mercredi 25 janvier 2012

أفتوني في من له وجهان

  هذا مقتطف من بيان حركة النهضة إثر بث الشريط الكرتوني الفرنسي الإيراني "برسبوليس" على قناة نسمة التونسية صدر في 09 اكتوبر2011

      "بسم الله الرحمان الرحيم
لا للإعتداء على عقيدة الشعب.. نعم لحماية المسار السياسي
على إثر بثّ قناة نسمة لشريط كرتوني فيه اعتداء شنيع على الذات الإلهية، و ما تلا ذلك من تداعيات و ردود فعل يهمّ حركة النهضة التأكيد على ما يلي:
1- صدمتها و إدانتها الاعتداء على عقائد الناس و مقدّساتهم.
2- التمييز بين حق التعبير و التفكير و الإبداع - و هي حقوق ناضلت و تناضل الحركة من أجل ترسيخها - و بين التطاول على العقائد و المقدّسات.
3- التنبيه إلى أنّ استفزاز الناس أو إثارة قضايا جانبية من شأنه أن يهدّد السلم الأهلي و وحدة الشعب و تجانسه التاريخي، كما يهدّد المسار السياسي الذي تنتظره كلّ الفئات لتحقيق أهداف الثورة.
4- استغرابها للتوقيت الذي تطرح فيه هذه الاستفزازات وتساؤلها عن مرامي و دواعي أصحابها.
"
وقد دعم هذا الاستنكار الهجمة الشرسة لراشد الغنوشي رئيس الحركة على القناة متهما إياها بنخر جسد المغرب العربي ... وأضاف أتباع الحركة تهما أخرى، منها العمالة وخدمة أجندات صهيونية والتهم التي يلوكها العرب عندما يستهدفون من يخالفهم الرأي ويجاهر بأفكاره الشخصية

شريط  الصور المتحركة الفرنسي الإيراني فيه لقطة تخيلية للذات الإﻻهية لطفلة صغيرة. هذا الشريط عرض في الإمارات العربية، وفي فترة سابقة في قاعات السينما العمومية التونسية، ولم يثر في الشارع ردود فعل من أي نوع، فضلا عن أن بث الشريط مرخص له من قبل وزارة الثقافة... ورغم أن نسبة المشاهدة للشريط ليلة بثه لم تكن مرتفعة، إﻻ أن نسبة  التجييش والتعبئة للاستنكار من قبل حركة النهضة والسلفيين في المساجد كانت عالية، بحيث خرجت المسيرات ورفعت الشعارات المنادية بغلق القناة والنيل من صاحبها...وقد سارع مدير القناة للاعتذار لكل من رأى في الأمر مساسا بمشاعره الدينية ولمن اعتبر هذا التجسيد إهانة للقيم الدينية. لكن الهجمة زادت شراسة واعتدي على بيته  بالحرق والتخريب وعلى القناة، وطالبوا برأسه وبهدر دمه...

وقد لعبت حركة النهضة لعبة قذرة ببيانها المذكور أعلاه وبممارسات قاعدتها، فاستفادت  من هذه الحادثة أيّما استفادة في حملتها الانتخابية للمجلس التأسيسي. وصورت نفسها حامية للدين، مبتزة بذلك مشاعر البسطاء من التونسيين. وقد انبرى 144 محاميا من أتباعها يقاضون القناة لدى المحكمة بتهمة المساس بالدين. وكانت المحصّلة أن حصدت في الانتخابات أصوات كل من صدق زعمها... وانتهى السبب الانتخابي للشحن والتجييش على القناة، بيد أن آثارهما مازالت  متواصلة لدى أتباعها في مسلسل محاكمة قناة نسمة، وآخره ما حدث يوم 23 جانفي 2012، حيث تم الاعتداء جسديا ولفظيا على شخصيات إعلامية وأكاديمية وازنة في المجتمع التونسي، جاؤوا يساندون قناة نسمة وحرية التعبير والتفكير ورفض الوصاية على الدين.

في اعتقادي، وهذا ما يعرفه كل التونسيين، أن تجريم قناة نسمة لن يمر بسلام. فالشعب التونسي الذي سالت دماؤه من أجل الحرية والكرامة لن يقبل خنق الحريات وتكميم الأفواه واللجوء إلى العنف لفرض نوع من الرقابة الذاتية على أصحاب الفكر الحر ولشطر المجتمع التونسي إلى أنصار الإسلام وأعداء الإسلام... والأكيد أن الحكومة بقيادة النهضة تعلم أن هكذا مقاضاة للفكر وصمة في جبينها. فردود الفعل العالمية من قبل مؤسسات حقوقية لم تتأخر بالتعبير عن استنكارها لمحاكمة الرأي والإبداع في تونس ما بعد الثورة... سي حمادي الجبالي أمين عام حركة النهضة سابقا، الذي أصدر  البيان المجيش المذكرور أعلاه،  ورئيس حكومة كل التونسيين المؤقت حاليا، المادّ يديه للدول الأجنبية : يا حنين يا كريم، وجد نفسه  في ورطة. البلد على كف عفريت اعتصامات ومطالبات  وصدامات وقطع طرقات... وينضاف إليها قضية نسمة ووجع رأس من الأقربين والأبعدين. فكيف الحلّ..؟؟؟ 

الحل، بتوفيق الله، بسيط  اهتدت إليه حركة النهضة من زمـــــــــان، وهو الخطاب المزدوج: ﻷنصارها تقول كلاما، هو مخ عقيدتها، وهوالصحيح، وتسوّق  كلاما للخارج، حتى تبدو في مظهر الحركة المدنية، ثم يذهب أدراج الريح. وﻻ أدل على ذلك من تصريح سمير ديلو صاحب اختصاص "التطمين" في الحركة، يدلي بدلوه في قضية نسمة، ويقول: من لم تعجبه قناة نسمة يفتح قناة أخرى...  الحل عادي وبسيط،  بعد ما صار في البلاد وما أصاب من سوء العباد..!!! وذهبت الحركة إلى أبعد من ذلك، فنشرت يوم الجلسة 23 جانفي بيانا هاك نصّه ( لقراءة الوثيقة أنقر هنا ) .المقارن بين النصين الأول المدين المجيش، والثاني المهادن، الذي نسيت فيه النهضة الغيرة على العقيدة من أجل أن تستتب لها أوضاع الحكم، يتبين له حجم المتاجرة بالدين...
فياعرب، يا إسلام، يا عالم، أفتوني في من له وجهان وله خطابان. ملعون هو في الكتب. فكيف يرجى منه  صلاح أو نجاح أو فلاح...؟؟؟؟  

Aucun commentaire:

Enregistrer un commentaire