lundi 26 décembre 2011

في الألقاب

يتداول التونسيون على صفحات الفيسبوك لقبا لوزير الخارجية الجديد وهو"بوشلاكة" أي "أبو شلاكة". ويبدو أنه لقبه فعلاً. يفعلون ذلك منابزة، وهو أمر غير مقبول في نظري، مهما كانت درجة الاعتراض على توزير الرجل... برأيي، إن أول من جعل  هذا اللقب مستهدفا هو رئيس الوزراء الذي أسقطه فلم يذكره، وكأنه معرّة لحامله، عندما سمّى في المجلس التأسيسي لوزارة الخارجية، فاكتفى بذكر اسم الوزير واسم أبيه رفيق بن عبد السلام فحسب... وما كان على رئيس الوزراء أن يفعل ذلك وﻻ للسيد رفيق أن يوافقه عليه، لأن المرء ﻻ يختار عائلته وﻻ لقبه. ووزير الخارجية بينه وبين لقبه عشرة 47 سنة، فكيف يتنكر له بسبب الوزارة ويتخلّى عنه، والحال أن ما يشين المرء ليس لقبا ورثه وإنما أفعاله

  فلنتحدث قليلاً عن الشلاكة، وهي نوع من النعال الخفيفة كثير التداول في كل أصقاع العالم بما في ذلك تونس. في تونس، أغلب أنواع الشلائك، شلايك بالتونسي، هي محلية الصنع ومنها النسائي ومنها الرجالي. وتلبس الشلاكة في البيت وخارج البيت وﻻ تلبس في المناسبات الرسمية. وهي تحمل إضافة إلى معناها الأصلي معنى مصاحبا سلبيا، وهو انعدام القيمة بسبب بخس ثمنها وكثرة ما تجرجر على الأرض. ويُقال: فلان شلاكة، أي ما يصلح لشيء، أو شلّكه أي حطّ من قدره. ورأيت الشلاكة تنتعل كثيرا في المشرق وفي دول الخليج ينتعلها العامّة وينتعلها الملوك، رأيتها في أقدام ملوك وأمراء مثل ملك السعودية وأمراء قطر والإمارات في مناسبات رسمية. ويبدو أن للشلاكة في أقدام هؤﻻء شأن آخر

ويروى عن الرئيس الحبيب بورقيبة أنه ألقى خطابا في بدايات الاستقلال دعا فيه التونسيين الذين تدل  ألقابهم  على عيب، أو تمثل حرجا بالنسبة إليهم، إلى استبدالها بالقاب ألطف منها. فتحولت ألقاب مثل "المذبوح" إلى "الممدوح"، ولقب "الدبّ" إلى "الأدب"  و"المعوّج" إلى "المقدود" والقائمة تطول... ويبدو أن عائلة بوشلاكة على خلاف سليلها لم تستنكف من لقبها وتمسكت به وهذا يحسب لها... ومما يروى من أخبار طريفة من فترة تحسين الألقاب أن أحدهم توجه إلى دار البلدية للغرض، فقال للعون: أريد ان أغير اسمي. فقال العون : وما اسمك؟ قال: الحطّاب بن حلّوفة. وأسرّ العون في نفسه أن "حلّوفة" ﻻ تصلح في اسم رجل، وقال له : معك حق. فما الاسم الجديد الذي تريده لنفسك؟ قال: سمير بن حلوفة، يا سيدي

ومما قرات عن الألقاب أن لبنانيا لقبه "خرابة" كان شديد السخط على هذا اللقب كثيرالتبرم منه أمام أصدقائه... وفرقت الأيام بين الأصدقاء ... بعد سنين التقاه أحدهم في أمريكا وقد تزوّج امرأة أمريكية، وزاره في بيته، وكان له طفل صغير سمع أمه  الأمريكية تناديه: "كيري". فابتسم الصديق وقال لها: اسم أمريكي جميل. فقالت الأم: إنه اسم الدلع  من اسمه الحقيقي اللبناني "خرابة"، ونطقت الخاء كافا بلكنتها الأمريكية. اسم هذا الطفل الصغير كاملاً "خرابة خرابة". هكذا من الناس من يتمسكون بأسمائهم وبألقابهم ﻻ يريدون لها، مهما كانت، إخفاء وﻻ بدﻻ. ولله في خلقه شؤون

هذا الخلط ﻻ يحدث في الديمقراطيات

حان الوقت ليفهم الممسكون الجدد بمقاليد الحكم في تونس أن الفصل بين الدولة والحزب الحاكم  ضرورة... نرى الغنوشي رئيس حزب حركة النهضة الذي أفرز أغلبية في الحكومة التونسية في كل محضر يحضر ... بأي صفة أخذ الكلمة في تظاهرات ذكرى اندﻻع الثورة في سيدي بوزيد مع المسؤولين الرسميين: رئيس الجمهورية  ورئيس المجلس التأسيسي ورئيس الحكومة؟؟؟ ... وبأي صفة حضر مراسم أداء الحكومة لليمين في القصر الجمهوري ؟؟؟ تمّ له ذلك دون غيره من رؤساء الأحزاب الآخرين. أجزم أن تنقله إلى هاتين التظاهرتين كان على نفقة الحكومة في سيارة حكومية... هذا الخلط ﻻ يحدث أبدا في الديمقراطيات... إن كانت  النهضة تريد تكريم رئيسها فلتفعل ذلك بطرق أخرى، وﻻ تفرضه على الشعب مع الحكومة في كل ظهور لها. هذه ممارسات ذات معنى، توحي بأننا ربما نحن في هذه الطور من تاريخنا قد استبدلنا في الحكم عائلة بعائلة. وقد يؤكد هذا تسمية صهر الغنوشي وزيرا للخارجية رغم ما نشر حوله من وثائق تثبت تمثيله لدولة قطر وتباحثه باسمها في اجتماع لحلف النيتو بتركيا، ورغم ما صدر منه، في حوار له باللغة الإنقليزية نشر على مجلة إماراتية، من قلة اعتداد بالجنسية التونسية حيث قدم نفسه على أنه إنقليزي من أصل تونسي... وإن إصرار حمادي الجبالي، رئيس الحكومة الحالي وأمين عام حركة النهضة سابقا، على التمسك بالسيد رفيق بن عبد السلام في هذا المنصب وكأنه الكفاءة الوحيدة لتونس في هذا المجال، برأيي، ما هو إﻻ ترضية لرئيس حزبه راشد الغنوشي...  ولتتذكر الحكومة أن مهمتها ترضية الشعب وخدمة مصالحه وليس ترضية شخص أوحزب، ولتدرأ عن نفسها الشبهات إذا أرادت أن تحظى بثقة الشعب بكل أطيافه 

samedi 17 décembre 2011

حكومة كسر الخواطر

المطلع على تشكيلة الحكومة التونسية المقترحة ما بعد الثورة  يدرك بيسر أن الحقائب وزعت لجبر خواطر سجناء النهضة السياسيين ومن كان منهم مهجّرا، أو من يحمل في نفسه، من الخارجين عليها، عتبا.  هذا التأليف الحكومي كما رشح، شخصيات وعددا وتوزيعا، ﻻ يدل على نزوع  حزب  حركة النهضة للطمأنة والاعتدال. وقد كسر خواطر التونسيين، وجعلهم متوجسين، وعلى مستقبل تونس ومشروع مجتمعها المدني خائفين... ونُقدّر أن  كوادرها، الذين  لم ينالوا كتابة دولة أو وزارة أو مركز استشارة، سيلتحقون بركب التعيينات بما خُوّل لرئيس الحكومة من صلاحية التعيين في الإدارة
وأقول: إن رجوع الداء الذي عانت منه تونس منذ استقلالها، الحزب الواحد واللون الواحد، متأكد ووارد... وعليه، فليتحمل نواب الشعب في المجلس الوطني التأسيسي مسؤوليتهم، أي وﻻءهم للشعب، هذا الذي أكدوه بالقسم، عند عرض هذه الحكومة للتزكية . فالفرصة مازالت سانحة. وليُثبت ممثلو حزب التكتل وحزب المؤتمر، على الأقل، أنهم يحتكمون لضمائرهم النقية، ﻻ للاصطفافات العمياء الحزبية... وهذا ما لم يفعلوه، مع الأسف، على امتداد المداوﻻت التأسيسية للتنظيم المؤقت للسلط العمومية. وهم بذلك قد تركوا في نفوس المتابعين للشأن السياسي انطباعات سلبية، قد تؤثر  حتى في قاعدتهم الشعبية  

mercredi 14 décembre 2011

في الخطاب الرئاسي الأول

ألقي السيد المنصف المرزوقي، خطابه الرئاسي الأول بعد أداء القسم تحت قبة المجلس الوطني التأسيسي.  وكان خطابا فيه وعود كثيرة، منها ما يتجاوز حدود ما منح له من الصلاحية، في إطار الدستور الصغير المؤقت المنظم للسلط العمومية... وهو في غمرة حماسته المعهودة في حديثه عن الحقوق والحريات، وعد بحق ليس موضوع إجماع،  حقّ النقاب للمنقبات... فكان ملكيّا أكثر من الملك، مجاوزا حتى تفاعل حركة النهضة في هذا الشأن، بل والسلفيين الذين يرون في تنقب المرأة شططا في الدين، باعتبار أن الرسول، صلى الله عليه وسلم، لم يدع المرأة إلى تغطية وجهها، أو إلى أن تتلثم... ولقد كان موقف حركة النهضة من  قضية النقاب، التي تخص ما يقارب المائة تونسية، يدل على حنكة وإيجابية، إذ ورد على لسان السيد سمير ديلو أن هذه الأمر يمكن أن يكون موضوع حوار وطني

رغم اعتقادي أن هناك ما هو أجدر بالتركيز عليه وأوكد للحوار بخصوصه من مشاكل تؤثر بصفة يوميّة في حياة التونسي، يمكن أن ينعت الموقف النهضوي، مقارنة بموقف الرئيس، بالمنطقي، لأن المسألة في نهاية الأمر تمسّ، في الجمهورية الثانية، مشروع المجتمع المدني...  وأقول إن مثل هذا التصريحات المتسرعة لأعلى هرم في السلطة، رئيس الجمهورية، يمكن أن تفتح الشهيّة، شهيّة مواطنين تونسيين آخرين تجمعهم خصوصية، وهم أكثر من المنقبات كثافة عددية، ليطالبوا بامتيازات استثنائية، وبعضهم بدأ ذلك بصفة فعلية... وعليه، ينبغي أن تنتصر السلطة التنفيذية المؤقتة، برأسيها: رئيس الوزراء ورئيس الجمهورية، إلى مشروع مجتمع مدني جامع في إطار اللحمة والوسطية. فتجنب البلاد  بذلك مخاطر  الفئوية الغير أصيلة،  الحادثة على مجتمعنا بعد الثورة التونسية الأثيلة... وعلى كل مسؤول، برأيي، أن يتروى في ما يقوله، ويدرس أبعاده،  فيدير لسانه في فمه قبل أن يتكلم ويدير، لأن "الزلقة ببعير"،  يمكن أن تلقي بظﻻلها على مستقبل تونس والمصير

dimanche 11 décembre 2011

في قضية النقاب

رأيت بعض القنوات التلفزية ذات الوﻻء، قديما وحديثا، للراية البنفسجية قد ركزت على دعوات الطالبات المنتقبات، تستدعيهن للمناقشات . وكان بالإمكان ربط الاتصال معهن سمعيا، لأن الأصل في وسائل الاتصال التلفزية استعمال البصر، فندقق بنعمة النظر، والحال أن المدعوات ﻻ نرى منهن إﻻ شكل  كتلات . ولقد هالني حرج المتدخلين،  بل وأقول خوفهم من إبداء رأيهم بصراحة وشفافية، فلم أر وأسمع إﻻ  مواقف رمادية، من قبيل هذه حرية شخصية، وﻻ تطرح بعمق المشكلة التعليمية.. وأقول ﻻ ينبغي ان نفتح باب التطرف في الدين ، ووضع النقاب شكل من أشكاله بشهادة المختصين، حتى ﻻ تصبح تونس بالتدريج دولة طالبانية

  مسألة النقاب في الكلية يقدم لها مناصروه حلوﻻ غير عقلانية. وقضية التواصل البيداغوجي ليست بدعة بهلوانية، بل هي حقيقة مؤكدة باختبارات تجريبية . أما التاكد من هوية الممتحنة فهي من مشموﻻت الأستاذ بالذات، وﻻ يجوز بأية حال أن يفوض في الأمر غيره، ولو كانت أمه. والإداريات لهن  المسؤوليات الإدارية ولسن طرفا في العملية التعليمية... فلا ينبغي حشرهن فيما ليس من اختصاصهن...ثم إن عملية مراقبة الامتحانات ﻻ تتوقف عند التأكد من هوية الممتحنين والممتحنات، بل هي عملية متواصلة على مدار ما يستغرقه الامتحان من ساعات ... وﻻ أفشي سرا أن حاﻻت الغش عند المتحجبات، في السنوات الماضية، بسماعات الهواتف النقالة تحت الحجاب كانت ﻻفته ... ويشهد أساتذة الكليات بهذه الظاهرة . أما المنتقبة، فبإمكانها في ستر خيمتها أن تفعل ما تشاء،  ولو شك الأستاذ المراقب في أمرها، ماعساه يفعل؟ يُعدّ تحرشا لو طلب منها كشف المستور، وقد تتلف وثيقة الغش فتأكلها أمام عينيه  في اللحظة والفور. فإذا هو، في موقفه ذاك، مدحور مقهور

التمدرس بالنقاب بدعة في مجتمعنا التونسي ليس لها ما يبررها. وليس أقدس في الأواصر الاجتماعية من العلاقة بين المدرس وطلبته من الجنسين. هذه العلاقة التي يقول فيها إخوان الصفاء في رسائلهم:" اعلم أيّها الأخ [أو الأخت ]، أن المعلم والأستاذ أب لنفسك كما أن والدك أب لجسدك وكان سببا لوجوده، وذلك أن والدك أعطاك صورة جسدانية ومعلمك أعطاك صورة روحانية. "..إن المعلم يستهدف الفكر والروح، فلماذا تحشر المنتقبة الجسد في هذه الرابطة النقية؟ لماذا تلقي عليها بظﻻل سوء النية؟...وأقول إن الأصل في فصل التدريس أنه إضافة إلى كونه فضاء طلب العلوم هو فضاء لسمو الخلق وسلامة السرائر وحسن النوايا ، ومن ﻻ يرى أن  مفهوم القسم هذا يعنيه، فهو ليس أهلاً ليكون من ذويه... وأختم قولي بأن النقاب بدعة لو وجدت منفذا لتُمكّن نفسها في المجتمع، فستكون البدعة الأولى ولن تكون آخر البدع

samedi 10 décembre 2011

قصر قرطاج ... دار العجايب

القصر الرئاسي التونسي بقرطاج عرف وسيعرف من الأحداث ما يشبه الأساطير، بما يؤهله عن جدارة أن ينعت بدار العجايب. أول من سكنه الزعيم الحبيب بورقيبة، و كان الشعب في زمانه يعتبره عجيبة وقع التنبؤ بها كما يروي أجدادنا في قولهم : يطلع دنفير ( دلفين ) من مستير ( المنستير ) فيه الدول تحير، يفخرون بالنابغة الذي دوّخ الاستعمار الفرنسي وتحصل على استقلال تونس،على حد اعتقادهم. بقي في الحكم 30 سنة لم يتخذ لنفسه بيتا وﻻ ماﻻ ...الرئيس الثاني، بن علي، هو كذلك عجيبة من عجائب الدهر، لم يعرف له مثيل ﻻ في الشرق وﻻ في الغرب، جاهل ليس له حتى شهادة الباكلوريا، تسلل إلى الرئاسة تحت جنح الظلام وبقي فيها 23 سنة ، جمع بين السلطة وتجارة المخدرات والمسكرات وسرقة ونهب أموال الشعب والمقدرات... الرئيس الثالث كذلك عجيبة من عجائب الحظ، لم يعرف له تميز في حياته السياسية، ورغم ذلك انتهى رئيسا للجمهورية... الرئيس الرابع عجيبة،  قبل بأن يكون رئيسا منزوع الصلاحيات في إطار ما دار بين أطراف الترويكا من مشارورات.  وقد بُث له شريط على الفيسبوك وهو يتقبل، قبل الحين، التهاني على رئاسة آلت إليه، بالتعبير التونسي، هناني بناني(انقر هنا)... هذا، وقد هاجم قيادي من حزبه الأقلية في المجلس التأسيسي واتهمها بالعمالة والتآمر، لأنها دافعت بزائد من الحماسة علي منصب الرئاسة، تريد أن تحميه من تغول الرأس الثاني في السلطة التنفيذية. وباستماتتها في النقاشات حسنت ما كان للرئيس من صلاحيات . والعجب أن  الرئيس الرابع المرتقب صفق طويلاً استحسانا للهجوم ، فصحّ فيه المثل التونسي الذي يقول " جا يعاون فيه على قبر بوه هربلو بالفأس"... السيد المنصف المرزوقي الرئيس الرابع بالتوافقات والتحالفات أمره عجيب، إذ  أصبح، بسبب تصريحاته ومواقفه من الفاعلين السياسيين الآخرين باستثناء حركة النهضة حليفته، كالتبيب لم يترك لنفسه حبيب... ويبقى أكبر العجب، بين القصور، هذا القصر الجمهوري...عجب عجب، في نظام جمهوري، أنه لم يدخله رئيس من قبل الشعب منتخب