mardi 20 septembre 2011

في التصويت والأحزاب

التونسيون المثقفون، رجالا ونساء،  شئنا أن نعترف بذلك أو أبينا، هم الذين سيساهمون في تشكيل المشهد السياسي وتلوينه، في  انتخابات المجلس التأسيسي، مباشرة باختياراتهم العملية في الانتخاب، أوبطريقة غير مباشرة، عبر تأثيرهم فيمن حولهم في البيئة التي يعيشون فيها والتي تستنير بشكل أو بآخر،  في هذا المجال،  بتصوّراتهم  و حتي سلوكهم...  فالحقيقة أنّ هناك شريحة كبيرة من المجتمع التونسي لن تكون قادرة على  الاختيار بنفسها، بسبب السنّ، أو الجهل ، أو العزوف عن وجع الرأس  والاستقالة من "شقلالة" السياسة، وخاصّة  بسبب الثقة  التي يضعونها في توجّهات أبنائهم  المتعلّمين... هذه  الشريحة، وهي  واسعة، كما أشرت إلى ذلك،  سيختار لها، عمليّا، في هذه  التجربة الأولى لانتخابات ديمقراطيّة، المثققون الذين يعيشون بين ظهرانيها

وتجدر الإشارة إلى أن عدد الأحزاب، في تونس، مائة ونيف، ولكنّ أغلبها  ولد محتضرا، وسيكون حضوره، في اعتقادي،  صوريّا في الانتخابات المقبلة... أمّا الأحزاب التي تتحرّك على الساحة السياسيّة  والتي تلقى اهتماما من وسائل الإعلام فهي قليلة، وعددها لا يتجاوز عدد أصابع اليدين... فما طبيعة العلاقة بين المثقفين وهذه الأحزاب القليلة النشطة التي ترى لنفسها حظّا للمشاركة في المجلس التأسيسي...؟ من يتمعّن في المشهد السياسي في تونس، بما فيه من تحرّكات  وخطابات، يدرك في يسر، وبدون مبالغة، أن  المثقفين، في غالبيتهم، في واد في واد  وهذه الأحزاب في واد آخر... يفصل بينهما تحالفات حولاء، غير قائمة على التقارب الفكري، وسلوكيات حزبيّة  مشبوهة:   منها  المال السياسي أو الرشوة السياسية... والتجييش الديني... اللّذان يفسدان العمليّة الديمقراطيّة بالغشّ، وبضرب مبدإ تكافؤ الفرص لكل الأحزاب، وبخرق قواعد التنافس النزيه بينها على أساس الكفاءة  لخدمة تونس... وبسوء النيّة وبالأنانيّة ... ومن أبرز المجسّدين لهذه السلوكات الحزب الديمقراطي التقدّمي وحركة النهضة ... أمّا عن الوعود الانتخابية  فحدّث ولا حرج... فالبرامج الانتخابيّة وضعت على مقاس طفرة الاحتجاجات المطلبية والاعتصامات التي تشهدها البلاد لغرض تحسين الواقع الذي يعيشه  المحتجّون... حتّى أن بعض الأحزاب توحي بأنها قادرة على تغيير وضع البلاد والعباد في 3سنوات

 ومن يتفحّص ردود أفعال التونسيين من المثقفين، على شبكة التواصل الاجتماعي الفيسبوك، على سبيل المثال، بعد ظهور ممثّلي بعض هذه الأحزاب على شاشات التلفزات التونسيّة في حوارات... يدرك تعاطيهم السلبي  مع الأحزاب، والتبدّل الحاصل في مواقفهم منها... فقد أصبحت الصفحات تعجّ بنقد الأحزاب والسّخرية منها ومن رموزها ومن أساليب دعايتها...  في حين قلّ الترويج لها وخفّ الحماس لذكرها، إلآ بالسوء غالبا... هناك، في اعتقادي، قصور واضح لدى الأحزاب في التعامل والتواصل  مع الشعب التونسي، ناتج عن عدم وجود تصوّر  وثيق الصلة بالواقع لهذا الشعب... فكل ممثّل لحزب يتحدّث عن الشعب كأنّه ذات بلا صفات  بالتونسي: "زهمولة "، أو كأنّه  "سيدي تاتا " أي مغفّل  يصدّق كلّ ما يُنفخ في أذنيه... أو كأنّه "كتلة رغبات" يسيل لعابه كلّما وُعد بتحقيقها... إنّ شعب تونس ذكي بعلمه، وذكيّ بفطرته، يعلم أنّه : ما  خاب من استشار... وقد يصوّت تصويتا يفاجئ الجميع

برأيي  أنّ المثقفين، الذين هم عقل الشعب وقلبه النابض في هذه الظروف بالذّات، قد فقدوا الثقة في الأحزاب وارفضّوا من حولها، إلاّ القليل منهم، بسبب أدائها الضحل في هذه المرحلة الحسّاسة من تاريخ البلاد... هذه الأحزاب خذلتهم، لأنها لم تستجب لطموحاتهم في العمل الحزبي ... وخذلت البلاد لأنّها لم تكن على قدر مسؤوليّاتها التاريخية تجاهها، فهي تقدّم مصلحتها الآنية في بلوغ السلطة بكل الوسائل على حساب  مصلحة الوطن... وفي تقديري أنّ أصوات المثقفين ستذهب، بقدر كبير، إلى المستقلّين الذين يظهرون، في  الحوارات وفي خطابهم، أكثر تركيزا على قضايا البلاد، في حين يبدو ممثلو الأحزاب  أكثر  اهتماما بالدّعاية... وما أخشاه أن يكون التصويت في انتخابات المجلس الوطني التأسيسي، يوم 23 أكتوبر 2011، عقابيّا للأحزاب  لفائدة المستقلّين. وقد يكون لذلك مضاعفات، ليس هذا مجال ذكرها أوتحليلها حتّى لا نستبق الأحداث... فلكلّ حدث حديث 

2 commentaires:

  1. نظرة ملمة تلامس الواقع ... لغة سهلة و سلسة .. أحسنت يا بنت الهنشير

    RépondreSupprimer
  2. إلى الحدّاد: يسرّني عميقا أن أعرف أنّك تطّلع على ما أكتب...شكرا جزيلا

    RépondreSupprimer