samedi 8 octobre 2011

الفسيفساء التونسية

 إن الفسيفساء إبداع يروي قدرا هاما من تاريخ تونس ومن عبقرية أهلها على مرالعصور، نرى لوحات منها رائعة في متاحف تونس المختلفة، وفي مواقعها الأثرية الأصلية، في دقّة وفي قرطاج وفي الجم وفي مكثر وفي سبيطلة وفي كركوان إلخ... والفسيفساء حرفة تعيش من إيرادها عائلات تونسية كثيرة، إضافة إلى كونها تمثّل أفقا من آفاق التشغيل في تونس... وقد استعملت مجازا في الثقافة والعادات والتقاليد وفي العمل السياسي... وهي برأيي، في كل الأحوال رمز للتنوع والثراء والغنى... وﻻخوف علينا من الفسيفساء، من مجلس تأسيسي يكون فسيفساء، بل أكاد أجزم أنّ تمثيلا فسيفسائيّا أفضل من تغوّل الأحزاب، ولكم نموذج من تغوّل الأحزاب في الديمقراطية الأمريكية، ولأن الفسيفساء يحكمها، بالضرورة وفي النهاية، منطق التوافق والانسجام.

  وليس كل حجر بصالح ليكون جزءا من نسيج الفسيفساء... فالشعب التونسي بذكائه  ووعيه وبفطرته وحسّه وذوقه قادر على الفرز، فرز الحجيرات ذات الجدوى في نحت حاضر تونس وغدها المشرق... بين يدي الشعب التونسي ما يناهز 11 ألف حجر، يتنافسون على الدخول في تركيبة المجلس الوطني التأسيسي، سيفرز منها 218 حجرا، هوعدد المقاعد التي تكتمل بها لوحة هذا المجلس. ومعايير الفرز والاختيار في هذه اللحظة التاريخية ينبغي أن تكون دقيقة لأننا في فترة ﻻ يسمح لنا فيها بالخطأ...  والمعايير الوجيهة والمناسبة لهذه المهمّة، في نظري، هي الكفاءة ، ثم الكفاءة، ثم الكفاءة في تحمل مسؤولية هذه المرحلة، حتي يركّب هذا الشعب مشهدا رائعا يسر الحبيب ويغيض العدو...إنّ الشعب التونسي شعب خلاّق يستطيع أن يطوّع كل شيء لخدمته، حتي الفسيفساء، وهو قادر على أن ينحت نموذجه في الديمقراطية، النابع من خصوصيته...

هذه الانتخابات هي فرض عين، واجب على كل تونسي أداؤه، وعلى أحسن وجه... فالمطلوب منه أن يكون في مستوى مسؤولياته تجاه مواطنيه ووطنه، فينبذ الحجيرات القميئة إلى مكبّ التاريخ، ويفشل الطمّاعين والكائدين في الداخل والخارج... ومسؤوليته عظيمة أيضا تجاه أشقائه العرب الذين يتطلعون إلى ثورته ويستنيرون بقبسها... وتجاه العالم الحرّ الذي أبهرته خصوصية هذه الثورة المباركة، وهو ينتظر قطافها... وتجاه التاريخ الذي باغته شعب تونس بنموذج فى الثورات لم تعرفه البشرية، ﻻ زعامة فيه وﻻ إيديولوجيا، وباغت العالم بثورة ﻻ شرقية وﻻ غربية، ثورة تونسية شبابية سلمية من أجل الكرامة سُطّرت ملحمتها بحروف من دم الشهادة... وأقول: الخير كل الخير في من سيختارهم التونسيون لتمثيلهم في المجلس التـاسيسي، مهما كانت انتماءاتهم، وﻻ يُزايدنّ أحد على وطنيّتهم، بعضهم أو جميعهم، من داخل المجلس المنتخب أو من خارجه. 

1 commentaire: