ميديدف هو الشاهد. فهما شابان والزمان طويل. وفي الأثناء ينشأ حول هذا الحزب الذي ولد كبيرا حزام من الانتهازيين وأصحاب المصالح ولم لا قدماء التجمع والفاسدين الطامعين في الحصانة كما حدث في التجمع وحتى في نداء تونس في عهد ليس بالبعيد. ويمكن أن يبلغ عددهم مليونين أو أكثر، وهكذا يؤسس للاستبداد والمحسوبية في تونس من جديد بآليات ديمقراطية. وأحسن الخطط  هي الاستشرافية على مدى طويل.... ثم إن يوسف الشاهد جربناه في الحكم بصلاحيات واسعة، 3 سنوات كاملة،  فلم يزد تونس إلا بؤسا ولم يزد التونسيين إلا قرفا. فما الذي سيضيفه لتونس إذا اصبح رئيسا للجمهورية. يوسف الشاهد لا شخصية له، وهو دمية حركها الباجي قائد السبسي، رحمه الله وغفر له، إلى حين، والآن يحركها الداهية سليم العزابي...
لكل ما سبق لن أًصوت ليوسف الشاهد في الانتخابات. وأنصح التونسيين بان لا يجربوا المجرب لأن " من يجرب المجرب عقله مخرب". وأجزم أن التصويت للشاهد لا يفيد تونس بل يضر بها على المدى القريب والبعيد.

ملاحظة: يتاح، عن طيب خاطر، لكل من أراد نشر التدوينة كلها أوجزءا منها فعل ذلك.