mardi 17 mai 2011

الجيش الوطني في عقيدة التوانسه... ومحاكمة الراجحي


لقد تجاوز الشارع التونسي مسألة تصريحات وزير الداخلية السابق القاضي فرحات الراجحي التي أثارت زوبعة على كل المستويات في البلاد التونسية وما عادت من أولويات اهتمامته. ولكنها ظلت من اهتمامات الحكومة التي تصر على أن ما صدر عن القاضي الراجحي فيه مس بالجيش برأيها يطاله القانون بمحاكمة عسكرية . وفي رأيي المتواضع  فإن الأصرار على محاكمته ليس ناتجا عما قاله في الجيش فقد قال شبيها به مسؤوﻻن على الساحة السياسية، وقد رددت عليهما في مداخلتين الأولى باللغة الفرنسية وعنوانها "الحكومة الفطيرة"،  والثانية عنوانها: "الجيش الوطني امعلم ومعلم وعبقري".  ولم يتأخر الجيش في الرد  على هذه التصريحات المغرضة بحقه ببيان رصين قرأته في الشريط  االسفلي المتحرك للأخبار على القناة الوطنية التونسية قال فيه : إن الجيش الوطني التونسي يستنكر حملة التشكيك في نواياه. فخرست تلك الألسن من يومها. هذا وقد أصدر القاضي فرحات الراجحي بيانا يشرح فيه ملابسات تسجيل التصريحات المسربة على الفيس بوك، واعتذر من الجيش الوطني ورفع له آيات التقدير والاحترام. ونحن إلى اليوم لم نسمع من مؤسسة الجيش بيانا يتعلق بهذا السجال الدائر  في أعلى مستوى. لكن الأكيد أن هناك أطرافا أخرى تدفع نحو هذه المحاكمة وبسرعة

  إن من يطلب رأس القاضي  فرحات الراجحي طرفان على الأقل. أولهما:  الوزير الأول السيد الباجي قائد السبسي. هذا الرجل ربما لم يتحمل أن ينعت بالكذب، وهو الذي يرفع في كل كلمة له شعار: الصدق في القول والإخلاص في العمل. ولم ينجح في رأيي في نفي التهمة عن نفسه، وذلك خاصة عندما علل زيارة وزير الدفاع التونسي مع قائد قوات الجيش التونسي الجنرال رشيد عمار إلى قطر بأسباب اقتصادية؟؟ ولعله رأى أن ما قد لحقه من تكذيب يمس هيبة الدولة، هذا المفهوم الحبيب إلى قلبه، و هو لذلك يستحق العقاب. أما الطرف الثاني الذي يريد رأسه فهم المنتسبون إلى الحزب المنحل الذين فضح القاضي الراجحي نفوذهم وتدخلهم  في شؤون الدولة، وعلى رأسهم السيد كمال اللطيف الذي ذكره وزير الداخلية السابق كمسير محتمل لحكومة ظل في تونس. والطرفان غير قادرين على مواجهته مباشرة ﻷن دعاويهم ضده ستكون خاسرة. لذلك يسعيان لتوظيف حديثه عن الجيش لتوريطه في محاكمة عسكرية: الأول عن طريق تحريك وزارتي  الدفاع والعدل لرفع الحصانة عنه ومن ثم محاكمته . والثاني عن طريق تحريض الجيش البين في تصريحاته


إن هذه الحكومة الانتقالية الوقتية تسللت إلينا في الليل البهيم، كسابقتها أتت بها عاصفة الثورة، ونحن ﻻ نعلم كيف جاءت وﻻ من أين جاءت وﻻ من  جاء بها . وكل ما نعلمه، كما تعلم هي أنها حكومة ﻻ شرعية لها. ولكن العقلاء من التونسيين يرون أن وجودها أفضل من الفراغ الذي ﻻ تحمد عواقبه، ويعللون النفس بسرعة العودة إلى الشرعية ما بعد انتخابات المجلس التأسيسي يوم 24 جويلية 2011... إن الطرف الوحيد الذي يملك الشرعية في تونس،  في هذه الحقبة الحرجة والحساسة من تاريخها، هو مؤسسة الجيش الوطني التونسي. لقد اكتشف المواطن التونسي هذا الكيان في بلده، وما يتمتع به من خصال الوطنية والتعفف والإيمان بقيم الجمهورية. لقد كان الحكم سائبا  أمام عينيه حين فرار الرئيس المخلوع، ولم ينقض عليه، ولو كان فعل، ربما كان سينظر إليه كمخلص البلاد من دولة الفساد

لو قيل لنا، بخصوص زيارة قائد القوات المسلحة الوطنية الجنرال رشيد عمار إلى قطر، إن من دعاه إلى قطر القيادة المركزية الأمريكية في السيلية في قطر، أو يقال لنا لقد تلقى دعوة من قيادة حلف النيتو في بروكسل، أو من أي تكتل عسكري آخر في العالم، فإن الشعب التونسي على قدر من النضج بحيث يعلم أن هذا المسؤول من واجبه أن يستجيب لكل الدعولت، وأن يجلس مع الجميع، وهو على يقين أن هذا الجيش العظيم العتيد سوف يضع مصلحة تونس فوق كل اعتبار لأن زمن الإملاءات والتعليمات قد ولى إلى غير رجعة. إن التكتم يولّد الريبة والخوف، بينما يبعث الوضوح والشفافية الارتياح والثقة... وإن معاقبة القاضي الراجحي عسكريا، في رأيي،  أمر شبيه باستعمال قذيفة دبابة لسحق ذبابة أحدثت طنينا مزعجا، فالقذيفة ستصيب الذبابة ﻻ محالة ولكن ستضرب معها استقرار تونس وأمنها الهش وستهدّ أركانه... وهذا مُنى عين الكائدين والحاسدين... وإن ما ينتظره التونسي اليوم أن تنأى المؤسسة العسكرية بنفسها عن القيل والقال ، وعن مهاترات اﻷنانيين من الرجال، ممن يريدون زجها في عقيم الخصومات والجدال، ﻷن ذلك سيؤدي حتما إلى سوء المآل...  إن الجيش الوطني في عقيدة التوانسة جميعا فوق كل شبهة، وهو الطرف الوحيد الذي يحظى بثقتهم كاملة. وهو، في رأيهم، المظلة التي تحمي هذا الحراك الدائر في تونس على درب الديمقراطية، وهو ﻻ يخلو من تعثر... وهي التي تحمي كل التونسيين دون استثناء




 

1 commentaire: