mercredi 4 mai 2011

كلاهما من فصيلة الغربان

كانت تونس تشهد في عهد المخلوع تزاحما بالمناكب على المناصب. وقد تورط في هذه اللعبة مثقفون قديرون في مجال اختصاصهم أهدروا طاقاتهم في خدمة طاغية جاهل فجعلوا الجهل للعلم سيدا. وما كان لانقلاب القيم والموازين أن يدوم أبدا . هؤﻻء كتبت عنهم في مداخلة وسمتها بعنوان "التعدد" وسميتهم بالمافيا الثقافية  وتعجبت حينها أن أمرهم لم يفضح بعد، واقترحت أن ينزلوا على قائمة العار ...لكن هو منطق الثورة، وما جربتها من قبل،   لكل شيء أوانه.  بدؤوا ينكشفون تباعا. وقد أدرك كل واحد منهم ماضيه، وتباينت ردود أفعالهم بين متوار بالستر أو بالاستقالة، ومكابر يريد بكل الوسائل أن ياخذ مكانا تحت الشمس في الواقع الجديد. هؤﻻء الرهط  تجمعيون مثقفون نظّروا في فراغ لسياسات المخلوع ونفخوا في أذنيه بالطبل والتزمير

وتشهد تونس هذه الأيام قذفا بالشتائم ومقاتلة بالعنف اللفظي والمادي، بالضرب، من أجل ضمان تولّي النفوذ والسلطة. وأبرز من يمارس هذا السلوك التجمعيون الرافضون التفريط في النفوذ السياسي. يوظفون في ذلك أزﻻم المخلوع المتغلغلين في مفاصل السلطة الحالية في الأمن وفي  الإدارة ومليشيا الحزب المنحل،  وينفقون في ذلك ما بين أيديهم من مال السلب والنهب. وينضاف إلى هؤﻻء رهط آخر، متطرفون  طلعوا علينا بنغمة أنهم المسلمون ومن ﻻ ينضم إليهم هم ﻻئيكيون أي فاسدون. وكأن الإسلام هو نقيض اللائكية. وهم يستعملون خطابا مزدوجا ، أمام الإعلام: هم متسامحون ﻻ يرون مانعا في حكم ﻻئيكي مدني،  وفي المساجد تتم التعبئة السياسية للتعصب والإقصاء: يا نغرتي على الدين. التجؤوا إلى العنف المادي وطالت أيديهم مثقفين وفنانين تونسيين وغيرهم..ﻻ يقبلون النقاش: إما ان يسمعوا منك ما يريدون سماعه، وإﻻ فأنت ﻻ تتسم بالنزاهة والموضوعية ، وينقصك الإلمام...فضلاً عن إسفاف مريع في الخطاب يجعلك تعجب كيف يزعم هؤﻻء أنهم من الإسلام، وأكثر من ذلك، حماة الدين

إن الرهط الأول  هو من قامت  الثورة ضده، وهو يجهد في قيادة ثورة مضادة تبقي  كعكة الحكم بين يديه. أما الرهط الثاني، وهم السلفيون، فلم يكونوا طرفا في الثورة أو فاعلين فيها، قاموا من سباتهم يتوسلون كل الوسائل للانفراد بكعكة الحكم، ودليل ذلك رفضهم التوقيع على الميثاق الجمهوري، الذي يلزم كل الأطراف بعدم الحياد عن مبادئ الجمهورية بعد انتخاب المجلس التأسيسي في 24 جويلية 2011 .  وإن هذا الرهط وذاك ، كلاهما من فصيلة الغربان، يريدان الانقضاض على السلطة، على تونس. كل يريد أن يحقق مأربا في نفسه بعيدا عن مصلحة تونس وشعبها.  لكن هيهات هيهات، فتونس حيّة  حيّة، تتدفق في عروقها دماء وهّاجة ثورية، وهي محروسة بعيون يقظة عيون من دفع في الثورة ضريبة الدم 

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire