samedi 11 janvier 2014

وخرج علي العريّض من الباب الضيّق

لم يؤل الحوار الوطني في تونس إلى التوافق المنشود، بل إلى الثصويت الذي رفضته النهضة في البداية كآلية لحسم الخلافات، ثم عادت وقبلت به عند ترشيح السيد المهدي جمعة وزير الصناعة في حكومتها المنتظر استقالتها. ونتج عن ذلك انفراط عقد المتحاورين، وعدول بعض الأحزاب كالحزب الجمهوري والجبهة الشعبية عن مواصلة الانخراط في الحوار. أما الرباعي الراعي للحوار فرأى أن اختيار السيد المهدي جمعة المشهود له بالاستقلالية والكفاءة لتشكيل حكومة كفاءات، بقطع النظر عن الآلية،  يجنب تونس انسداد الأفق والذهاب إلى المجهول.

هذا وقد قدم رئيس الحكومة علي العريّض استقالة حكومته إلى رئيس الجمهورية يوم 09 جانفي 2014، وهو يوم أغبر بلغت الاحتجاجات فيه الذروة في ولايات تونسية متعددة. احتجاجات على ميزانية 2014 التي ضاعفت الضرائب لتثقّل على قطاعات واسعة وحيوية من الشعب المنهك أصلا بغلاء المعيشة.  وأذكّر بأنّ حركة النهضة دخلت  إلى الحكم من الباب الواسع عندما تحصلت على أغلبية مريحة في انتخابات 23 أكتوبر2011. لكن ركبها الغرور، وظنت أنّها بأغلبيتها يمكن أن تسيّر البلاد كما تشاء وأن تكتب الدستور الذي تريد، ونسيت أمرا هامّا: أن هذا الشعب  قد شبّ عن الطوق، وأنه اكتسب حريته بتضحياته، وأنه تعلّم، حديثا وبعد تجربة مرّة، أن لا يسلّم أمره إلى حاكمه أيّا كان دونما يقظة ومتابعة. 

لقد خاضت الحركة طيلة سنتين مواجهات متعددة خسرتها كلّها والدليل على ذلك ما كتبه أحد مؤيّديها بالدارجة التونسية في صفحته على الفيسبوك: "إلى النهضة...
شفناك تخسر في كل جولة حاربتي فيها و ما سيّبناكش ...خاطر عارفين قوّة الناس اللّي تحاربي فيهم ...
خسرتي في معركة كمال اللطيّف ...
خسرتي في معركة سامي الفهري ...
خسرتي في معركة تحصين الثورة ...
خسرتي في معركة استرجاع الاموال و محاسبة الفاسدين ..
خسرتي... و خسرتي... و خسرتي ...و ما سيّبناكش...
لكن إنك تدوّريها كذب و بلعوط وتخديم مخّ وعود مستحيلة ...خاطر تعرف الشعب بوهالي و يصدق ...هذي ما نسامحكش عليها ..."وأنا أستسمحه في نقل ما كتب ولا أوافقه الرأي في كون هذا الشعب بوهالي. الشعب التونسي ذكي جدأ بالفطرة وبالوعي. هذه الحروب التي يذكرها  صاحب النص هي بسيطة أمام  مواجهات خاضتها النهضة لتغيير نمط المجتمع التونسي في صلب المجلس التأسيسي، منها على سبيل الذكر محاولة فرض الشريعة مصدرا أساسيا للتشريع في الدستور،أو التراجع في مكاسب المرأة التونسية بالتنصيص عليها مكملة للرجل لا مساوية له، وفي محاولة تقييد حقوق الانسان الكونية، وفي مسألة مدنية الدولة...كل هذه المواجهات خرجت منها حركة النهضة منكسرة... وقد كانت لها صولات خارج المجلس بمواقف وتصريحات أعضائها التي تستهدف الوجه الحداثي لتونس، تشجع السلفيين مطيلي اللحى لبسة القمصان الذين قويت شوكتهم مع حكومة النهضة حتى اكتوى الشعب بإرهاب أنصار الشريعة فخفت بريقهم وأخذت الحركة مسافة منهم.

هكذا إذن، دخلت حركة النهضة الحكم من الباب الواسع، بيد أنّها اليوم تخرج  منه، لكن من الباب الضيّق، فاشلة في الأمن وفي التنمية وفي توفير موارد لميزانية 2014، لأنها على مدى حكمها خاضت الحروب الخطأ التي لا تمت إلى حاجات الشعب التونسي الكريم الأصيل بصلة، ولم تركز على عدوه الأساسي الذي أثقل كاهله وسبّب انتفاضته مطالبا بالشغل والكرامة. هذا العدو هو الفقر والبطالة

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire