dimanche 3 avril 2011

فقدت الاحتجاجات وهجها وفاعليتها


 
خيرات الثورة علينا كثيرة...منها التفات الناس إلى مجريات عيشهم يتفحّصونها فتبين لهم قبح ما كانوا يعيشونه، وظهر لهم زيف آمالهم وأحلامهم، وما يخضعون له من ذلّ المفعولية ... واكتشفوا فيما اكتشفوا بالفطرة أن التونسي مسؤول عن  حياته ينحتها ويؤثثها بسعيه ﻻ بهبة تعطى وﻻ بتعليمات ومراسيم رئاسية. فتم، في هذه الحقبة من حياة التوانسة،  تصحيح العلاقة بين المواطن والمسؤول، واستدعيت من اللغة مصطلحات تعبر عن ممارسات ﻻ عهد لنا بها إﻻ قليلاً من قبيل الاحتجاجات والمظاهرات والاعتصامات التي إذا وظّفت بنجاعة و مسؤولية تؤكد  فاعلية الفرد وفاعلية المجتمع في نيل حقوقه وفرض إرادته

إنّ  هذه الممارسات  المذكورة هي وسائل ضغط، منها ماهو للتنبيه، ومنها ما هو للتحذير، ومنها ما هو لليّ الذراع لتحقيق المطالب. وإن المتتبع لهذه الحركية الجديدة في المجتمع التونسي، وخاصة في العاصمة، يتبين ضربا من الإجحاف في استعمال هذا الحق. ويلاحظ أن مخالفي الحكومة في الرأي يذهبون مباشرة إلى أقصى درجات الاحتجاج وهو الاعتصام: لن نبرح مكاننا حتى تلبى مطالبنا. الاحتجاجات، بأنواعها، لتواترها  وكثرتها في هذه الفترة الانتقالية أصبحت يومية، كل يوم تنطّ جماعة إلى القصبة، أو إلى أمام المسرح أو إلى شارع الحبيب بورقيبة. وكل شيء زاد عن الحدّ انقلب إلى الضدّ. لقد فقدت الاحتجاجات وهجها وفاعليتها وأصبحت ﻻ يعتدّ بها. وأدخلت إرباكا على الحياة العادية للمواطنين، فضاق بها الناس ذرعا. فضلاً عن أنه ﻻ يمكن عمليا  أن تلبى مطالب كل المحتجين لان أشكال الاحتجاجات ذاتها ﻻ تحظى بإجماع، وكذا مواضيعها وطريقة ممارستها. ولقد تابعت مقطعا من المسيرة نحو القصبة يوم الجمعة 1 افريل 2011 بثت فعالياتها مباشرة على الأنترنت، وقد حز في نفسي هبوط مستوى بعض المشاركين فيها الذين طعموا أغنية الثورة الصافية الجميلة النقية: محلى القعدة علميّة ، محلى الربيع *** محلى الثورة التونسية، تضم الجميع، بمقاطع سباب نابية بحق رئيس الوزراء. تدلّ على ولدنة وعدم مسؤولية. إن ما قاله رئيس الحكومة من أنه موجود ليحكم، وﻻ يقبل أن يشاركه في ذلك أحد دليل على أنه قادر على تحمل المسؤولية ومقدر لتبعاتها، وﻻ يقبل أن يكون لعبة تحركها الميول

لكن ما العمل إذا كانت هناك أمور جدية ﻻ تقبل تأجيل النظر فيها؟ مثل سرعة محاكمة  رموز النظام البائد والمسؤولين عن التجاوزات  والقتلة، ومثل حرمان رموز التجمع من الالتفاف على الثورة بالعودة إلى الحياة السياسية في شكل أحزاب جديدة... هنا يأتي دور السلطة الرابعة: الإعلام وسيلة الضغط الفعّالة في الديمقراطيّات. فالباجي قايد السبسي يكتب ويقرأ كما يقال: لقدام ولتالي= للأمام والخلف، أي باللغتين العربية والفرنسية وتبين من مؤتمر صحفي أقامه أنه يفهم الانقليزية وإن لم يتحفنا بكلامه بها. ينبغي أن تثبت هذه السلطة الرابعة فعاليتها، إضافة إلى شخصيات المجتمع المدني التي عليها أن تبين أنها قادرة على الريادة والفعل والإقناع لتعين الحكومة في اتخاذ القرارات  الصحيحة في هذه المرحلة الحاسمة من تاريخ تونس




1 commentaire: