samedi 23 avril 2011

الشعب يريد دخول السجون

  

خالد ثائر واجه السلطة... بالأرض الشريفة المعروفة بالمملكة السعودية. هو شاب ﻻ ينقصه كما تدل على ذلك سيارته شيء من خيرات الدنيا المادية، وهو كما قال متزوج وأب ل4 أطفال يعيش استقرارا عاطفيا. لكن ينقصه الكثير من متطلبات العيش الكريم، تنقصه الحرية كما قال وهي أساس الشعور بالكرامة قوام الحياة الانسانية. وقد عبر بكل بسالة وبكل شجاعة للصحافيين عما  يخالج ضمائر الشباب والكثيرين من سكان المملكة. هو غير راض بنظام الحكم في بلده، وقد قال فيه قليلاً من كثير . وبيني وبينك هو حكم ما فيه ما يعجب


إن كان التونسيون ثاروا على زين المجرمين لأنه دكتاتور وأهله بالعشرات متنفذون ينهبون  خيرات تونس. فالأحرى أن يطالب بالتغيير ساكنو الأرض الشريفة الذين تحكمهم عائلة مالكة مستبدة، حكمها مطلق، يعد أفرادها بالآﻻف كلهم يعيشون عيش الأمراء يشفطون ملايين الدوﻻرات. ومن يتحصل منهم على منصب يشيخ فيه ويهرم  حتى يموت ويورثه بعده. الناس ليسوا  مواطنين فليس لديهم مفهوم الوطن  بل هم رعايا  والواقع أنهم أقرب إلى الموالي  لأن مناصب السيادة ممنوعة عنهم،  ﻻ يتوﻻها غير أفراد العائلة المالكة . يعي المرء منهم على الدنيا فيرى وجوها عديدة تشيخ أمام عينيه ﻻ تغادر منصبها إﻻ إلى القبر. والناس  هناك ﻻ ينسبون بالجنسية إلى الأرض بل إلى ملوك الأرض فهم سعوديون.  إن الجنسية هي لقب أوسع  يشترك فيه أبناء الأرض الواحدة التي هي الوطن. وإنّ ما يوحد أبنا ء الوطن ويعزز بينهم روابط الأخوة هو هذا اللقب  الأوسع الذي هو الجنسية التي يتضاءل أمام جلال قدرها اللقب العائلي. إن العائلة المالكة تفرض على الجميع، على شعب أصيل وعريق يحمل أفراده ألقابا ضاربة في جذور الزمان والمجد كالقيسى والجهني والشمري والعنزي والطائي والقحطاني والشيباني...وغيرها من الألقاب التي يعرفها العرب في كل الأصقاع، تفرض عليهم لقبها: سعودي، هكذا تعسفا. وواقع الحال يؤكد أن هذا الحكم  ﻻ شرعية دينية له وﻻ شرعية تاريخية، وأهل مكة وما واﻻها من الأرض أدرى بتاريخهم. ولو أُنصفت تلك الأرض المقدسة التي هي مسرح حياتهم ومنبع ثراهم  لأعلوها على لقبهم فسموا مثلاً ما يتشاركون العيش في إطاره دولة الأرض الشريفة أو حتى مملكة الأرض الشريفة  وتكون جنسية ساكنها: شريف. هل تعلم أنه، بعد سقوط الدولة البهلوية في فارس،ﻻ يوجد على وجه الأرض بين مملكات الدنيا غير هذه المملكة تُسمّى باسم ملوكها؟


أما على المستويات السياسية  والاجتماعية فهذا  النظام يراكم الأخطاء بأن جعل نفسه تابعا لأميركا، وجعل مجتمعه مستهلكا ترتفع فيه نسبة الجهل والأمية بشكل مريع بين الرجال فضلاً عن النساء اللاتي تمثلن  نصف المجتمع، وهو نصف معطل. نساء الرعية أغلبهن أميات  ولكن الأميرات كما تثبت الشرائط التي تبث على الفيس بوك تتعلمن أحسن علام وفي المدارس الغربية وتعشن هناك حياة عصرية وتقدن السيارة وﻻ حاجة لهن بالانتخاب، ترشحا وتصويتا، فهن أصحاب السلطة  أصلاً. وإن من حق خالد أن يقلق في هذا المناخ على مستقبل أبنائه. هذا ولقد أهدرالحكام طاقات البلاد في حروب لا ناقة لشعبهم فيها وﻻ جمل. وحتى تتبين مدى إفلاس حكمهم قارن أحوال مملكتم بأحوال إيران  الدولة الجارة من حيث الموارد والمساحة والتنمية والتعليم ووضعية المراة ومشاركة الناس في الحكم والمعارضة والتقدم العلمي والتكنولوجي والاختراعات. يقولون إن إيران تريد بهم شرا. وهم قد فعلوا بأنفسهم وبشعبهم كل الشر. ما الذي منعهم من أن يكونوا في مثل قوتها؟ أليس لديهم كل المقومات التي يمكن أن تجعلهم قوة إقليمية؟  يمنعهم من ذلك الأنانية وحب الحكم والاستبداد بالسلطة وفساد السياسة والتدبير.  الحكام في إيران يتنافسون بالانتخاب لخدمة إيران. أما هم، العائلة المالكة، فيتقاسمون كعكة الحكم في توافق،  بالستر. ﻻ يصنعون الكفاءات لأنهم يخشونها فحكم الجهلة أيسر من حكم المتنورين، وﻻ يشركونها إن وجدت  في صناعة القرار. ولأنهم ﻻ شرعية لهم يخافون على سلطتهم، فيمنعون  الناس من  حقوقهم،  من حرية التظاهر ومن حق التعبير عن الرأي. يدفعون المال  لشراء سكوت الناس عن حقهم،  يعتقدون أن بالمال يمكن شراء خضوع الناس وعزوفهم عن الكرامة إلى الأبد. إنهم ﻻ يريدون أن يسمعوا غير صوتهم وصوت فقهاء السلاطين الذين همهم أن يفتحوا لهم أبوابا في الشرع، ودليل ذلك فتاواهم:  طاعة ولي الأمر واجبة ولوأكل مالك وجلد ظهرك ، والتظاهر حرام لأنه خروج عن ولي الأمر... ,أيّ وليّ أمر هذا؟ ومن وﻻّه؟ وفي أي عصر يعيش هؤﻻء؟ لقد سدوا، ملوكا وفقهاء،  أبواب الاجتهاد في الدين الاسلامي السمح الجديد المتجدد  حتى يحافظوا على مصالحهم، ويواصلوا انتهاك  حقوق الانسان  واسترقاق البشر


أين خالد؟...خالد الذي كسر حاجز الخوف...وعبّرعن تطلعات  شعبه في التغيير وفي التعليم وفي الحرية والديمقراطية والكرامة، وفي مستقبل اًفضل ﻷبنائهم ذكورا وإناثا. وقد تبين من خلال هذا التداعي للاحتجاج أن نظام الحكم  مستعد لأن يعطي حتى يبقى في السلطة مرتاح البال، وهو في الحقيقة ﻻ يعطي شيئا، وإنما هي مقدرات الناس يعطيهم من حقهم عطايا وكأنها منة منه. يتصرف فيها تصرفا مطلقا وهي مقدرات ضخمة يدل على ذلك جزيل العطاء، صرف مرتب شهرين للموظفين، ودفع للعاطلين عن العمل، شكرا ومكافأة للناس على عدم الخروج إلى الشارع من أجل التظاهر. وتبين، أيضا، أنه مستعد أن يأخذ...يأخذ حرية خالد؟...حرية الناس في سبيل الحفاظ على الحكم


مرّ الأمر على هذا الشكل في التجربة الأولى من الاحتجاج، ولكن ﻻ أحد يدري ماذا سيحدث في المرات اللاحقة. وﻻ ينبغي أن يستهان بعبقرية أي شعب.  هذا ما استشرفه منذ عقود طويلة أبو القاسم الشابي  الشاعر التونسي المشهور ملهم الثورة التونسية ببيتيه الشهيرين من النشيد الوطني التونسي
إذا الشعب يوما أراد الحياة *** فلا بد أن يستجيب القدر
وﻻ بد للظلم أن ينجلـــــي *** وﻻ بد للقيد أن ينكســــر
استشرف أن القدر في صف الشعوب لانها مستضعفة وتطلب حقا فطريا. واستشرف، كذلك مقولة عبقرية الشعوب كما يبدو من بيته التالي
أنت يا شعبي قوّة عبقريّة  ***  لم تسسها فكرة ذات بأس. اهتدى الشعب التونسي  بعبقريته إلى الفكرة  ذات البأس أخيرا: أن الحياة  بلا كرامة  كالعدم، وأن الحرية من الكرامة، وأن الكرامة كما الحرية غالية ﻻ يفرط فيها ولو كان الثمن ضريبة الدم. وقد ساسته هذه الفكرة وكرس قوته علي درب الثورة على الطاغية ونظامه
 
إن واقع الشعوب العربية واحد، ويقيني راسخ في أن لكل شعب عبقريته في مواجهة طاغيته. وعبقرية الشعب الشريف الذي يمثله خالد تمثلت في هذا الشعار العظيم الذي رفعه باسمهم: الشعب يريد دخول السجون... إن حسه الرهف بالكرامة جعل عذاب السجن، يدخله مناضلاً في سبيل الحرية والمعرفة والديمقراطية، أهون لديه من حياة مستكينة ذليلة مهمّشة  






. .

2 commentaires:

  1. يفعل الجاهل بنفسه مالا يفعله العدو بعدوه...

    RépondreSupprimer
  2. أهلاً الحداد وحشتني تعليقاتك. تكون إن شاء الله بألف خير. ويصح كذلك في الطرفين، خالد الجهني وسجانيه قول الشاعر:-
    ذو العقل يشقى في النعيم بعقله***وأخو الجهالة في الشقاوة ينعم

    RépondreSupprimer