mardi 20 septembre 2011

في التصويت والأحزاب

التونسيون المثقفون، رجالا ونساء،  شئنا أن نعترف بذلك أو أبينا، هم الذين سيساهمون في تشكيل المشهد السياسي وتلوينه، في  انتخابات المجلس التأسيسي، مباشرة باختياراتهم العملية في الانتخاب، أوبطريقة غير مباشرة، عبر تأثيرهم فيمن حولهم في البيئة التي يعيشون فيها والتي تستنير بشكل أو بآخر،  في هذا المجال،  بتصوّراتهم  و حتي سلوكهم...  فالحقيقة أنّ هناك شريحة كبيرة من المجتمع التونسي لن تكون قادرة على  الاختيار بنفسها، بسبب السنّ، أو الجهل ، أو العزوف عن وجع الرأس  والاستقالة من "شقلالة" السياسة، وخاصّة  بسبب الثقة  التي يضعونها في توجّهات أبنائهم  المتعلّمين... هذه  الشريحة، وهي  واسعة، كما أشرت إلى ذلك،  سيختار لها، عمليّا، في هذه  التجربة الأولى لانتخابات ديمقراطيّة، المثققون الذين يعيشون بين ظهرانيها

وتجدر الإشارة إلى أن عدد الأحزاب، في تونس، مائة ونيف، ولكنّ أغلبها  ولد محتضرا، وسيكون حضوره، في اعتقادي،  صوريّا في الانتخابات المقبلة... أمّا الأحزاب التي تتحرّك على الساحة السياسيّة  والتي تلقى اهتماما من وسائل الإعلام فهي قليلة، وعددها لا يتجاوز عدد أصابع اليدين... فما طبيعة العلاقة بين المثقفين وهذه الأحزاب القليلة النشطة التي ترى لنفسها حظّا للمشاركة في المجلس التأسيسي...؟ من يتمعّن في المشهد السياسي في تونس، بما فيه من تحرّكات  وخطابات، يدرك في يسر، وبدون مبالغة، أن  المثقفين، في غالبيتهم، في واد في واد  وهذه الأحزاب في واد آخر... يفصل بينهما تحالفات حولاء، غير قائمة على التقارب الفكري، وسلوكيات حزبيّة  مشبوهة:   منها  المال السياسي أو الرشوة السياسية... والتجييش الديني... اللّذان يفسدان العمليّة الديمقراطيّة بالغشّ، وبضرب مبدإ تكافؤ الفرص لكل الأحزاب، وبخرق قواعد التنافس النزيه بينها على أساس الكفاءة  لخدمة تونس... وبسوء النيّة وبالأنانيّة ... ومن أبرز المجسّدين لهذه السلوكات الحزب الديمقراطي التقدّمي وحركة النهضة ... أمّا عن الوعود الانتخابية  فحدّث ولا حرج... فالبرامج الانتخابيّة وضعت على مقاس طفرة الاحتجاجات المطلبية والاعتصامات التي تشهدها البلاد لغرض تحسين الواقع الذي يعيشه  المحتجّون... حتّى أن بعض الأحزاب توحي بأنها قادرة على تغيير وضع البلاد والعباد في 3سنوات

 ومن يتفحّص ردود أفعال التونسيين من المثقفين، على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك، على سبيل المثال، بعد ظهور ممثّلي بعض هذه الأحزاب على شاشات التلفزات التونسيّة في حوارات... يدرك تعاطيهم السلبي  مع الأحزاب، والتبدّل الحاصل في مواقفهم منها... فقد أصبحت الصفحات تعجّ بنقد الأحزاب والسّخرية منها ومن رموزها ومن أساليب دعايتها...  في حين قلّ الترويج لها وخفّ الحماس لذكرها، إلآ بالسوء غالبا... هناك، في اعتقادي، قصور واضح لدى الأحزاب في التعامل والتواصل  مع الشعب التونسي، ناتج عن عدم وجود تصوّر  وثيق الصلة بالواقع لهذا الشعب... فكل ممثّل لحزب يتحدّث عن الشعب كأنّه ذات بلا صفات  بالتونسي: "زهمولة "، أو كأنّه  "سيدي تاتا " أي مغفّل  يصدّق كلّ ما يُنفخ في أذنيه... أو كأنّه "كتلة رغبات" يسيل لعابه كلّما وُعد بتحقيقها... إنّ شعب تونس ذكي بعلمه، وذكيّ بفطرته، يعلم أنّه : ما  خاب من استشار... وقد يصوّت تصويتا يفاجئ الجميع

برأيي  أنّ المثقفين، الذين هم عقل الشعب وقلبه النابض في هذه الظروف بالذّات، قد فقدوا الثقة في الأحزاب وارفضّوا من حولها، إلاّ القليل منهم، بسبب أدائها الضحل في هذه المرحلة الحسّاسة من تاريخ البلاد... هذه الأحزاب خذلتهم، لأنها لم تستجب لطموحاتهم في العمل الحزبي ... وخذلت البلاد لأنّها لم تكن على قدر مسؤوليّاتها التاريخية تجاهها، فهي تقدّم مصلحتها الآنية في بلوغ السلطة بكل الوسائل على حساب  مصلحة الوطن... وفي تقديري أنّ أصوات المثقفين ستذهب، بقدر كبير، إلى المستقلّين الذين يظهرون، في  الحوارات وفي خطابهم، أكثر تركيزا على قضايا البلاد، في حين يبدو ممثلو الأحزاب  أكثر  اهتماما بالدّعاية... وما أخشاه أن يكون التصويت في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، يوم 23 أكتوبر 2011، عقابيّا للأحزاب  لفائدة المستقلّين. وقد يكون لذلك مضاعفات، ليس هذا مجال ذكرها أوتحليلها حتّى لا نستبق الأحداث... فلكلّ حدث حديث 

mercredi 14 septembre 2011

الاستفتاء....يكون أو لا يكون ؟

 الاستفتاء... حديث الساعة... يكون أو لا يكون؟ ذلك هو السؤال... سؤال أقام تونس وشغل  فيها الناس... هذه الممارسة ليست بغريبة على الشعب التونسي، فقد طلبه المخلوع، وأراد به باطلا: تعديل الدستور حتى يصبح على مقاسه...  وسيلة  لتأبيد الدكتاتورية الكريهة التي كانت تكتم على أنفاس التوانسة وحقهم في الحريّة... الاستفتاء،  اليوم، ظروفه مختلفة: بعد الثورة... من يطلبه  مختلف: جمهور من الشعب... ومضمونه مختلف:  استفتاء على عمر المجلس التأسيسي  المنتخب من الشعب وعلى صلاحياته... موعده: يُراد له أن يصاحب انتخاب المجلس الوطني التأسيسي يوم 23ـ 10ـ 2011.  يريد به هذا الجمهور حقّا من حقوقه: تأكيد سيادته، وسدّ الطريق على تسرّب الدكتاتوريّة من جديد. هذا ما يقوله المساندون للاستفتاء. الاستفتاء لا مسوّغ له... وهو مطلب يراد الالتفاف به على شرعيّة المجلس التأسيسي المنتخب من الشعب، سيّد نفسه، ومطلق الصلاحيات.  هذا ردّ الرّافضين 

ويمكن الاطلاع  على الحجج القانونيّة والسياسيّة والإجرائيّة، والمحظورات المترتّبة ، في تحليلات الصحافيين والخبراء، وبعضها يقف مع الاستفتاء والبعض الآخر يقف ضدّه. بقطع النظر عن هذه التهويمات المجرّدة في التحليل والحجاج، والتهم المتبادلة بين الأحزاب، أقول: كلّ مطلق لا رقابة عليه، يِنحرف بسهولة إلى استبداد. وما دامت هناك فئة لا تضع ثقتها في الأحزاب، وأنا منها، متوجسّة  من اختيارات غير ناضجة، هيّأ لها إرث من الفقر والجهل والكبت، ومرحلة انتقالية شابتها ممارسات مشبوهة  في استغلال المال  والدين،  والتصدّي للثورة حتّى...اختيارات قد لا تخدم أهداف الثورة... فينبغي تطويق المحظور قبل  وقوعه  حتى لا نقع في الندم... إن اختيارات الشعوب، عندما لا تكون مبنية على وعي صحيح وغير مضلّل، قد تؤدّي إلى كوارث ، ولنا مثال في التاريخ الحديث: بوش الابن، ومن ورائه الحزب الجمهوري، انتخبه الشعب الأمريكي ذي التقاليد في الانتخاب، لفترتين استوفاهما، برّك فيهما اقتصاد أمريكا على ركبتيه، وقاد بذلك العالم إلى شفا حفرة... وستظلّ تداعيات اختياراته وحروبه  تؤذي أمريكا والعالم، ربّما لعقود

إن كان الاستفتاء من الناحية الإجرائية غير ممكن، ويدخل الضيم على عمليّة انتخاب المجلس الوطني التأسيسي، فلا بد من صيغة تتوصّل إليها الأحزاب، وكل العناصر الفاعلة على الساحة السياسية، تقيّد عمر المجلس التأسيسي وصلاحياته... نحن ننشد الديمقراطية...  التي  من أجمل  ما يُقال عنها: " تحترم فيها الأقلية  رأي الأغلبية،  وتراعي فيها الأغلبية رأي الأقلية"... والحال أنّ  المجتمع التونسي منقسم إزاء هذه المسألة... وفي غياب إحصاء أو سبر آراء ذي مصداقيّة، نحن لا نعرف إن كان هناك أغلبية وأقليّة أصلا... فلا خيار لنا، إذن،  إلا ّ التوافق على تحديد صلاحيات المجلس ومدّته وكلّ ما يتعلّق بالمرحلة الانتقاليّة الآتية... إلى حين عودة الشرعية... إنّ التناطح هو نتاج التعصّب، فيه مضيعة للوقت والجهد، وحياد عن الهدف الأساسي الذي هو بناء  تونس  الديمقراطية، إَضافة إلى كونه لا يؤدّي إلاّ إلى طريق مسدود

jeudi 8 septembre 2011

المال السّياسي

المال السّياسي همّ من هموم التونسي... ولو كانت تونس الحبيبة شخصا ماديّا، لكان غدّها هذا المال الملوّث وغمّها وربّما قتلها حزنا... والناس  يتعاملون  مع هذه الظاهرة بحسب  وعيهم الفكري ومستواهم المادي... هذا المال  يوزع بأشكال مختلفة نقدا وعطايا وهدايا وخدمات... لكسب الأنصار وشراء الذّمم والاصوات، كما يثبت الشريط الذي تذيّل  به هذه المداخلة . ولا يفوتني شكر جهد من يوثّقون لهذه الخروقات التي تفسد العمليّة الديمقراطيّة... اللاعبون في هذا المجال متعدّدون، ولكنّ أغناهم وأوفرهم عطاء وإمكانية لمسّ أكبر عدد من المواطنين هي  حركة النهضة التي تعرّف نفسها بذات التوجّه الإسلامي... فما هو الباب الذي يدخل فيه هذا النشاط في الإسلام: هل هو صدقة؟... ما أعتقد ذلك... لأنّ الصدقة عطاء خالص لوجه الله ابتغاء مرضاته... هل هو هديّة؟ بالمفهوم الإسلامي، أي فيها مواصفات الهديّة التي كان يقبلها الرسول عليه الصلاة والسلام... حبّا في ذاته، ولا ترجى من ورائها أية خدمة...ما أعتقد ذلك... كلّ عطاء يرجى من ورائه مقابل هو رشوة... شباب النهضة وهم يوزّعون  ظروفا لضعاف الحال فيها مبالغ مغرية، يعرفون بانتمائهم السياسي  ويقولون لمتقبّل العطيّة: هذا من فضل الله...  ويحثونة على التسجيل للاستحقاق الانتخابي يوم 23 أكتوبر 2011 ، والمسكوت عنه: نحن قادرون على أن نزيدك من فضل الله مرّات ومرّات... فقيّد (سجّل ) في الانتخابات وصوّت للنهضة التي أوصلت فضل الله إلى باب بيتك... هذه هي حركة النهضة  تستغل الدين لبلوغ السلطة... و" تريد أن تأكل الدّنيا بالدّين "...  لُعن الرّاشي في الكتب ... وترفّق الله بأبناء بلدي الذين تدفعهم الحاجة وعدم الوعي للتعامل مع هكذا أحزاب وأغناهم عن ذلك







أسئلة إلى سي المنصف المرزوقي

سرّ الكثير من التونسيين من تصريحات الدكتور المنصف المرزوقي،  الشخصيّة السياسية المعروفة  بنظافة  اليد، ذات السيرة النضالية المعروفة والمشرقة  ... وبما ورد في أشرطة الفيديو التي نشرت على الفيسبوك وعلى موقع حزب المؤتمر من أجل الجمهورية، والتي أكّد فيها التزامه بالاستقلالية وبعدم التحالف مع  حركة النهضة أو أي حزب آخر وبأنّ موقعه بين الأحزاب السّياسيّة هو الوسطّيّة، وأعلن تمسّكه بعلمانيّة ومدنيّة الدولة ... كما  سرّوا بالتوفيق في اختيار اسم الحزب: المؤتمر من أجل الجمهوريّة... وباللّقو الذي يمثّله والذي يدلّ على ذوق إبداعي وفنّي  إيحائي رفيع .... أمّا  شعارات الحزب فلا أبلغ ولا أروع بين شعارات الأحزاب: الكرامة للمواطن والسلطة للشعب والشّرعيّة للدولة. وقد تحمسوا لهذا الحزب  وبعضهم بادر إلى الانخراط فيه حتّى... وقد تعرّض الدكتور المرزوقي لحملة شرسة تتهمه بالإلحاد، معروف من وقف وراءها وقتها.، بسبب إدراكهم لخطره وللشعبيّة التي بدأ يكتسبها في الشارع لتونسي.. ثمّ يُفجع هؤلاء بإعلان رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي عن التحالف الذي تمّ بين حركته وحزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة.  تحالف، في نظر الكثيرين، كان حزب المؤتمر في غنى عنه.  فحركة النهضة متهمة بمخالفات متعددة، أبرزها استعمال المساجد للدعاية السياسيّة، والتمويل المشبوه، والرشوة السياسية

فما هي طبيعة الصفقة التي تمّت بين حزب وحركة لا تجمع بينهما خلفية فكريّة، والتي  أنتجت هذا  المسخ الذي نفّر الكثيرين من حزب المؤتمر... ؟؟؟  نسمع تصريحات من هنا وهناك لمنتسبين لحركة النهضة، أبرزها  ما تبجّح به رئيس حركة النهضة بتقديره لأتباعها بالمليون، أي  بإمكانية حصول الحركة على أغلبية في المجلس التأسيسي، وربما تشكيل حكومة يكون الثقل فيها لها، فتكون وازنة في تعيين رئيس الجمهوريّة  ووزارات سياديّة،  مثل وزارة الخارجية. والمنصبان  يمثّلان وجه تونس بالخارج.  هذا الخارج، خاصة الغرب، الذي يعاني من حساسية، عن خطإ أو صواب، ضدّ الحركات ذات التوجّه الإسلامي. هل يكون إسناد هذين المنصبين لحزب المؤتمر هو لبّ الصفقة، المعلنة أو الضّمنيّة، والثمن الموعود به  أو المنوي لحزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة في هكذا تحالف، فيكون واجهة تونس في الخارج، بينما تحتفظ  الحركة بالنفوذ بالداخل في إطار حكومة يسمّيها سي المرزوقي حكومة وفاق وطني، أكيد أنّ سي المرزوقي الرجل النزيه يقصد ما يقول،  لكن هي، في الحقيقة ، حكومة محاصصة يرمى فيها الفتات للأحزاب الأخرى كل حسب وزنه في الانتخابات؟؟؟ الأكيد أنّ حزب المؤتمر خسر الكثير من هذا التحالف الأحول، فقد استقلاليته: ما عاد يُحسب له حساب ككيان مستقلّ، بل تابعا للنهضة، وتحت عباءتها، عندما تنقر العنوان الإلكتروني لحركة النهضة يأخذك مباشرة إلى صفجة حزب المؤتمر من أجل الجمهوريّة... وقد اعتلت وسطيّته، والتبست مرجعيّته، ففقد الكثير من المتعاطفين، الفاقدين أصلا الثقة في بقيّة الأحزاب... قد أكون شكّاكة، بمعنى سيّئة الظنّ، فليعذرني الجميع، فهذا الزمن هو زمن الشكّ  بامتياز،  بسبب انعدام الوضوح والشفافيّة... وقد أكون  مخطئة في هذا التحليل، وفي هذه الحال أرجو أن ينوّرني سي المرزوقي ، أنا والمحتارين في أمر هذا التحالف، بتوضيح أسبابه وآفاقه... وشكرا سلفا 

mercredi 7 septembre 2011

الأميّة السياسيّة

              المشهد التونسي  بكلّ مستوياته السياسية والاقتصادية والاجتماعية على صفيح وهّاج ساخن ومتحرّك، التوازن فيه  دقيق وهشّ. السبب الأساسي لهذا الوضع، في نظري، هو الأميّة السياسية  التي  فُرضت على الشعب التونسي على مدى عقود،  وهي أميّة متفرّعة عن ارتفاع نسبة الأمية بمفهومها العام،  بحيث رسخت  العقيدة لدى غالبية   الناس أنّ السياسة ليست من شانهم، وإنّما هي عمل النخبة، وأنّها فرض كفاية لا فرض عين،  بحيث يغني اشتغال الآخرين، من المثقّفين أو النخبة، عن الخوض في غمارها. هذا في أحسن الحالات، أمّا في أسوأ الحالات، ولست مبالغة في ذلك،  فإن ّالناس من فرط التّهميش والجهل لا يعون وجود السياسة ولا يدركونه. هذه حال الشعب التونسي وهو،  نسبيا في ذلك،  كغيره  من شعوب أخرى في العالم العربي وكأكثر  شعوب              العالم،  بما في ذلك الشعب الأمريكي، كما تشير إلى ذلك دراسات كثيرة.  وفجأة جاءته الثورة المباركة... ومعها الوعي  بأن للمواطن  حقوق على الحاكم  في العيش         المرفه الكريم...  وطفت رواسب الحرمان ومرارات الغبن المكبوتة على السطح.... فهبّ كلّ طرف يسعى إلى  تحسين أوضاعه  في أسرع الآجال... هذا، في تقديري،  يفسّر بقدر كبير حالة الفوضى  المطلبية  المشطّة التي تعرفها البلاد... منذ الثّورة المباركة، أصبح التونسيون جميعا شغلهم الشاغل السياسة...  وابتزاز الحكومة الانتقالية ، رغم علم الجميع  بأن خزانتها فارغة، " وماذا تفعل  المرأة الكيّسة في البيت الفارغ ؟ "، وبأنّهاغير قادرة على اتّخاذ  قرارات مصيريّة، سياسة : تُبتزّ بالمظاهرات والاعتصامات وأخذ مصالح الناس وصحّتهم رهينة، وبقطع الطرقات لتعطيل قضاء حاجاتهم وبالفوضى والعنف


وينسحب على  الأمن التونسي ما وصفناه من  حال الشعب في الأمية السياسية، لم يعرف هذا الجهاز، من النشاط على مدى عقدين ونيف، سوى كونه أداة تنفيذ لما فيه مصلحة صاحب الكرسي، التي هي ليست في كل الأحوال مصلحة الشعب، فهو لا يعرف حتّى صلاحيات  العمل النقابي وحدوده وآلياته... العمل النقابي  ليس وسيلة ابتزاز... ولا يلجأ الهيكل النقابي إلى وسيلة الاعتصام لتحقيق المطالب إلا بعد استيفاء مراحل ووسائل   أخرى، حتى لا يتمّ الإضرار بمصلحة المؤسّسة،  وبمصالح المجتمع في  الأمن والاستقرار بالنسبة إلى نقابة الأمن... فليس عزل   كوادر من الحرس الوطني وتنصيب بدائل لهم، كما حدث في ثكنة العوينة من العمل النقابي في شيء...  وليست الاعتصامات العشوائية في قطاع حسّاس  كالأمن من العمل النقابي في شيء...والنتيجة حلّتّ الحكومة نقابات الأمن... أزمة بين الحكومة والأمن سيكون ضحتها بالتأكيد المواطن.... هذه الأزمة، برأيي، " كبّرها تكبر، صغرها تصغر " لا ينبغي أن تنفخ فيها وسائل الإعلام، بما في ذلك الفيسبوك،  لتأجيج لهيبها... فليراجع كلّ طرف نفسه  بكلّ نزاهة وموضوعية، وكل واحد " ينقّص من  روحو ".  ونحن التوانسة لا خيار لنا إلاّ  التّوافق... وإن لعبة الديمقراطية ليست سهلة...  لكن بالصبر، على بعضنا البعض، نـتعلّمها ونمارسها بأخفّ الأضرار ونصل إلى برّ الأمان... وتكون  تونس أول ديمقراطيّة عربيّة  حقيقيّة إن شاء الله

dimanche 4 septembre 2011

يا فرحة ما تمّت

كان خطاب الرئيس الفرنسي ساركوزي،  في مؤتمر أصدقاء ليبيا، من الفرح والفخر  بإنجازه في ليبيا، أقرب إلى الزقزقة... وكان تدخل كامرون فيه شموخ  الابطال المخلّصين... ولم يفوّتا الفرصة لإظهارأن هناك قوّتين صاعدتين على الساحة الدّولية، هما الأكثر فعالية،  يرتبان الأولويات حسب مزاجهم ومزاج الأمريكي والإسرائيلي. أمريكا  فضّلت البقاء في خلفية المشهد، لأنها تعلم أنّ حضورها يثير في وجدان العربي، بالذات، التشاؤم والتطيّر. لقد  جعلت الولايات المتحدة أرض العرب، من المحيط إلى الخليج،  ساحة حرب، ارتكبت فيها من البشاعات ما سجلت به ريادة في التاريخ... ومهما تفننت في القول والإنشاء فإنّ حيلها ما عادت تنطلي على أحد، إلاّ على المتخلّفين من الزعماء العرب الّذين مازالوا يراهنون عليها باعتبارها قشّة نجاة عروشهم  

 ساركوزي و كامرون، في موقف زهو وقوّة، وجّها رسالة شديدة اللهجة للنظام السوري   أالذي يرتكب المجازر، بينما رميا حجاب السّتر على  البحرين واليمن، الذين يشهدان توترا وقمعا، وعنادا من السلطة على مواصلة  نهج التسلّط  والديكتاتورية... والمثل التونسي يقول: إلّي يحبّك يسقّط لك، وإلّي يكرهك يلقّط لك ( الهفوات والمساوئ)...  و لايفوتني  ذكر أنّ هؤلاء لا يحبّون أحدا، فمن يجهز للضربة يأكلها على رأسه... وللحكّام العرب أسوة في سيرة المخلوع حسني مبارك، الذي باع مصالح بلده خدمة لأمريكا وإسرائيل والغرب، على مدى30 عاما... وكم استقبلوه بالأحضان... لكن عندما بدت بوادر غرق سفينة ملكه، وتيقّنوا من أفول نجمه، قفزوا إلى برّ الأمان،  وباركوا ثورة الشبّان، ولعنوه رمزا من رموز البغي والطّغيان.. المسرحية  التي تعرض سمجة... وتبادل الأدوار والمواقف فيها لا يخفي أنّنا نحن العرب مستهدفون في وجودنا وفي ثرواتنا... ا                                                                                     
ولقد كشفت الوثائق الرسمية، التي عثر عليها الثوار الليبيون في مكتب الأمن القومي الليبي،  تورّط  كل من الاستخبارات الأمريكية  والفرنسية والبريطانية  في التعاون مع  استخبارات نظام القذافي، لأسابيع قبيل الزلزال الذي هزّ كرسيه، لملاحقة معرضيه وتسليمهم له. وثبت تورّط الولايات المتحدة في خطف عبد الحكيم بلحاج، الذي يشغل حاليّا خطّة رئيس المجلس العسكري في طرابلس بعد سقوطها بأيدي الثوار، من ماليزيا وجلبه إلى ليبيا، حيث  أودع في سجن أبو سليم  الليبي سيّئ السمعة.   وقد امتنعت الحكومة البريطانية عن التعليق على الموضوع...  وما عساها تقول...؟  أما  وزيرة خارجية أمريكا فلم تنف، وأشارت إلى أن  بلادها تتعامل مع كل الأنظمة لمنع تعرضها إلى الإرهاب... هذا الإرهاب الذي صنعوه وما فتئوا يغذّونه  بالتعدّي والتجبر وبالظلم والاستغلال والحيف والكيل بمكيالين


 أمّا بالنسبة إلى ساركوزي... فيا فرحة ما تمّت... فلن ننتظر كثيرا لنعرف ردّ فعل المجتمع الفرنسي على نهجه اللاأخلاقي في السياسة  الذي يراه من الكياسة.   لقد أطاحت  ثورة  14 جانفي  التونسية برأس الدبلوماسية  الخارجية الفرنسية ميشال أليو ماري لثبوت طورّتها في دعم  نظام بن علي  القمعي... فهل تدفع فضيحة دعم فرنسا لنظام القذافي، للتنكيل بمعارضيه من طلاّب الحرّية والديمقراطية، بألان جوبي وزير الخارجية الفرنسي الحالي إلى المآل   الذي  عرفته زميلته السابقة له ميشال آليو ماري... فيكون بذلك كبش الفداء الثاني في سياسات ساركوزي الخرقاء في العالم العربي...؟   
                                                          

samedi 3 septembre 2011

بين فكّي كمّاشة

  إن المتأمّل في المشهد التونسي يهوله هذا النزوع إلى العنف الذي سجّل، على سبيل المثال في هذه الأيام، في بعض الولايات مثل سبيطلة وقبلّي. والعنف في نظري ليس سمة مميزة ثابتة في شخصية التونسي... فالتونسي ليس ميالا إلى التصعيد في الشّجار بطبعه، وإن أجبر عليه... وجلّ النزاعات، إلا في القليل النادر منها،  تنتهي بتدخل العقلاء: يزّي (يجزي)وخيّان (إخوان) ما صار شيء... ويتم  ّ تفريق حضبة المتفرّجين: تفرّقوا... امشوا ...ما صار شيء...  فما الذي تبدّل؟  الذي تبدّل هو أن أعداء الثورة من بقيا النظام البائد اليائسين، لا يريدون للأوضاع في البلاد أن تستقرّ، وهم في جهاتهم أعلم الناس بما يمكن أن يثير النّعرات ويشعلها، بحيث لا يستطيع لها عاقل إخمادا. الجديد المفزع في هذه النزاعات استعمال المتنازعين للمتاح لديهم من سلاح ناري : بنادق الصّيد. وهي ظاهرة جديدة  خطيرة ، فأدوات العنف التي نسمع عنها سابقا المتداولة في  الخصومات  والصراعات التي تصل إلى المحاكم  هي الموسى أوآلة حادّة أوالهراوة

تعيش تونس ظروفا استثنائية بكل المقاييس... أوّلا،  بحكم وضعها الداخلي الانتقالي العارض ... فالحكومة غير شرعية رغم التوافق على قبولها... وتلكؤها في الإيفاء باستحقاقات عاجلة، كضبط الأمن وفتح بعض الملفات الساخنة المتعلقة بالقضاء وبالتحري في تمويل الأحزاب، قلّل من هيبتها لدى الجميع... فكثيراما تجد أحوال البلاد خارجة عن  سيطرتها... ثانيا، بحكم موقعها الجغرافي، تقع تونس  بين فكّي كمّاشة:  من الغرب، الجزائر التي استقرّ في ربوعها تنظيم القاعدة الذي فاض سلاحه إلى الأراضي التونسية عبر الحدود الغربية. ولعلّ ما ضبطته وحدات الأمن التونسي من سلاح  في مناسبات متعددة لا يبعث على الاطمئنان، بل هو دليل على أن حدودنا الغربية تشكل خطرا دائما على أمننا... أما ليبيا من الشّرق، فتعيش حالة من الفلتان، لا يعلم نهاية أمدها إلاّ الله، يحمل فيها الحابل والنابل السلاح، وقد أثبتت الوقائع تسرب السلاح إلى الأراضي التونسية عبر الحدود الشرقية

وقد  وردت أخبار تتحدّث عن تجنيد تونسيين،  ضعاف النفوس يعبدون الفلوس، من قبل أجوارنا من الشرق  والغرب لإخفاء السلاح  أو لتنفيذ عمليات عنف في تونس. وتروي روايات أن قطعة الكلشنكوف بيعت ب500  مئة دينار تونسي في الجنوب التونسي. فلم يهرّب السلاح إلى الأراضي التونسية ويباع، إن لم يكن لأسباب كيدية ؟ لضرب استقرارتونس وأمنها حتى تفشل الثورة وتذهب ريحها...؟ ما اقوله: إن الشعب التونسي يحب الحياة و"أغاني الحياة "، وله إرث حضاري وأخلاقي يحصّنه من الدخول في دوّامة الفوضى والعنف، بالشكل الذي يخطط له الكائدون في الداخل والخارج. وستصطدم كل محاولات تصدير العنف إلى تونس بحزم أبنائها ويقظتهم حتى تحبط وتندثر، وسيتكسر كل فعل لتخريب الثورة على جدار تصميم التونسيين وعزمهم على بناء نظام ديمقراطي يضمن لهم الحرية والكرامة... وإن غدا لناظره لقريب 

vendredi 2 septembre 2011

تحسبهم جميعا

شاهدنا  في مؤتمر مساندة الشعب الليبي الذي دارت فعالياته في فرنسا بتنظيم فرنسي كيف تداعت 63 دولة ومنظمة  من كلّ  الألوان والأجناس والأعراق من أصقاع العالم،  بحماس،  لحضورهذا  اللقاء. لكن هؤلاء في اجتماعهم وفي تناديهم من أجل ليبيا تحسبهم جميعا ولكن قلوبهم شتّى: لكل دواعيه المبطنة ودوافعه. ودواعي الغرب ودوافعه أفصحت عنها صحفهم وبالغ في شرحها المحلّلون: إن النفط الليبي  وخيراته يجذب الغرب كما يجذب العسل الذباب،  ومن ذلك سعي فرنسا للتمركز الاستراتيجي في طرابلس لضمان نصيب الأسد للشركات الفرنسية من الكعكة  الليبية التي هي في طور الإنضاج. أما بقية الحاضرين فسيماهم على وجوههم،  وتحدد دوافعهم عوامل متعددة من أبرزها إلى جانب المصالح، الأمن، بحكم موقعهم الجغرافي أوعلاقاتهم بالنظام السابق 
  
 لم يفاجئني حضور الملك عبدالله،  ملك الأردن، في هذا المؤتمر فقد شارك مع الناتو ، بالعدد والعتاد في غاراته على ليبيا. وإن كان يستحيل تصنيف ملك الأردن الصغير بتحركه هذا، في خانة المدافعين عن حقوق الشعوب، وهو الذي يحرم شعبه من مطلب مشروع لا يلحق بتاجه خطرا جسيما: ألا وهو نظام حكم ملكي دستوري،  فيمكن إلحاقه بمجموع الطامعين في النفط ، مع حرصه على عدم التخلي عن إسناد كل عمل يشرع فيه أخواله الإنجليز، فطاعة الخال من طاعة الوالد،  والمثل يقول: الخال والد والرب شاهد 

ما فاجأني، في الحقيقة، حضور ملك البحرين العظيم،  يحتفل مع المحتفلين بسقوط نظام القذافي وبتحرر الشعب الليبي، والحال أن بلده تجتاحها احتجاجات متواصلة من أجل إسقاط  نظامه، وحركة القمع والتقتيل مازالت قائمة على قدم وساق في البحرين فآخر شهيد سقط في سترة، يوم 31سبتمبر 2011، علي جواد الشيخ، طفل في الرابعة عشرة من العمر... جاء إلى هذا المؤتمر متنكرا في زي إفرنجي، لأن عباءته الملكية طال أطرافها لهيب التغيير...كان مندسّا بين الحاضرين، مبتهجا مع المبتهجين، وكان أمور مملكته في العنبر، وكأن لا شيء يجري في البحرين، بالتونسي: جاء يسلّك فيها... ولأن الملك يعرف كيف يخدم أمريكا فقد جدّد معها حديثا اتفاقا يسمح بمواصلة تواجدها في البحرين إلى سنة2016 ، فإن كل الحاضرين لا يشيرون إلى ما يحدث عنده ويتجاهلون   إلى الآن ... أما أمير قطر فكثّر الله من أمثاله، فهو فاعل خير وقط يصطاد لله